أردوغان إلى أبو ظبي وهرتسوغ إلى أنقرة.. هل طوت تركيا خصوماتها في المنطقة؟
تشهد الساحة السياسية التركية حراكًا مكثفًا منذ الأشهر القليلة الماضية، يوحي بنية أنقرة إغلاق بعض أبواب الخصومات السياسية العالقة منذ سنوات.
وتسعى تركيا إلى تحسين علاقاتها ببعض الدول لأسباب متعددة، منها ما هو اقتصادي، ومنها ما يرتبط بحالة التهدئة السياسية التي تقودها الدول عادة قبل معاركها الانتخابية.
وفي 8 من شباط الحالي، جدد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحفي، حديثه عن العلاقات التركية- الإسرائيلية، مقدمًا تطمينات للجانب الفلسطيني الذي يعوّل على مواقف أنقرة من الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
هذا الموقف تجلى بوضوح بعد سحب أنقرة سفيرها لدى إسرائيل للتشاور، وطردها السفير الإسرائيلي، بسبب التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد قطاع غزة، عام 2018.
وردت إسرائيل حينها بطرد القنصل التركي في القدس.
وقال جاويش أوغلو، إن أي خطوة لتطبيع العلاقات بين بلاده وإسرائيل، لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية، مشيرًا في الوقت نفسه إلى زيارة الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، المرتقبة إلى تركيا، في آذار المقبل.
في الوقت نفسه، انتقد الوزير التركي آلية تطبيع بعض الدول، دون أن يسميها، مع إسرائيل، معتبرًا أن تطبيع بلاده علاقاتها لن يكون على حساب القضية الفلسطينية، كما فعلت بعض الدول لدى تطبيع علاقاتها، فالموقف التركي من القضية ثابت، وفق قوله.
وشهدت علاقات الجانبين حالة توتر سياسي بعد استهداف القوات الخاصة الإسرائيلية سفينة “مرمرة” عام 2010، التي حاولت كسر الحصار عن قطاع غزة المفروض منذ عام 2008، ثم حادثة طرد السفراء بسبب عدوان غزة 2018.
غزل سابق لأوانه
تحدث تقرير نشره موقع “Middle East Eye“، في أيار 2020، عن مساعٍ إسرائيلية لإعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع أنقرة.
ونقل الموقع البريطاني عن مصدر رسمي إسرائيلي قوله، إن كلا الطرفين لديهما “مصالح مشتركة” تتمثّل في الملف السوري والغاز في شرق المتوسط.
كما أشار التقرير حينها إلى تزامن التصريحات الإسرائيلية مع تداول أخبار حول نية إسرائيل توقيع اتفاقية مشابهة للاتفاقية الليبية- التركية مع أنقرة، ما يعني إضعاف محاولات اليونان للوقوف بوجه الطموحات التركية في المتوسط.
وكان الحساب الرسمي لإسرائيل عبر “تويتر”، نشر في الفترة نفسها تغريدة قال فيها، إن إسرائيل “فخورة بعلاقاتها الدبلوماسية مع تركيا”.
We are proud of our diplomatic relations with Turkey. We hope our ties grow even stronger in the future. Sending love to all of our #Turkish followers!
— Israel (@Israel) May 7, 2020
وربط التقرير تلك المؤشرات بغياب إسرائيل عن البيان الخماسي من اليونان وقبرص وفرنسا ومصر والإمارات، الذي هاجم التحركات البحرية التركية ودعمها حكومة “الوفاق” الليبية المعترف بها دوليًا.
وكان وزير الخارجية التركي أجرى اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الإسرائيلي، يائير لابيد، في 20 من كانون الثاني الماضي، ليسأله عن حالته الصحية بعد إصابته بفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وفق ما نقلته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، حينها.
أبو ظبي على الطريق
أوضح وزير الخارجية التركي خلال مؤتمره الصحفي نفسه، أن الرئيس التركي سيقوم بزيارة إلى الإمارات، في 14 و15 من شباط الحالي.
زيارة أردوغان تأتي بعدما كسر الجانبان جمود علاقاتهما السياسية بزيارة ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، إلى تركيا، في 24 من تشرين الثاني 2021.
الزيارة مهّد لها لقاء مستشار الأمن الوطني الإماراتي، طحنون بن زايد، بالرئيس التركي، في أنقرة، في آب 2021، بعد سبعة أشهر من تصريحات ودية، أكد خلالها المستشار الدبلوماسي لحاكم أبو ظبي، أنور قرقاش، أن الإمارات أكبر شريك تجاري لتركيا في المنطقة العربية.
وأثمرت زيارة ابن زايد إلى تركيا عن تأسيس صندوق بقيمة عشرة مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا، وفق ما نشرته وكالة الأنباء الإماراتية (وام) في يوم الزيارة.
كما وقّع البنكان المركزيان التركي والإماراتي، في 19 من كانون الثاني الماضي، اتفاقية مبادلة “SWAP” بالعملات المحلية، لمدة ثلاثة أعوام، بحسب ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية.
كما تأتي زيارة الرئيس التركي إلى الإمارات، بعد زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى أبو ظبي، في كانون الثاني الماضي، التي تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ الجانبين منذ تطبيع العلاقات قبل أقل من عامين.
والتقى هرتسوغ، خلال الزيارة التي استمرت يومين، كلًا من ولي عهد أبو ظبي، وحاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم.
وكان ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، التقى، في 13 من كانون الأول 2021، رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، خلال زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس وزراء إسرائيلي إلى الإمارات.
حلحلة مع مصر
في نيسان 2021، أعلن وزير الخارجية التركي عقد اجتماع بين تركيا ومصر على مستوى مساعدي وزيري خارجية البلدين، وأن مرحلة جديدة بدأت في العلاقات بين البلدين.
ملامح تحسّن العلاقات التركية- المصرية، تأتي بعد تراجع مستوى علاقات البلدين، إثر الانقلاب العسكري الذي أطاح من خلاله الرئيس الحالي، محمد عبد الفتاح السيسي، بالرئيس المصري المنتخب، محمد مرسي، عام 2013.
وصاعد من حدة الخلافات، دعم القاهرة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بينما دعمت أنقرة حكومة “الوفاق” المعترف بها دوليًا، وكان صوّت البرلمان التركي، في كانون الثاني من 2020، على تفويض “شامل” يسمح بإرسال قوات تركية إلى ليبيا.
وفي حصار قطر الذي بدأ في 5 من حزيران 2017، وقفت أنقرة إلى جانب الدوحة، بينما كانت مصر من ضمن الدول التي قاطعت قطر إلى جانب السعودية والإمارات والبحرين، ولعبت الكويت دور المصلح بين الأطراف، ما قاد لتحقيق المصالحة في 5 من كانون الثاني 2021، خلال قمة مجلس التعاون الخليجي في مدينة العلا شمال غربي السعودية.
كما قسّم الخلاف على ثروات الغاز في البحر المتوسط الدول المستفيدة إلى حلفين، تقف تركيا في أحدهما، في حين تتقارب المواقف اليونانية والمصرية، مع إمكانية استقطاب النظام السوري من قبل اليونان، بالاستفادة من تدهور العلاقات السياسية بين النظام وأنقرة.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :