طرح قرار عزل قائد “فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات)، محمد الجاسم (أبو عمشة)، وخمسة من قادة الفصيل، العديد من التساؤلات بين السوريين والفصائل المعارضة، عن الإجراءات المتخذة بعد قرار العزل.
وكثُر الحديث عن مصير الفصيل وقياداته، فهو يعتبر أحد أكبر الفصائل المُقاتلة في “الجيش الوطني”، ويملك أسماء كانت مصدر رعب وخوف للأهالي، لهول الانتهاكات التي مارسوها، بحسب تسجيلات مصوّرة رصدتها عنب بلدي.
عزل وضغوطات
عزلت اللجنة الثلاثية “أبو عمشة” مع خمسة آخرين من قيادات الفصيل، ومنعته من تسلّم مناصب لاحقًا، بسبب الاتهامات والدعاوى الموجهة ضده.
وشمل قرار العزل كلًا من: وليد حسين الجاسم (سيف)، ومالك حسين الجاسم (أبو سراج)، وأحمد محمد خوجة، وعامر عذاب المحمد، وحسان خالد الصطوف (أبو صخر).
وأوضحت اللجنة الثلاثية، أن سبب تأخير صدور القرارات هو وجود العراقيل، كامتناع بعض الناس عن الشهادة، خوفًا من قادة “العمشات”، إذ بدأت عملها منذ 12 من كانون الأول 2021، واستمرت التحقيقات حوالي شهرين.
وفي 31 من كانون الأول 2021، شهدت منطقة عفرين مسيرة تأييد لـ”أبو عمشة”، وتضمّنت المسيرة رتلًا ضم عشرات السيارات، تخللها تشغيل أغاني مديح للقيادي.
وهذا ما أثار استياء العديد من المدنيين والناشطين، إذ اعتبروها ضغطًا على لجنة التحقيق، ومسار العدالة، ومناصرة في قضية الانتهاكات الموجهة ضد “أبو عمشة” وعناصر من فرقته، وورقة لإرباك وتشتيت عمل اللجنة.
وتداولت العديد من مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، خلال عمل اللجنة، أخبارًا عن تحركات ورفع جاهزية واستنفار عسكري من قبل “العمشات”، وحشد قوات وتوعّد بقتال بعض الفصائل، الأمر الذي اعتبرته سلطات محلية وناشطين إرباكًا لعمل اللجنة.
“عزم” تتبنى المساءلة والقضاء يتابع
وضعت اللجنة مسؤولية إحلال العدل وإنصاف المظلومين وتعويض المتضررين، على عاتق أصحاب القرار والنفوذ على الأرض في المنطقة، تجنيبًا للمنطقة من احتمالات الاقتتال والدماء والفتنة.
وقال المتحدث العسكري باسم “الجيش الوطني” وغرفة “عزم”، الرائد يوسف حمود، في حديث إلى عنب بلدي، إن البداية هي تطبيق قرار اللجنة، بينما أُطلق سراح مجموعة من الموقوفين، وسيتم إخلاء سبيل آخرين فيما بعد.
وأكد الرائد حمود أن الشكاوى ستُنقل إلى القضاء، الذي سيتابع جميع الشكاوى المقدمة بحق العناصر الواردين في التحقيقات.
الناطق الرسمي باسم “اللجنة المشتركة لرد الحقوق في مدينة عفرين وريفها” (لجنة رد المظالم والحقوق)، وسام القسوم، بحسب منشوره الذي اطلعت عليه عنب بلدي، أكد ذلك أيضًا، كون “رد المظالم” كانت تتابع وتنتظر قرارات اللجنة المستحدثة “الثلاثية الحيادية”.
وأكد القسوم أن متابعة الحقوق المالية ستجري عن طريق المكتب القانوني في قيادة “عزم”، وسيتم لاحقًا إيجاد آلية ووسيلة للتواصل مع المدعين الذين لديهم حقوق مالية على “العمشات”.
وكانت غرفة “عزم” أعلنت تبنيها القرارات التي صدرت عن لجنة التحقيق في انتهاكات “العمشات”، في بيان نشرته الخميس 17 من شباط، تعهدت فيه بتنفيذ القرارات والتوصيات الصادرة عن اللجنة، وبالعمل على “نصرة المظلوم وإرساء العدل”.
وتنضوي “غرفة القيادة الموحدة” (عزم) المكوّنة من عدة فصائل، تحت راية “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا.
صفحة سوداء طُويت
القسوم اعتبر، في حديث إلى عنب بلدي، أن بدء المحاسبة بمنزلة صفحة سوداء طُويت من تاريخ بعض المحسوبين على الثورة، وانتهت سلطة قائد “العمشات” الذي لم يكن يتوقع أن يصل إلى هذا اليوم، حسب تعبيره.
ووُجهت العديد من الاتهامات إلى “أبو عمشة” وعناصر من فرقته في منطقة شيخ الحديد بعفرين، تتعلق بجمع إتاوات وزيت الزيتون من المزارعين باسم “أبو عمشة”، ومقاسمة الناس محاصيلهم، والاستيلاء على الأراضي، وانتهاكات متعددة للحقوق من قضايا اغتصاب واتهامات باطلة لأشخاص، لدفع مبالغ مقابل الحصول على البراءة.
ورصدت عنب بلدي في الأشهر الماضية عدة تسجيلات مصوّرة لأشخاص تحدثوا من خلالها عن حوادث متفرقة من الانتهاكات بحقهم، تتعلق بالإتاوات، وعمليات الابتزاز والخطف، وبيع السلاح، والاتّجار بالمخدرات، والاستيلاء على الأراضي.
ليست المرة الأولى التي توجّه فيها اتهامات ضد “أبو عمشة”، ففي عام 2019، مع استقرار “الجيش الوطني” في مناطق شمالي حلب، شُكّلت لجنة من قبل “الجيش الوطني” لمحاسبة “أبو عمشة” بتهمة تحرش واغتصاب، بعد انتشار تسجيل مصوّر على مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر فتاة تتحدث عن اغتصاب “أبو عمشة” لها، مع العلم أن زوجها يعمل مقاتلًا في الفصيل الذي يقوده “أبو عمشة”.
وعادت بعدها الفتاة ذاتها لتنشر تسجيلًا آخر تتحدث فيه عن إغرائها بالمال من أجل تصوير التسجيل الأول، وابتزاز “أبو عمشة” بتهمة الاغتصاب. وجرى بعدها إغلاق التحقيقات وتبرئته من التهم الموجهة إليه.
شيخ الحديد خارج قبضة “العمشات”
يتخذ فصيل “العمشات” من بلدة شيخ الحديد التابعة لمنطقة عفرين بمحافظة حلب في سوريا، مقرًا رئيسًا لقيادتها وقواتها.
وبحسب ناشطين من سكان المنطقة ممن قابلتهم عنب بلدي، فإن البلدة تحولت إلى “مُقاطعة” داخل ريف حلب الشمالي، الذي يسيطر عليه “الجيش الوطني” شمالي حلب.
وتخضع البلدة لإجراءات أمنية مشددة “لم يسبق لها مثيل” في المناطق التي سيطرت عليها قوات المعارضة السورية خلال السنوات العشر الماضية، إذ يُمنع الدخول والخروج منها إلا بإذن رسمي صادر عن المكتب الأمني في فصيل “العمشات”.
القسوم قال إن الاتفاق النهائي في “عزم” آل إلى تنفيذ قرار اللجنة كاملًا، وعلى رأسه عزل “أبو عمشة” الذي لم يعد له أي دور في قيادة أي مفصل من مفاصل الثورة السورية، وتم رفع يده بالكامل عن ناحية شيخ الحديد، حسب تعبيره.
وتعمل “عزم” على إنهاء النقاط التي أقامها فصيل “فرقة السلطان سليمان شاه” مؤخرًا تحت مسمى “الرباط” على تخوم شيخ الحديد ضد فصائل الثورة .
واستُبعد جميع المدانين بقرار اللجنة، وعلى رأسهم رئيس “الأمنية” سابقًا، سيف الجاسم، كما تم إنهاء “الكتيبة الأمنية” بحلّتها القديمة، والتي كانت مصدر الرعب والخوف، والسيف الذي يبطش به بعض قيادات “العمشات”، بحسب القسوم.
–