الفطر البري في درعا.. “لحم الفقراء” ومصدر دخل موسمي
عنب بلدي – درعا
ينتظر فادي (33 عامًا) كالعديد من سكان محافظة درعا جنوبي سوريا، الأجواء الماطرة خلال فصل الشتاء، قاصدًا السهول الزراعية والوديان والأراضي غير المزروعة، حيث ينتشر الفطر البري الذي ينبت في الأرض دون زراعة في هذه الظروف الجوية بكثرة.
ويعتبر فادي (تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب خاصة)، بحسب ما قاله لعنب بلدي، موسم انتشار الفطر البري في الشتاء مصدر دخل ثانويًا يؤمّن له احتياجاته في أوقات البرد التي يتوقف فيها عمله الأساسي كمياوم لدى مزارعي المحافظة، بسبب رطوبة التربة الناتجة عن المطر والتي لا تصلح الأراضي فيها للزراعة.
يجمع فادي الفطر البري، لكن هذه المهمة بحاجة إلى خبرة كبيرة للتمييز بين الأنواع الصالحة للأكل، وأخرى سامة قد تؤدي إلى الوفاة أحيانًا عند تناولها، فضلًا عن أن البحث عنه يتطلب ساعات طويلة من النهار قد يجمع فيها الشخص كمية لا تتجاوز أربعة كيلوغرامات.
ويصل سعر الكيلو الواحد من الفطر البري في محافظة درعا إلى حوالي ستة آلاف ليرة سورية (1.7 دولار)، ويختلف بين بائع وآخر، إذ لا تسعيرة محددة تحكمه.
فادي قال إنه رغم الخبرة التي صار يملكها في مواقع وجود الفطر البري، وقدرته على تمييز الصالح من السام، فإن الكمية اليومية التي يستطيع جمعها تعتمد على الحظ، ومن الممكن ألا يجمع في يوم واحد إلا كيلوغرامًا، بينما قد تصل الكمية في أيام أخرى إلى حوالي أربعة كيلوغرامات.
الفطر البري مطلوب قبل جمعه
لا يخشى فادي من ذهاب ساعات نهاره في جمع الفطر البري سدى، مضيفًا أن العديد من العائلات في درعا صارت تعرف أنه يجمعه ليبيعه.
وأوضح أن تلك العائلات صارت تطلب منه كمية محددة لتشتريها، حتى قبل أن يبدأ موسم انتشاره، واصفًا إياه بأنه “لحم الفقراء” الموسمي.
ويُستخدم الفطر في الحساء، ويضاف إلى أطباق متنوعة، كالمعجنات والدجاج واللحم، وله أنواع عديدة في المنطقة، من أهمها “بوز العجل” الأبيض والبني، الذي يعتبر الألذ، والفطر “الغنامي”، مع أنواع أخرى كـ”الكلخ” الذي لا يرغب به الناس، و”المحاري”.
وتتجلى فوائد الفطر بأنه طعام منخفض السعرات الحرارية والكربوهيدرات، ولا يحتوي دهونًا ولا “كوليسترول” أو “غلوتين”، وتقل فيه نسبة الصوديوم، ويضم فيتامين “ب” و”د”، ومضادات الأكسدة والبوتاسيوم والنحاس، ويقي من السرطان، ويقوي المناعة، ويساعد على ضبط الوزن.
أنواع سامّة مميتة
بينما توجد أنواع سامّة من الفطر البري لا تصلح للأكل، منها ما يتميز بلونه الأصفر في رأسه والبني الغامق لساقه، ومنها ما هو أبيض اللون لكنه دون ساق وجذر، قد يؤدي تناولها إلى الموت، بسبب أثرها الضار على الجهاز العصبي.
وتتمثل أعراض تناول الفطر السام بالدوار وآلام المعدة والإسهال والتقيؤ وآلام الصدر، وفشل الكلى، ما لم تتم معالجتها سريعًا، ويشترط عند معالجة أعراضه مصارحة الطبيب وجلب عيّنة من الفطر ليفحصها ويتمكّن من وصف الدواء الصحيح.
نشأت خلال السنوات العشر الأخيرة في سوريا نشاطات كجمع الفطر تندرج في إطار “اقتصاد الظل” لدعم السكان الذين يقع 90% منهم تحت خط الفقر و60% منهم يعانون من غياب الأمن الغذائي، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :