الشمال يصرخ في وجه “دراكولا” الكهرباء

  • 2022/02/20
  • 9:40 ص

عامل في "الشركة السورية- التركية للكهرباء" يقوم بإصلاح أحد خطوط الكهرباء في مدينة عفرين" (STE)

زينب مصري | حسن إبراهيم | مهند حمود

ازدادت وتيرة الاحتجاجات التي شهدتها مدن وبلدت ريف حلب الشمالي والشرقي، الرافضة لسياسة شركات الكهرباء والمجالس المحلية العاملة في المنطقة.

المتظاهرون انتقدوا في احتجاجاتهم شركات الكهرباء والمجالس المحلية، واتهموها بـ”الفساد”، وبغياب الشفافية والتنسيق والتواطؤ على الأهالي، ووجود مصالح مشتركة.

وكشفت محاولات احتواء الاحتجاج الشعبي عن خلل وضعف دراية وتنسيق في تعاقدات المجالس المحلية مع شركات الكهرباء، وعدم قدرة المجالس على ضبط عمل الشركات الكهرباء، وظهر التخبط في ردود فعل متباينة، بينها طلب رفع دعاوى قضائية أو إلغاء العقود، ووصل الأمر إلى إعلان استقالات في بعض الأحيان.

ردود الفعل والتأخر في الاستجابة لمطالب الأهالي وغياب التوضيحات، فتحت الباب واسعًا أمام العديد من الأسئلة، حول من يدير عمل شركات الكهرباء ومن يضبطها، وما تبعيتها، ولماذا غابت التوضيحات الوافية من المجالس المحلية.

في هذا التحقيق، حاولت عنب بلدي تتبّع أسباب عدم قدرة المجالس المحلية في ريف حلب على ضبط عمل شركات الكهرباء، والتثبت من ملكية هذه الشركات ومن يديرها، وطبيعة التعاقدات، مع أسباب توجيه اتهامات بالفساد في هذا القطاع الحيوي.

الكهرباء تُعرّي العلاقات بين المجالس المحلية والشركات بريف حلب

بدأت احتجاجات الكهرباء منذ كانون الأول 2021، في أرياف حلب الواقعة تحت سيطرة “الحكومة المؤقتة”، والتي تديرها إداريًا وخدميًا مجالس محلية مدعومة مباشرة من الحكومة التركية.

عاملون في “الشركة السورية- التركية للكهرباء” (STE)

وجاءت الاحتجاجات ردًا على رفع شركات الكهرباء السعر على شريحة المستهلك المنزلي والتجاري والصناعي، بحجة ارتفاع الكهرباء من المصدر التركي، ليرتفع سقف مطالب الأهالي بعد قطع التيار بحجة الصيانة والتقنين، إلى رفض سياسة الشركات والمجالس المحلية.

المظاهرات تكررت بشكل يومي، وتركزت في الساحات العامة وأمام المجالس المحلية وشركات الكهرباء، لتتحول إلى “خيام ثورية”، ومظاهرات ليلية، ودخول لساحات شركات الكهرباء، مع وعود بالتصعيد.

وخرجت بعض الأصوات التي اتهمت المجالس المحلية وشركات الكهرباء بالفساد والتآمر على الأهالي، والتنسيق المشترك للحصول على أرباح أكثر، وسط تخبط قرارات وتباينها من قبل المجالس والشركات.

الأهالي طالبوا المجالس والشركات بتخفيض سعر الكهرباء، والالتزام بالعقد المبرم بينهما، وهو تحديد سعر الكيلوواط بموجب العقد بـ85 قرشًا للاستهلاك المنزلي، وعدم قطع التيار الكهربائي، وتقديم توضيحات لأي خلل.

غياب الشفافية والعمل المؤسسي

تعاطي المجالس وشركات الكهرباء مع الاحتجاجات كشف عن غياب آلية واضحة لتحديد الأسعار، وانعدام في الشفافية، إذ لا تقدم الشركات البيانات والتصريحات الرسمية المعتادة في قطاع الأعمال والاستثمار الاقتصادي، خصوصًا ما يمس الشأن العام، كما لا تتوفر وسائل التواصل المناسبة والضرورية مع الأهالي.

الشركات حمّلت المصدر التركي مسؤولية رفع السعر، وقطعت التيار ساعات عقب المظاهرات بحجتي الصيانة والتقنين، الأمر الذي انعكس في حراك الشارع، إذ اعتاد الأهالي توفير الكهرباء على مدار اليوم.

ومع استمرار الاحتجاجات منذ ثلاثة أشهر، غابت التقارير التوضيحية الوافية للشركات، وخاصة الشركتين الأساسيتين المزودتين للكهرباء والمرخصتين في تركيا، وهما “Ak Energy” و”السورية- التركية” (STE).

وبقيت آليات وضع المستفيدين بصورة الأعطال أو الانقطاعات دون المستوى المعتاد في عمل الشركات، وكل ما جرى تداوله أو مشاركة الجمهور حوله ينحصر في منشورات حول التوسع واللقاءات، وبعض الخدمات، أو تقديم بعض إداريّي هذه الشركات تصريحات حول أسباب رفع الأسعار، دون شرح وافٍ يلبي مطالب الناس.

كما غيرت الشركات أسعارها عدة مرات تزامنًا مع المظاهرات، وتباينت الأسعار باختلاف المناطق، ما فتح الباب واسعًا أمام الاتهامات العديدة التي طالت الشركات، بـ”الاحتكار والفساد والاستغلال”، وتناقل المتظاهرون كلمة “دراكولا الشمال”، للدلالة على استغلال شركات الكهرباء في المنطقة.

وأوضحت الشركات بداية المظاهرات أنها أوقفت قرار رفع الأسعار حتى يتم التنسيق والتعاون مع المجالس المحلية، وخفّضت الأسعار بشكل طفيف، وعقدت العديد من الاجتماعات، لكن الأسعار الجديدة لم تكن مُرضية للأهالي.

مبنى شركة الكهرباء AK energy في مدينة اعزاز شمالي سوريا- 5 من آب 2021 (عنب بلدي وليد عثمان)

تخبطات “المحلية” تزيد الطين بلة

في خضمّ هذه الأزمة، تباينت قرارات المجالس المحلية في أرياف حلب، بخصوص مظاهرات الكهرباء، فبعضها نفى التعاون والتنسيق مع الشركات، وبعضها وعد بوقوفه إلى جانب الأهالي، ومنها رفع دعوى قضائية ضد الشركة، ومنها تنازل عن هامش الربح المتاح له.

القرارات المختلفة التي اتخذتها المجالس، زادت الشرخ وفاقمت المشكلة، بحسب ما رصدته عنب بلدي.

مسؤول المكتب الإعلامي بالمجلس المحلي لمدينة صوران بريف حلب الشمالي، أحمد المحمد، أوضح لعنب بلدي، أن أسباب الفجوة والشرخ الحاصل بين شركة الكهرباء والمجلس المحلي في المدينة، هو رفع الشركة سعر الكيلوواط الساعي إلى ضعف ما كان عليه.

وفي مارع بريف حلب الشمالي، أصدر المجلس المحلي بيانًا أوضح فيه أن شركة الكهرباء خالفت الاتفاق ورفعت السعر، دون تنسيق معه، وأكد وقوفه إلى جانب مطالب الناس في المدينة.

وأعلن أنه سيتخذ الإجراءات القانونية لإلزام شركة الكهرباء باحترام بنود العقد، ليعلن أعضاء المجلس في مارع استقالتهم من المجلس، في 13 من كانون الثاني الماضي، بعد الاتهامات التي طالتهم من سكان المنطقة، على خلفية رفع أسعار الكهرباء.

من جهته، تقدّم المجلس المحلي في مدينة بزاعة بريف حلب الشرقي بدعوى قضائية ضد شركة الكهرباء العاملة في المدينة، بسبب قطع الشركة التيار الكهربائي بحجة التقنين، والتأخير بتركيب عدادات للمشتركين بحجة عدم وجود مواد، وعدم فتح باب التسجيل لاشتراكات جديدة.

وطالب المجلس باتخاذ الإجراءات القانونية بحق الشركة، نتيجة ما وصفها بالتجاوزات، بحسب بيان صادر في 30 من كانون الثاني الماضي.

أما المجلس المحلي في اعزاز فرفض، في 28 من كانون الأول 2021، قرار شركة الكهرباء تحديد مصروف المنزل بـ300 كيلوواط في الشهر، بسعر ليرة واحدة، وفي حال الزيادة على 300 كيلوواط شهريًا يتم تعبئة الكيلو الواحد بسعر ليرة ونصف.

كما طلب المجلس من المشتركين مراجعة شركة الكهرباء لاسترداد مبلغ 40 دولارًا أمريكيًا، قيمة العداد الكهربائي الذي أخذته الشركة من كل مشترك تقدم باشتراكه، بدءًا من تاريخ 1 من كانون الأول 2021.

وفي 10 من كانون الثاني الماضي، أعلن المجلس أن حصته من أرباح شركة الكهرباء تبلغ نحو 4%، ولا تتجاوز إيراداته من الشركة 40 ألف ليرة تركية شهريًا، بينما يدفع المجلس رسوم استجرار الكهرباء للطرقات والمساجد والأفران والمرافق التابعة له نحو 100 ألف ليرة تركية شهريًا.

وأصدر المجلس المحلي في صوران بيانًا أوضح فيه أن شركة الكهرباء خالفت الاتفاق ورفعت سعر الكهرباء، دون تنسيق مع المجلس، وأكد وقوفه إلى جانب مطالب الناس في البلدة، وأنه سيتخذ الإجراءات القانونية لإلزام شركة الكهرباء باحترام بنود العقد.

وفي كانون الثاني الماضي، ومن خلال تسجيل صوتي، قال رئيس المجلس في صوران، إن المجلس تنازل عن نسبة الأرباح الخاصة بالمجلس، بعد الاجتماع مع شركات الكهرباء والمجالس المحلية في المنطقة.

وبيّن مسؤول المكتب الإعلامي بالمجلس المحلي لمدينة صوران، لعنب بلدي، أن المجلس المحلي في صوران اتبع عدة خطوات، منها إصدار قرار بإلغاء مبلغ 20 ليرة تركية، كان يتقاضاها بالشهر تحت اسم رسوم خدمات (مياه ونظافة)، وكانت شركة الكهرباء هي من تُحصل هذه الرسوم من السكان في أثناء شحن بطاقات الكهرباء.

وأكد أن المجلس يسعى لتخفيض سعر الكهرباء، ليتناسب مع متوسط دخل الفرد في المنطقة، وكان للمجلس نسبة من إيرادات شركة الكهرباء، استغنى المجلس عنها أيضًا.

عقود لا تُرضي الأهالي

لم يقتصر اتخاذ القرارات المختلفة على المجالس المحلية فقط، إنما ظهرت عقود مختلفة الأسعار من منطقة لأخرى بين الشركات والمجالس.

وحددت “الشركة السورية- التركية للطاقة الكهربائية” (STE)، في 12 من كانون الثاني الماضي، سعر الكهرباء للمشتركين في مدينة عفرين وريفها بمناطق راجو، وجنديرس، ومعبطلي، وشران، وشيخ الحديد.

وبلغ سعر الكهرباء للشريحة الأولى من المواطنين، التي تشمل المشتركين السكنيين الذين يستخدمون 100 كيلوواط شهريًا أو أقل، 1.15 ليرة تركية للكيلوواط الواحد.

وحددت السعر للشريحة الثانية، التي تشمل المشتركين السكنيين الذين يستخدمون أكثر من 100 كيلوواط شهريًا، بـ2.30 ليرة تركية للكيلوواط الواحد.

وتشمل الشريحة الثالثة المشتركين التجاريين والصناعيين، وبلغ سعر الكهرباء لها 2.50 ليرة تركية للكيلوواط الواحد.

وأعلنت شركة الكهرباء “Ak Energy”، في 11 من شباط الحالي، تحديد سعر الكيلوواط المنزلي بـ1.85 ليرة تركية، وقيمة الشحن التجاري والصناعي بسعر ثلاث ليرات تركية للكيلوواط، في مدن اعزاز والباب وجرابلس والغندورة.

جاء الاتفاق بعد أن أغلق مقاتلون في لواء “عاصفة الشمال” التابع لـ”الجيش الوطني السوري”، مبنى شركة الكهرباء العاملة في مدينة اعزاز، وجاء الإغلاق بعد توقيف عمل موظفي الشركة، في 10 من شباط الحالي.

سبب الإغلاق هو امتناع شركة الكهرباء عن الاستجابة للإنذارات الموجهة لها من قبل المجلس المحلي للمدينة.

العقود المتباينة من منطقة لأخرى عمّقت المشكلة، وزادت المظاهرات، والاتهامات، والأصوات المناهضة، ولاقت ردود فعل أكثر حدة من قبل الأهالي.

واعتبر الأهالي أن هذه العقود خلقت نوعًا من التفرقة بين المناطق، وأظهرت الشركات والمجالس بصورة “اللامبالي” تجاه مطالب الناس.

كما اعتبرت غرفة التجارة والصناعة في مدينة الباب أن قرارات شركة الكهرباء “Ak Energy”، المتعلقة بالتسعيرة الجديدة للكهرباء الصناعية والتجارية، “مجحفة وغير عادلة”.

وقال بيان صادر عن الغرفة، في 12 من شباط الحالي، إن التسعيرة الجديدة تؤثر سلبًا على الواقع الصناعي والتجاري في المنطقة، وهذا من شأنه التسبب في موجة غلاء جديدة على البضائع.

وأضاف أن غرفة التجارة والصناعة، ومن خلال الاجتماعات المتكررة مع الشركة، وبحضور العديد من التجار والصناعيين، وجدت أن شركة الكهرباء لم تراعِ مطالب التجار والصناعيين المتكررة، بدءًا من تخفيض التسعيرة، إلى توفير الخدمات والتسهيلات لهم.

عاملون في “الشركة السورية- التركية للكهرباء” (STE)

من يديرهما؟

شركتان تمدان أرياف حلب بالكهرباء التركية

منذ سيطرة فصائل المعارضة السورية على الشمال السوري، توقفت حكومة النظام عن إمداد المنطقة بالكهرباء والخدمات الأخرى، ما دفع السكان إلى البحث عن بدائل، منها الاشتراك في مولدات، أو امتلاك المولدات الخاصة، أو اعتماد البطاريات واللجوء إلى ألواح الطاقة الشمسية، حتى عادت التغذية الكهربائية للمنطقة من الجارة التركية.

وشهد قطاع الكهرباء في ريفي حلب الشمالي والشرقي دخول شركات استثمارية، بعقود موقعة مع المجالس المحلية التي تدير هذه الأرياف بدعم تركي، لإيصال التيار الكهربائي إلى المنطقة، منذ مطلع 2018.

في عام 2019، أبرمت شركة “الشمال” العاملة في مارع عقدًا مع المجلس المحلي في المدينة، لشراء جميع تجهيزات المحطة الكهربائية بهدف إيصال التيار الكهربائي لها.

وفي نيسان من العام ذاته، دخلت “الشركة السورية- التركية للكهرباء” (STE) إلى ريف حلب الشمالي بعقد استثماري، لتوصيل الكهرباء إلى مدينة صوران والقرى التابعة لها.

قبل ذلك، شهدت مدينة اعزاز، في 2018، مشروعًا لإيصال الطاقة الكهرباء بين المجلس المحلي وشركة “Ak Energy”، لتغذية المدينة باستطاعة 30 ميجاواطًا، مقابل توفير الأرض والمواد الأولية اللازمة للمضي في المشروع.

شركة “Ak Energy”

تُعرّف شركة “Ak Energy” عن نفسها عبر موقعها الإلكتروني، أنها الشركة الأولى في المنطقة التي تميزت بامتلاك جميع الرخص للقيام بتوليد الطاقة الكهربائية، والتوزيع والتزويد إلى المشتركين في مناطق الشمال السوري، وفقًا للترخيص الممنوح لها من قبل الحكومة التركية والمجالس المحلية.

بدأت الشركة أعمالها في 1 من حزيران 2017، وفقًا للترخيص رقم “9123455” الممنوح من غرفة الصناعة والتجارة في ولاية غازي عينتاب التركية، بحسب الموقع.

ويقول الموقع، إن “Ak Energy” شركة “رائدة في مشاريع الطاقة من الدرجة الأولى بين سوريا وتركيا، ضاعفت نفوذها على أساس سنوي منذ تأسيسها وحتى الآن، مع تضخم أعداد موظفيها وفقًا لذلك”.

وبحسب صفحتها في “فيس بوك”، فإن الشركة تركية خاصة، مرخصة وفق قانون العمل التركي، تعمل في مجال توزيع وتوليد الطاقة الكهربائية.

تمد الشركة مناطق اعزاز والباب والراعي وبزاعة وقباسين وجرابلس وتل أبيض بالتيار الكهربائي.

للوقوف على تفاصيل ملكية الشركة وجنسيتها، وتفاصيل استثمار سوريين فيها، وحصة المجالس المحلية العاملة في الشمال السوري، تواصلت عنب بلدي مع المكتب الإعلامي في الشركة، لكنه اعتذر عن عدم الإجابة.

ينتهي الموقع الإلكتروني للشركة باللاحقة “com.tr”، التي تؤكد تسجيل بيانات الشركة في تركيا، ومن خلال البحث عن “النطاق” (الدومين) يتبيّن أن الشركة مسجلة في ولاية كلّس التركية جنوبي البلاد.

البحث في موقع “اتحاد الغرف وبورصات السلع في تركيا” عن شركة “AK Energy”، يظهر اسمها الكامل “AK ENERGY ELEKTRİK ENERJİSİ TEDARİK TOPTAN SATIŞ LİMİTED ŞİRKETİ”، ويؤكد تسجيلها في ولاية كلّس برقم التسجيل “4599”، لكن الموقع الإلكتروني للشركة يُظهر أن موقعها في ولاية غازي عينتاب التركية.

وتختلف الشركة التي تمد الشمال السوري بالكهرباء عن الشركة التركية “AKENERJİ” التركية، التي بدأت أنشطتها كمجموعة إنتاج آلي في مجموعة شركات “Akkök” في عام 1989، وتواصل وجودها في القطاع كشركة مستقلة لتوليد الكهرباء منذ عام 2005، لكنها تحمل اسمًا مشابهًا للشركة التركية.

لمن تعود ملكيتها؟

يعود 31% من أسهم الشركة إلى شخص يدعى خليل محمد إبراهيم، أما الأسهم الأخرى فيمتلكها حسن تتر بنسبة 25%، ورجب شوبان بنسبة 20%، وياسين يوجيل بنسبة 24%، بحسب تقرير لموقع “Paramevzu” التركي، نُشر في 8 من شباط الحالي.

لم يذكر التقرير جنسيات المالكين للشركة التي أُسّست في ولاية كلّس عام 2018، لكنه يشير إلى أن رأسمالها الحالي مليونا ليرة تركية.

وقال التقرير، إن الاحتجاجات الأخيرة شمالي سوريا على انقطاع التيار الكهربائي واجهت شركة “AKENERJİ” التركية بوجود شركة تعمل باسم قريب جدًا من اسمها في المنطقة.

وأضاف أن الشركة التركية (AKENERJİ) صرّحت لـ”منصة الإفصاح العام” (KAP)، وهي نظام إلكتروني يتم من خلاله إرسال الإخطارات المطلوب الكشف عنها للجمهور، وفقًا لتشريعات سوق المال والصرف وإعلانها للجمهور بالتوقيع الإلكتروني، بعدم وجود أي نشاط لها في المنطقة، وبعدم وجود أي صلة لها مع الشركة العاملة في الشمال السوري.

كما أعلنت الشركة التركية البدء بإجراءات قانونية بحق الشركة العاملة في الشمال السوري، مع طلب إصدار أمر قضائي مؤقت من أجل كشف ومنع ووقف التعدي على العلامة التجارية والمنافسة غير المشروعة، وإلغاء تسجيل الاسم التجاري، ومنع نقل الملكية إلى أطراف ثالثة.

تمتلك الشركة رخصة توريد للطاقة “Tedarik Lisansı”، بحسب “هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية” (EPDK).

وأفاد موقع “Enerjigunlugu” التركي، في 11 من تموز 2019، بأن الهيئة منحت شركة “Ak Energy” رخصة توريد لمدة 20 عامًا.

وفي أيلول 2021، تقدمت الشركة العاملة في الشمال السوري إلى الهيئة بطلب لتعديل ترخيص لتخصيص قدرة قصوى تبلغ 60 ميجاواطًا، من أجل تصدير الطاقة الكهربائية إلى سوريا، وفق ما أعلنته الهيئة عبر موقعها الرسمي.

وورد في بيان الهيئة أنه يمكن للشركة التقدم إلى الهيئة حتى 11 من تشرين الأول، وفق الإجراءات التي تقتضيها أحكام التشريعات ذات الصلة، من أجل تصدير الطاقة الكهربائية إلى سوريا، باستخدام خط الربط الحالي بين منطقة إلبيلي في ولاية كلّس وشوبان بي (الراعي) في سوريا.

“الشركة السورية- التركية للطاقة الكهربائية” (STE)

تعرّف الشركة عن نفسها عبر موقعها الإلكتروني بأنها “شركة سورية- تركية تعمل في مجال إمداد الطاقة الكهربائية من الدولة التركية إلى المنطقة الآمنة في الشمال المحرر من سوريا”.

بدأت الشركة عملها في الشمال السوري بشكل منظم بتوقيع عقد مع المجلس المحلي لصوران، في 6 من نيسان 2019، بعد أن تركزت أعمالها سابقًا على موضوع “الأمبيرات” فقط.

وحينها، بلغ سعر الكيلوواط 85 قرشًا، وكان المشترك يدفع 400 ليرة تركية كضمان أولي، ويخيّر في طريقة دفعها سواء بشكل كامل أو بالتقسيط (كل شهر 100 ليرة).

تمد الشركة، ومقرها عفرين، مناطق عفرين وريفها وصوران وأخترين بالطاقة الكهربائية، وتستهدف الشريحة المنزلية والتجارية والصناعية.

القائمون على الشركة رجال أعمال وأصحاب شركات إنترنت ومقاولات، بينهم مؤيد علي حميدي وضياء مصطفى قدور ومحمود أحمد قدور.

“STE” اختصار للاسم الكامل للشركة (STE Elektrik Enerjisi Tedarik Toptan Satış İthalat İhracat Limited Şirketi)، ويعني “شركة توريد الطاقة الكهربائية بالجملة والاستيراد والتصدير المحدودة”.

تمتلك الشركة رخصة توريد للطاقة “Tedarik Lisansı”، وتصدّر الكهرباء إلى الشمال السوري بطريقة تغذية المنطقة المعزولة عبر خط نقل الكهرباء بين مدينة الريحانية في ولاية هاتاي جنوبي تركيا ومدينة عفرين شمالي حلب السورية.

وأوضح بيان للهيئة، في 16 من تموز 2021، أن شركة “STE” تقدمت بطلب من أجل زيادة الكهرباء المصدّرة إلى سوريا من 20 ميجاواطًا حتى 30 ميجاواطًا.

وبحسب موقع “Enerjigunlugu” التركي، في 15 من كانون الأول 2019، منحت “هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية” شركة “STE” رخصة توريد لمدة 20 عامًا.

للوقوف على تفاصيل جنسية شركة “STE” ومالكيها، تواصلت عنب بلدي مع المكتب الإعلامي للشركة الذي أكّد بدوره أن الشركة مشتركة (سورية- تركية)، تعمل بعقد استثمار لمدة عشر سنوات.

وحول نفي بعض المجالس المحلية التنسيق معها بخصوص رفع الأسعار، قال المكتب الإعلامي، إن الشركة ملتزمة بالعقود التي تم التوقيع عليها مع المجالس المحلية العاملة في الشمال السوري وجميع الملحقات.

وأشار إلى وجود مكاتب شكاوى مع وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة التي يتم الإبلاغ عن طريقها للفرق لمتابعة كل الأمور، ووجود غرف مخصصة للتنسيق بين جميع القطاعات والورشات.

 “الشمال”.. شركة لا شركة

لا تتوفر معلومات وافية حول شركة “الشمال” العاملة في الشمال السوري، لكن صفحتها على “فيس بوك” تعرّفها على أنها شركة لتوزيع الطاقة الكهربائية، واسمها باللغة التركية “Al Şamal Elektrik Şirketi”.

بحسب المعلومات في صفحتها على “فيس بوك”، تغذي الشركة مدينة مارع بالتيار الكهربائي، وفي 6 من شباط 2021، وقعت  بروتوكول تعاون مع شركة “Ak Energy”، وبناء على ذلك خفضت سعر الكهرباء للكيلوواط المنزلي إلى 86 قرشًا حينها.

حاولت عنب بلدي الاتصال بالشركة من خلال رقم هاتف وُضع على صفحتها في “فيس بوك” دون أن يجيب أحد من طرفها، أُرسلت بعدها رسالة على نفس الرقم فتلقت عنب بلدي ردًّا من أحد الأشخاص بأنه مشغول بمناسبة خاصة، وأنه سيرد لاحقًا، دون أن يعاود الرد.

ولا يتوفر موقع إلكتروني للشركة.

ما رؤية الأهالي للخلاف؟

  مواجهة شركات “محتكرة” ومجالس “ضعيفة”

لم تمر قرارات شركتي الكهرباء الرئيستين، والارتفاعات المستمرة في الأسعار، دون رد فعل شعبي، إذ عمّت الاحتجاجات الباب واعزاز ومارع وصوران، وغيرها من مدن وبلدات ريفي حلب الشمالي والشرقي.

الشركة هي المسؤول الأول

بعض من سكان مدينة الباب الذين استطلعت عنب بلدي آراءهم، أجمعوا على تحميل المسؤولية لشركة الكهرباء “المحتكرة”، وللمجلس المحلي الذي وصفوه بالضعيف في تمثيله للمواطنين وتفاوضه مع الشركة.

وقال معتز ناصر، وهو مدوّن من مدينة حلب، لعنب بلدي، إن المشكلة موجودة أصلًا في طريقة التعاقد مع شركة الكهرباء، إذ تعاقد معها مجلس غير منتخَب، في مناقصة وعقود غير معلَنة، ما تسبب باحتكارها للخدمة، وحتى مخالفتها للوعود التي قطعتها.

كذلك اعتبر المواطن من مدينة الباب نعيم لومان، أن سبب المشكلة هو وجود شركة احتكارية وحيدة هي المتحكم الوحيد بملف الكهرباء، مع غياب منافس حقيقي استثماري لهذه الشركة.

أما المواطن أحمد الجبلي، فحمّل المسؤولية للمجلس المحلي السابق في المدينة، الذي حسب وصفه “سلَّم رقابهم” إلى الشركة الاحتكارية.

مظاهرة أمام دوار”السنتر” في مدينة الباب بريف حلب الشرقي 5 كانون الثاني 2022 (عنب بلدي/ سراج محمد)

مشكلات تتعدى الأسعار المرتفعة.. الباب نموذجًا

وتتجاوز فاتورة الكهرباء الشهرية في مدينة الباب أكثر من 30- 40% من دخل المواطن الذي يبلغ في المتوسط 60 دولارًا، وفقًا لما قاله المواطنون الذين تحدثت إليهم عنب بلدي.

لم تنحصر معاناة أهالي مدينة الباب مع شركة الكهرباء في أسعار خدماتها المستمرة بالارتفاع، وغير المناسبة للدخل، بل تعدّتها إلى مشكلات أمنية ومعيشية تتسبب بها الانقطاعات المستمرة للكهرباء في المدينة، وتحولت الشركة إلى “كتلة مشكلات متداخلة ومركبة ومعقدة”، كما وصفها المدوّن معتز ناصر.

فراس سراقبي، أحد مهجري مدينة حماة المقيمين في المدينة، اشتكى من التقنين، وقال لعنب بلدي، إن انقطاع الكهرباء المستمر يتسبب بفساد الطعام الذي يخزنونه صيفًا من أجل استهلاكه في الشتاء.

كما يتسبب الجهد الكهربائي المنخفض أو ما يُعرف بـ”الفولت” بتعطل الأجهزة الكهربائية المنزلية، بحسب ما قاله أحمد الجبلي، الذي عانى من التعطل المتكرر لغسالة الثياب في منزله.

وتزيد الانقطاعات المستمرة للتيار الأوضاع الأمنية في المدينة سوءًا، إذ تزداد بمجرد انقطاع الكهرباء حوادث الاغتيالات والخطف و”التشليح” وسرقة المنازل والمحال التجارية، وفقًا لما قاله المواطن محمد عبد اللطيف لعنب بلدي.

مطالب الأهالي

طالب الأشخاص الذين استطلعت عنب بلدي آراءهم، شركة الكهرباء بأن تقلّل من أرباحها، وتحدّد أسعارًا معقولة تتوافق مع دخل المواطن.

وتحدث نعيم لومان عن البنية التحتية المدمرة للشبكة الكهربائية، والانقطاعات التي يتسبب بها تلف الأبراج، مطالبًا الشركة بإصلاح الشبكة، وإلغاء فكرة التقنين نهائيًا.

كذلك قال أحمد الجبلي، إن على الشركة أن تحسِّن خدماتها وتكون شركة كهرباء حقيقية وليس “دكانًا”، واصفًا إياها بـ”الفاشلة” في طبيعة خدمتها والانقطاعات والتقنين والجهد الكهربائي للتيار المقدّم.

أما معتز ناصر، فيرى أن الحل هو استبدال الشركة، ورفع دعوى عليها لمخالفتها العقود “الاحتكارية”، رغم أنها تصب في مصلحتها، كما قال.

كما طالب معتز بحلّ المجلس المحلي في مدينة الباب، وإقامة انتخابات يستطيع الأهالي من خلالها اختيار من يمثلهم في المجالس، مع وجود آليات واضحة للشفافية ومراقبة عمل هذه المجالس، إضافة إلى أن تكون تبعية المجالس تبعية “وطنية” ضمن التسلسل الإداري لـ”الحكومة السورية المؤقتة”، مع الاستغناء الكامل عن التبعيات الخارجية.

ويرى فراس سراقبي، أن على “الحكومة السورية المؤقتة” أن تتسلّم ملف الكهرباء وتوزّعه على المجالس، إذ إن موقفها أقوى في التفاوض وإلزام الشركة بالعقود، عكس المجلس المحلي “الضعيف” وغير القادر على ذلك.

واتفق باقي المواطنين الذين تحدّثوا إلى عنب بلدي، على أن المجلس المحلي “ضعيف” و”متواضع”، يُملى عليه من الشركة، ولا يستطيع إجبارها على الالتزام بوعودها، مطالبين إياه بأن يكون ممثلًا حقيقيًا للشعب، يفاوض عنه ويحميه مما وصفوه بـ”جشع” الشركة.

لا خيارات غير الاحتجاج

وتطوّع عقب الاحتجاجات شبّان وناشطون لإيصال مطالب الأهالي إلى المجلس المحلي وشركة الكهرباء، لكن النتيجة إلى الآن ليست إلا “إبر تخدير” ووعودًا “كاذبة” وغير مجدية، كما قال المدوّن معتز ناصر.

لا خيارات أخرى أمام الأهالي من سكان الباب غير التظاهر والاعتصام، حسب قولهم، خصوصًا بعد محاولات وندوات جمعتهم مع المجلس المحلي لتغيير القرارات، لكن دون نتيجة تُذكر.

معتز قال إن الأهالي مستمرون بحراكهم اللا عنفي، لكنهم لا يستطيعون ضبط كل المواطنين وكل الشرائح المجتمعية، إذ قد توجد، حسب قوله، شرائح لا تؤمن بالحراك اللا عنفي، تتخذ أساليب أكثر “إبداعية وقسوة” تؤثر على ربحية الشركة.

وأضاف نعيم لومان أن مشكلة الكهرباء عامة تمس جميع السكان، ما يعني عدم وجود خطة، وأن الحراك الشعبي هو حراك غير منظّم، ولا يمكن التنبؤ بخطواته المقبلة، متمنيًا حل الأمور قبل أن تخرج عن السيطرة.

أما أحمد الجبلي فوصف الشارع بأنه “محتقن”، متوقعًا تصعيدًا مقبلًا في الأيام المقبلة من قبل الأهالي في مواجهة الشركة.

مقالات متعلقة

تحقيقات

المزيد من تحقيقات