إعادة إعمار سوريا.. البحث العلمي ودروب إعادة الإعمار
م. محمد تمو، رئيس فريق البحث العلمي- منظمة إعادة إعمار سوريا / خاص عنب بلدي
إعادة الإعمار مصطلح شامل متعدد الوجوه والمعاني، يستند على الكثير من الدعائم، ويعتبر البحث العلمي من أهمها نظرًا لعلاقته الوثيقة بمختلف جوانب إعادة الإعمار. وتترجم هذه العلاقة ضمن منظمة إعادة إعمار سوريا بشكل عملي قائم على التكاتف بين مختلف الفرق لتقديم رؤية عمرانية شاملة متطورة، قائمة على أسس متينة مطابقة لمواصفات الجودة العالمية، وملائمة للنسيج السوري اجتماعيًا واقتصاديًا.
لإعادة الإعمار الكثير من الدروب، وقد يكون أهمها العمراني الهندسي، الاجتماعي، الاقتصادي، والمؤسساتي، ونجاح أي عمل يدور في فلك إعادة الإعمار يشترط المضي في كل الدروب على التوازي. إلا أن خصوصية التجربة السورية دفعت إلى المضي ضمن الدرب العمراني أولًا، وما إن تصبح الظروف ملائمة حتى تنطلق فرق منظمة إعادة إعمار سورية للمضي ضمن باقي الدروب.
نستعرض في هذه الدراسة جزءًا بسيطًا من دور البحث العلمي ضمن منظمة إعادة إعمار سورية.
وظائف البحث العلمي وأهدافه
للبحث العلمي ضمن المنظمة وظائف واستعمالات متعددة، لكن حتمية المرور بكافة دروب إعادة الإعمار تدفع باتجاه اعتماده كأداة تطوير تُستخدم لتعبيد هذه الدروب، بحيث يتم تلافي معظم الأخطاء الناتجة عن التجارب الأخرى إقليميًا وعالميًا، ثم العبور إلى واقع عمراني هندسي اجتماعي واقتصادي متكامل.
وتصنف أهداف تطبيق البحث العلمي تبعًا للزمن اللازم للحصول على النتائج إلى:
أهداف على المدى القريب:
1. دراسة الوضع الراهن ومراجعة التجارب العالمية لاقتراح حلول تناسب طبيعية المجتع السوري وثقافته. وقد تمت مراجعة تجارب كل من مخيم نهر البارد في لبنان وتجربة كوسوفو، كما تمت مراجعة تجارب دول تعرضت للدمار نتيجة أسباب أخرى (الزلازل) كتجربتي هايتي واليابان.
2. التأكد من استناد كل حل مقدم سواء كان اجتماعيًا أو اقتصاديًا أو هندسيًا إلى النظريات العلمية المتوافقة مع طبيعة هذا الحل.
3. مراقبة مدى توافق الحلول المقدمة مع مقاييس الجودة العالمية بيئيًا ومهنيًا.
أهداف على المدى البعيد:
1. وضع استراتيجيات طويلة المدى تتوافق وخطط إعادة الإعمار وتبادل الخبرات بين معظم القطاعات العاملة ضمن نطاق إعادة الإعمار سواء كانت حكومية أو غير حكومية.
2. التأكيد على دور التنمية البيئية المستدامة ضمن أي حل مقدم، سواء كان هندسيًا أم اجتماعيًا أم اقتصاديًا.
3. تحقيق ارتباط وثيق مع الواقع ودراسة مشكلاته ثم تقديم الحلول، وذلك لردم الهوة الناتجة بين المجتمع وباقي قطاعات الحياة المهنية في سوريا.
البحث العلمي في المجال العمراني والهندسي
أي عملية لإعادة إعمار تعتبر القطاع العمراني بكافة أقسامه الهندسية من إنشائي ومعماري وبنى تحتية استثمارًا سريع الربح، إذ يمكن التماس نتائجه خلال فترات زمنية قصيرة. ويعتبر هذا المجال هو المدخل لأي عمليات أخرى اجتماعية واقتصادية قد يحتاج الوصول إلى نتائجها فترات زمنية طويلة. غزارة الأعمال الناتجة عن هذا القطاع من إعادة الإعمار استوجب بحثًا أكاديميًا ومهنيًا لإيجاد حلول تضمن نمذجة العمل الهندسي المقدم من منظمة إعادة الإعمار ليرسم صورة مشرقة عن مدى تطور الكفاءات المهنية العاملة ضمن الفرق سواء كانت هندسية أم لا.
من نتاجات فريق البحث العلمي والتي بات بعضها جاهزًا للاستخدام بين مختلف فرق إعادة الإعمار:
1. آلية الترميز المستخدمة في عمليات التوثيق والرفع الهندسي، إذ تم العمل على إيجاد آلية ترميز تستخدم كأداة لقراءة مكان وموقع كل حالة على حدة، استنادًا للتقسيم الإداري للمناطق السورية.
2. توحيد آلية تقديم المخططات المعمارية والتخطيطية وحتى مخططات رفع الوضع الراهن باستخدام كود مدروس لتسهيل عملية عرض هذه الملفات.
أما على المستوى الوطني فتم تحديد بعض التحديات التي تواجه العمل الهندسي ومنها غياب رؤية واضحة لما يراد من العمل الهندسي. وهذا التحدي لا يمكن التقدم فيه دون اللجوء إلى إنشاء هيئات تنظيمية وطنية لمراقبة العمل المهني الهندسي.
يبقى أن نذكر هنا بأن تقدم الأمم وازدهارها ارتبط منذ القدم بتقدم مستوى البحث والتطوير العلمي بها. لذلك استخدم البحث العلمي ضمن منظمة إعادة إعمار سورية كوسيلة لخلق أرضية علمية لإنتاج المعرفة وتسويقها، وليس وسيلة لنقل المعرفة فقط. كما تسعى منظمة إعادة إعمار سورية من تشكيل هذه الهئية البحثية إلى دراسة الواقع السوري ثم ترجمته إلى حقائق يفهمها المواطن السوري ويوسع دائرة معارفه ويصبح قادرًا على التكيف مع بيئته الجديدة ثم يسعى للحفاظ عليها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :