يردد العديد من الموظفين الحكوميين في مناطق النظام عبارة “الراتب ما بكفي يومين” مشتكين من انخفاض قيمة الرواتب مقارنةً من غلاء الأسعار، مما يدفعهم للبحث عن مصدر دخلٍ إضافي أو يجبر العديد من أفراد الأسرة على العمل لتأمين مستلزماتهم اليومية.
وبحسب استطلاع رأي أجراه مراسل عنب بلدي في دمشق، أكد موظفون حكوميون قابلهم أن رواتب معظم الموظفين بالكاد تكفي لتأمين المواد الغذائية الأساسية لبضعة أيام.
وقال أحد الموظفين الحكوميين في مديرية الزراعة (40 عامًا) لعنب بلدي، إنه اضطر للعمل في معمل صناعة مناديل ورقية إلى جانب وظيفته ليستطيع توفير الحاجات الأساسية لعائلته المكونة من أربعة أشخاص، إذ وصل راتبه بعد الزيادة الأخيرة لنحو 90 ألف ليرة سورية (نحو 35 دولارًا).
وأكدّ الموظف أن الراتب الذي كان يكفي لتأمين حياة متوسطة للموظفين، صار مؤخرًا “بلا قيمة” في ظل تدهور قيمة الليرة السورية والغلاء “الكارثي”، وفق تعبيره.
من جهتها قالت سحر (49 عامًا)، وهي موظفة في كلية الزراعة، إن الحد الأدنى لمصروف العائلة اليومي عشرة آلاف ليرة سورية، مؤكدةً أن الوضع المعيشي يتطلب عمل شخصين “على الأقل” من كل عائلة.
وأوضحت سحر أن راتبها وزوجها لا يغطي حاجة عائلتها اليومية، وأن معظم العائلات صارت تعتمد على المساعدات والتحويلات الخارجية لتأمين مصروفها.
الحد الأدنى لتكلفة استئجار بيت في دمشق بمستوى متوسط يصل إلى 300 ألف ليرة (حوالي 120 دولارًا) أي أكثر من من ضعف رواتب الموظفين الذين فقدوا منازلهم جرّاء الصراع في سوريا، وفق سحر.
وتقدّر تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكونة من خمسة أفراد بنحو مليوني ليرة سورية شهريًا (نحو 800 دولارًا)، وفق تقرير صادر عن صحيفة “قاسيون” الاقتصادية التابعة لحزب “الإرادة الشعبية”.
ارتفاع الأسعار.. مبررات متضاربة
تشهد مدينة دمشق ارتفاعًا متواصلًا بأسعار المواد الأساسية أرجعه معظم المواطنين السوريين لقرار رفع الدعم، بينما تضاربت تصريحات المسؤولين السوريين بين الاعتراف بعلاقة رفع الدعم بغلاء الأسعار ونفيها.
وقال أمين سر جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزة، لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، في 13 من شباط الحالي، إن ارتفاع الأسعار بنسب تراوحت بين 2% و10% مرتبط بإعادة هيكلة الدعم، متهمًا بعض التجار باستغلال رفع الدعم، ورفع الأسعار لتعويض رفع الدعم عنهم، وفق ما قاله.
بينما أرجع أمين سر غرفة صناعة دمشق وريفها أكرم الحلاق، ارتفاع أسعار المواد في الأسواق خلال الفترة الحالية إلى ارتفاع أسعار مصادر الطاقة، مثل المازوت والكهرباء، بمعدل عشرة أضعاف، وفق تصريحات لصحيفة “الوطن“، في 14 من شباط الحالي.
ويشهد المستوى العام للأسعار في دمشق ارتفاعات متكررة شبه يومية، تطال سلعًا ومواد أساسية وغذائية، ما يزيد في انعدام القدرة الشرائية للمواطنين في مناطق سيطرة النظام.
وارتفع عدد السوريين الذين يحتاجون لمساعدة إنسانية خلال العالم الحالي، بنسبة 9% مقارنة بعام 2021، إذ بلغ عددهم نحو 14 مليونًا و600 شخصًا، وفق تقرير الأمم المتحدة الصادر الأربعاء 23 من شباط.
كما قدّم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في 12 من كانون الثاني الماضي، تقريرًا يؤكد أن 90% من السوريين تحت خط الفقر، بينما يعاني 60% منهم “انعدام الأمن الغذائي”.
وكان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أقرّ في منتصف كانون الأول 2021، ثلاثة مراسيم تشريعية، تضمنت زيادة بنسبة 30% على أجور العاملين والموظفين، ورفعًا لرواتب الموظفين المتقاعدين المدنيين والعسكريين بنسبة 25%، كما تقرر حساب التعويضات الممنوحة بموجب القوانين والأنظمة النافذة على أساس الرواتب والأجور الشهرية المقطوعة النافذة بتاريخ أداء العمل.
شارك بإعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في دمشق حسان حسان