وسام الديري – دير الزور
ما زالت مدينة دير الزور تقصف يوميًا لليوم 202 على التوالي باستخدام الطيران الحربي والمدفعية الميدانية وقذائف الهاون من مرابض المدفعية المتمركزة على الجبل المطل عليها وفي معسكر الطلائع في أطراف المدينة، وتركز القصف على أحياء العرضي والعمال والحميدية والشيخ ياسين والجبيلة وفي الريف تركز القصف على البصيرة والميادين وطابية جزيرة وغيرها من القرى، ويستمر ارتقاء الشهداء يوميًا من أبناء المدينة بحصيلة تجاوزت 80 شهيدًا بينهم نساء وأطفال وأكثر من 40 منهم من عناصر الجيش الحر .
وعلى الحواجز المحيطة بالمدينة وحتى الأحياء التي يسيطر عليها جيش النظام، يتعرض الأهالي لعمليات إذلال ولتفتيش دقيق ومهين للنساء والأطفال والرجال. ولا يتوانى عناصر جيش النظام على الحواجز عن ضرب النساء أو تجريد الرجال من ملابسهم وصلبهم على الأرض والتحرش بالفتيات اللاتي يعبرن هذه الحواجز، عدا عن اعتقال العشرات من الشباب يوميًا على هذه الحواجز أو حتى في حملات الدهم والتفتيش للأحياء الخاضعة لسيطرتهم .
إنسانيًا، الوضع في دير الزور سيء للغاية ويفتقر لأدنى مقومات الحياة، فهناك انقطاع للتيار الكهربائي لفترات طويلة، مع نقص حاد في الأدوية، ونقص حاد في مادة الطحين ووقود التدفئة، ويضطر أهالي المدينة لنقل جرحاهم إلى المشافي الميدانية في القرى المحررة حيث يعرضون أنفسهم لأخطار متعددة منها الاعتقال أو القنص وغيرها بسبب استخدام الطرق الترابية المخفية .
وتروي الحاجة أم محمد مغامرة نقل ابنها الجريح من داخل مدينة دير الزور إلى إحدى القرى المحيطة قائلة والدموع تملأ عينيها: «أثناء إحدى الغارات الهمجية للعصابات الأسدية على حي الحميدية، دُمّر منزلنا بشكل كامل وأصيب ولدي محمد بشظية مزقت الطحال وسببت تضررًا بالكلية، ولا يوجد في المشفى الميداني في المدينة حتى مضادات حيوية أو إبر الكزاز، وبقي ولدي محمد عدة أيام بعد الخضوع لعمل جراحي إسعافي قام به طبيب غير مختص بأدوات بسيطة، واضطررنا إلى إخراجه لتلقي العلاج خارج دير الزور» وحيث أن الطرق الرسمية مغلقة والمدينة محاصرة، قام بعض الأهالي بالبحث عن طرق بعيدة نوعًا ما ولكنها آمنة وقد يستوجب المرور منها السير لمسافات طويلة جدًا، فطريق الخروج مثلًا من حي القصور إلى الحسكة يمر من حي الجورة أو من مقابر دير الزور ومنها إلى طريق دمشق في الجهة المعاكسة ثم الذهاب إلى مدينة الميادين التي تبعد 50 كيلو مترًا شرق دير الزور ومنها قطع مسافة مماثلة للالتفاف والعودة إلى طريق الحسكة، والطريق في الحالة الطبيعية من دير الزور إلى الحسكة يبلغ مسافة 135 كيلو مترًا، بينما أصبح الآن 260 كيلو مترًا. أما الخروج عن طريق قطع نهر الفرات فيعد مغامرة صعبة جدًا لأن الجهة المقابلة من النهر يقع معظمها بيد قوات النظام، ولا يوجد إلا معابر قليلة ومعظمها مكشوف ومعروف الموقع من قبل جيش النظام ، وتتابع السيدة «قمنا بالتنسيق مع إحدى كتائب الجيش الحر لنقل ولدي إلى خارج دير الزور وكانت الخطة تقتضي تهريبه عبر نهر الفرات ولكن في الليلة التي سبقت نقله إلى خارج دير الزور تعرض مكان العبور للقصف ما أدى إلى استشهاد عدة أشخاص واضطررنا إلى تغيير الطريقة حيث قام اثنان من عناصر الحر بحمله لمسافة 17 كيلو مترًا على أكتافهم قبل أن يصلوا إلى مكان فيه وسائل نقل بسيطة وتأمينه ولله الحمد». وهناك العديد من أمثال محمد لم يتسنى لهم الخروج من دير الزور فاستشهدوا برغم أن إصابات بعضهم بسيطة.