مرت عشر سنوات على مقتل الصحفية الأمريكية ماري كولفين، من صحيفة “صنداي تايمز” في حي بابا عمرو بمدينة حمص السورية.
قُتلت كولفين، في 22 من شباط 2012، مع المصور الفرنسي ريمي أوشليك، بقصف لقوات النظام في حي بابا عمرو، الذي كان في ذلك الحين أحد معاقل المعارضة.
كما أُصيب المصور البريطاني بول كونروي، والصحفية الفرنسية إديت بوفييه، والناشط الإعلامي السوري وائل العمر في القصف نفسه.
ما الذي حصل؟
كان المصور بول كونروي برفقة ماري كولفين عندما استُهدف المركز الإعلامي المؤقت الذي كانا فيه بهجوم صاروخي من قبل قوات النظام، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة.
خاطر كل من كونروي وكولفين بدخول منطقة بابا عمرو المحاصرة في حمص للمرة الثانية على الرغم من تقديم نسخ وصور بالفعل لصحيفة “صنداي تايمز”، وقررا أنهما لا يستطيعان “التخلي” عن المدنيين غير القادرين على الفرار.
وشاركت كولفين في البث المباشر لإذاعة “BBC” البريطانية و”القناة الرابعة الإخبارية” وقناة “CNN” في تلك الليلة، الأمر الذي مكّن النظام السوري في النهاية من تحديد موقعها واستهداف المبنى الذي كانت تقيم فيه.
وفي عام 2019، أُدينت حكومة النظام السوري بقتل كولفين عمدًا في “قتل خارج نطاق القضاء” من قبل محكمة أمريكية، وأمرت بدفع 302 مليون دولار كتعويض لعائلة كولفين، ومع ذلك، لم يُعاقَب أحد حتى الآن على قتلها.
الشرق الأوسط من أول اهتماماتها
بدأت كولفين كتابة التقارير عن منطقة الشرق الأوسط لصحيفة “صنداي تايمز” في عام 1986، قبل أن تصبح مراسلة الشؤون الخارجية للصحيفة في عام 1995.
وكانت أول من أجرى مقابلة مع الرئيس الليبي السابق، معمر القذافي، بعد قصف الولايات المتحدة ليبيا في عام 1999، وكانت تمتلك موهبة لا مثيل لها في مجال التغطية الصحفية من مناطق الحروب في جميع أنحاء العالم.
كانت كولفين تتحدث عن كارثة إنسانية سرية في شمال سريلانكا في عام 2001 لصحيفة “صنداي تايمز”، عندما تعرضت للهجوم وهي تحاول الدخول مرة أخرى إلى جنوبي البلاد، وفقدت عينها جراء إصابتها بشظية، وقالت إنها متأكدة بأنها “استُهدفت عمدًا من قبل الجنود”.
ومنحت صحيفة “Press Gazette” جائزة سنوية باسم جائزة “ماري كولفين لصحفي العام”، فازت بها الصحفية روخانا ميديا لعام 2022.
شقّت طريقها في بلدان النزاعات
قال محرر “التايمز” جون ويذرو، الذي كان سابقًا محررًا في صحيفة “صنداي تايمز”، لـ”Press Gazette“، “كانت ماري شغوفة ومرحة وغريبة، أتت إلى صحيفة (صنداي تايمز) من (يونايتد برس إنترناشونال) من قبل ديفيد بلوندي، المراسل الأجنبي الذي قُتل هو نفسه في السلفادور في عام 1989”.
تابع ويذرو، “لقد كان القذافي مفتونًا بأمريكية براقة تعمل في صحيفة بريطانية، وشقّت طريقها عبر الشرق الأوسط وجنوب آسيا من الجزائر العاصمة إلى كابل، على الرغم من أنها كانت تحب الحياة وكانت مصممة على الاستمتاع، فإن الجدّية المطلقة كانت في الأساس بدورها في نقل القصة التي يمكن أن تكشف عن معاناة الضحايا الأبرياء من الدكتاتوريين الذين لا يوجد قلب لهم”.
وأضاف ويذرو، “نحن نعرف القليل جدًا عما يحدث في سوريا لأن المراسلين لا يدخلون، قد تحدث أشياء مروعة ولا يتم الإبلاغ عنها بسبب النزاع”.
وقالت محررة القناة الدولية في القناة الرابعة، وهي صديقة مقرّبة لكولفين، ليندسي هيلسوم، للصحيفة، “كانت ماري صحفية لا يمكن استبدالها، لكن ما يشجعني هو عدد الصحفيين الشباب الذين ألتقي معهم والذين يريدون أن يسيروا على خطاها”.
رد الأسد على مقتل كولفين
علّق رئيس النظام السوري، بشار الأسد، عند سؤاله عن الحادثة في مقابلة باللغة الإنجليزية على قناة “NBC” عام 2016، قائلًا، “كانت تعمل مع الإرهابيين، ولأنها جاءت بشكل غير قانوني، فإنها مسؤولة عن كل ما أصابها“.
ووثّقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في تقرير أصدرته في أيار عام 2021، مقتل أكثر من 709 من الصحفيين والعاملين في مجال الصحافة والإعلام، قُتلوا منذ بدء الاحتجاجات في سوريا عام 2011، 52 من بينهم قُتلوا تحت التعذيب.
وبحسب تقرير صادر عن “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، أحد شركاء منظمة “مراسلون بلا حدود”، أودت الحرب الأهلية في سوريا بحياة أكثر من 700 صحفي بين عامي 2011 و2021.
وتحتل سوريا المرتبة رقم 173 من أصل 180 بلدًا على جدول “التصنيف العالمي لحرية الصحافة”، الذي نشرته “مراسلون بلا حدود” لعام 2021.
ودعت منظمة “مراسلون بلا حدود” اليوم، الثلاثاء 22 من شباط، السلطات القضائية الفرنسية إلى استكمال تحقيقها في قصف قوات النظام السوري مركزًا إعلاميًا بمدينة حمص، أودى بحياة المصور الفرنسي ريمي أوشليك والمراسلة الأمريكية ماري كولفين.
وأصدرت المنظمة بيانًا في الذكرى العاشرة لمقتلهما، قالت فيه إن السلطات الفرنسية لم توجه أي اتهامات رسمية بعد، رغم مرور عقد كامل على ما وصفته بـ”جريمة الحرب“.
–