تحقيق: الأمم المتحدة تتستر على قتل النظام عاملَين في المجال الإنساني

  • 2022/02/11
  • 1:17 م
شاحنات تابعة لوكالة الأمم المتحدة للطفولة بانتظار العبور إلى سوريا عبر تركيا - 2014 (UNICEF)

شاحنات تابعة لوكالة الأمم المتحدة للطفولة بانتظار العبور إلى سوريا عبر تركيا - 2014 (UNICEF)

نشرت كل من قناة “الحرة” الأمريكية وصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، تحقيقًا تحدث عن مزاعم إخفاء الأمم المتحدة مقتل اثنين من عاملي الإغاثة على يد النظام السوري.

وقال التحقيق، الذي صدر الخميس 10 من شباط، إن الأمم المتحدة أخفت مقتل اثنين من موظفي الإغاثة الإنسانية على يد النظام السوري، كانا ضمن قافلة إغاثة بين مدينتي حلب وحمص السوريتين في عام 2016.

وكشف التحقيق الذي استمر لمدة عام سوء سلوك الأمم المتحدة المتحدة في سوريا عام 2016، لعدم نشرها، لأغراض متضاربة، رسالة داخلية للأمم المتحدة تقول إن قوات النظام قتلت اثنين من عمال الإغاثة.

ووفق مراسلات وشهادات استند إليها التحقيق المشترك، يبدو أن اثنين من كبار المسؤولين السابقين في الأمم المتحدة عام 2016، هما وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، ستيفن أوبراين، والمستشار الخاص لمبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، يان إيجلاند، أخفقا في عملهما، ولم يعلنا عن مضمون رسالة داخلية للمنظمة، تقول إن ضربات الأسد العسكرية قتلت اثنين من عمال الإغاثة.

علاقة مسمومة مع حكومة النظام

قال مصدر أممي بالشرق الأوسط في التحقيق، إن الإحجام عن التحقيق والإبلاغ عن القتل المزعوم لعمال الإغاثة، يمكن تفسيره بمخاوف المنظمة العالمية من منعها من القيام بمهام إغاثة مستقبلية في سوريا.

المدير التنفيذي لـ”المركز السوري للعدالة والمساءلة”، محمد العبد الله، قال في التحقيق إن الأمم المتحدة قبلت بعلاقة “مسمومة وغير صحية” مع حكومة دمشق، سمح فيها النظام السوري للمنظمة بالوصول إلى الأماكن التي تعمل فيها مقابل التعامل مع النظام أو إخفاء انتهاكاته.

عندما واجهت الأمم المتحدة فشلها في الكشف عن عمليات القتل، بما في ذلك في وثائقها العامة، شرعت في حذف الأدلة الموجودة على صفحتها على الإنترنت.

بعد إرسال استفسارات صحفية إلى الأمم المتحدة في حزيران 2016، أشار مترجم عربي في الأمم المتحدة في مؤتمر صحفي عبر الفيديو عُقد في جنيف، في 28 من نيسان 2016، إلى وفاة شخص واحد خلال مهمة إغاثة.

ولم يذكر المستشار الإنساني للمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، يان إيجلاند، الذي ألقى تصريحات باللغة الإنجليزية للصحفيين في حدث جنيف، وفاة الموظف.

ورفضت الأمم المتحدة الإفصاح عن سبب سحبها تسجيل الفيديو بعد فترة وجيزة من تساؤلات حول عدم ذكر حالة الوفاة في سوريا.

وكتبت ميشيل ديلاني، كبيرة المستشارين الإعلاميين لإيجلاند في منصبه الحالي بالمجلس النرويجي للاجئين، عند سؤالها عن المؤتمر الصحفي لإيجلاند، “لم نكن في وضع يسمح لنا بالرد على الاستفسار بشكل مباشر، لكن مكتب المبعوث الخاص إلى سوريا في الأمم المتحدة بجنيف، قال إنه سيعاود الرد بشأن ذلك”.

وبحسب نص المؤتمر الإعلامي لإيجلاند في 2016، “انطلقت قافلتان للأمم المتحدة في منطقة حمص (…) في الأيام الثلاثة الماضية، أصيبت إحداهما بقذيفة هاون، واضطرت أخرى إلى التوقف عدة مرات بسبب غارات جوية على الطريق وفي الأماكن التي وصلت إليها”.

يتطابق بيان إيجلاند ظاهريًا مع ما قاله مسؤول محلي بالأمم المتحدة في سوريا، بصفته مُبلِغًا، بأن النظام السوري شن ضربات عسكرية ضد قافلتين إنسانيتين.

الحادثة مثبتة في بيانات الأمم المتحدة

قال مسؤول الأمم المتحدة المحلي لسوريا، طلب عدم ذكر اسمه خوفًا من الانتقام في مكان العمل، في التحقيق، إن مراجعة رسائل داخلية للأمم المتحدة كشفت عن إرسال تقرير عن مقتل عاملَي الإغاثة، في 25 من نيسان 2016.

وجاء في الرسالة، “قافلة إنسانية تضررت من القصف على طريق حمص، بسبب الاشتباكات والقصف، وعلقت بين المجموعات ووقعت إصابات لعاملين في المجال الإنساني”.

وكتبت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فانيسا هوغينين، عند سؤالها عن الوفيات عبر المراسلة الإلكترونية، “فيما يتعلق بالحوادث الأمنية التي تشمل القوافل الإنسانية والعاملين بالمجال الإنساني في سوريا خلال الفترة المطلوبة، فإن جميع تقاريرنا متاحة في المجال العام”.

وأضافت هوغينين، “منذ بداية النزاع، ورد أن المئات من العاملين في المجال الإنساني قُتلوا”.

وأظهرت مراجعة لتقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية العامة التي تغطي الإطار الزمني الذي يُزعم أن نظام الأسد هاجم خلاله قافلة الإغاثة، أن الوكالة فشلت في ذكر مقتل عاملَي الإغاثة.

وأرسلت المتحدثة باسم مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، جينيفر فينتون، التقارير.

وأضافت، “دأبت الأمم المتحدة على تذكير جميع الأطراف بأن الهجمات على المدنيين، بمن في ذلك العاملون في المجال الإنساني والبنية التحتية المدنية، غير مقبولة على الإطلاق”.

وتابعت، “لقد شددت الأمم المتحدة أيضًا منذ فترة طويلة على ضرورة ضمان الوصول الآمن والمستمر ودون عوائق من قبل جميع الأطراف الإنسانية لتقديم المساعدة المنقذة للحياة لجميع المحتاجين”.

كما قدم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، ستيفن أوبراين، بيانًا حول الوضع في سوريا إلى مجلس الأمن في نيويورك، في نفس اليوم الذي عقد فيه إيجلاند مؤتمره الصحفي بجنيف.

وكتب النائب البريطاني السابق في بيانه أمام المجلس، أن “قذيفة هاون سقطت أمام إحدى المركبات في القافلة المتجهة إلى الرستن، ما أدى إلى إصابة السائق ومقتل مدني. اسمحوا لي أن أدين مثل هذه الهجمات”.

تقع الرستن بالقرب من حمص، ويمكن بسهولة أن تكون القافلة التي أشار إليها أوبراين هي التي ذكرها مسؤول الأمم المتحدة المحلي في سوريا بالرسالة الداخلية.

لكن تقرير أوبراين لم يشر إلى مقتل اثنين من عمال الإغاثة، بل ذكر أن “مدنيًا قُتل وأُصيب سائق”.

ورفضت المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، هوغينين، الكشف عن أسماء وجنسيات المدني والسائق، وقالت في التحقيق، “لسنا في وضع يسمح لنا بالإجابة عن هذا السؤال”.

كما رد أوبراين في التحقيق، أنه قدم الحقائق الكاملة كما عرفها وقت الإدلاء بالبيان، وكما كانت معروفة لفريقه في نيويورك.

وقال، “لن أتمكّن أبدًا من نسيان مشاهد المذبحة البغيضة حقًا التي شاهدتها شخصيًا عندما زرت حمص في ذلك الوقت تقريبًا في عام 2016”.

وتابع، “كنتُ معروفًا بعدم توجيه اللكمات إلى مجلس الأمن الدولي، ليس أقلها أنني شعرت بصفتي كبير الدبلوماسيين في الشؤون الإنسانية والطوارئ أن من واجبي أن أعرض كل ما أعرفه للتأكد من أن أعضاء مجلس الأمن الدولي على دراية الوقائع في أي وقت، حتى لو أساءت إلى البعض”.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا