المنتخب السوري لكرة القدم.. حارة “كل مين إيدو إلو”
تستمر سلسلة الخسائر التي يتعرض لها المنتخب السوري خلال الأشهر الماضية، الأمر الذي خلّف موجة من السخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، شملت مدرب الفريق والمنظومة الرياضية السورية، بحسب ما رصدته عنب بلدي من تعليقات المشجعين عبر “فيس بوك”.
وتزامنت سلسلة الخسائر مع تخبطات واتهامات ضمن الجهاز الإداري والاتحاد الرياضي العام، وتشكيك بمصداقية وشفافية المنظومة الرياضية ككل.
خسارات متتالية
فشل المنتخب السوري في الحصول على العلامة الكاملة من أي لقاء في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2022، ولم يحقق أي انتصار بعد أن تعّرض لأربعة خسائر وتعادلين، ليقبع في المركز الأخير في مجموعته برصيد نقطتين.
وخسر المنتخب في مباراة جمعته مع نظيره المنتخب الإماراتي، في 27 من كانون الثاني الحالي، بهدفين دون رد، ضمن مباريات الجولة السابعة من التصفيات. وانتهت المباراة التي جرت على استاد آل مكتوم في دبي، باستياء جمهور المنتخب الذي طالب معظم اللاعبين بالاعتزال والعودة إلى منازلهم.
وكان المنتخب لعب أمام نظيره الإيراني في 16 من تشرين الثاني 2021، على استاد “الملك عبد الله الثاني” في الأردن، ضمن منافسات الجولة السادسة من نفس التصفيات، وخسر حينها بثلاثة أهداف دون مقابل.
لم تقتصر النتائج السلبية على منافسات التصفيات، إنما فشل في التأهل من دور المجموعات في بطولة كأس العرب، التي ودعها من الدور الأول، بعد أن تعرض لخسارتين أمام موريتانيا والإمارات مقابل انتصار وحيد على تونس، ليخرج بنتائج مخيبة لآمال جماهيره، في كانون الأول 2021.
أخطاء إدارية
وتشهد منظومة كرة القدم في سوريا تخبطات عديدة، بعد أن رافقت بعثة المنتخب في الإمارات مشاكل عديدة مثل نسيان أربعة جوازات سفر للاعبين المحترفين في دمشق.
وكاد خطأ نسيان الجوازات أن يتسبب بحرمان بعض اللاعبين المغتربين من اللعب في الإمارات، لأن اللاعبين القادمين من أوروبا جاؤوا عبر جوازاتهم الأوروبية، في حين تتطلب مشاركتهم في المباريات جوازات سفرهم السورية.
ورد الاتحاد السوري لكرة القدم أن مسؤولية جوازات السفر محصورة بالإداريين في المنتخب، وتعهد بمحاسبتهم عن هذا الخطأ الإداري.
“منتخب أشخاص وليس منتخب وطن”
تبع حادثة نسيان الجوازات الاستغناء عن اللاعب إياز عثمان، في 25 من كانون الثاني الحالي، بدعوى الحفاظ على تماسك المنتخب ووحدته وذلك قبل يومين من انطلاق الجولة السابعة.
وجاء قرار الاستغناء عن إياز بحجة شروط اللاعب “غير المنطقية”، وربط وجوده مع المنتخب بأن يلعب أساسيًا، كما أنه تكريس لمبادئ الالتزام والأخلاق الرياضية، وحرص على تماسك وحدة المنتخب، بحسب بيان نشره الاتحاد السوري لكرة القدم.
ليرد اللاعب بانتقادات واتهامات لاذعة، واصفًا المنتخب بأنه لم يُعد منتخب وطن بل منتخب أشخاص، ويتحكم فيه أشخاص وسط غياب للعمل الإداري والفني الاحترافي.
واتهم أربعة لاعبين دون ذكر أسمائهم بالتحكم بالمنتخب، ولهم السلطة بمعظم القرارات، وأوضح أن المدرب السابق نزار محروس قال له، قبل مباراة إيران، “إذا بلعبك رح يزعلوا لاعبين غيرك”.
كما اتهم عثمان المدرب تيتا بأنه “رجل منساق ومُسيّر، يسمع لغيره وينفذ طلبهم ليحافظ على منصبه، ويزعم بأنه والد للاعبين”، لكنه لم يتعامل مع إياز كذلك، حسب وصفه.
سوء تفاهم.. اعتزال وعودة
في 11 من كانون الثاني الحالي، أعلن حارس المنتخب اللاعب خالد حاج عثمان اعتزاله اللعب الدولي مع المنتخب، بعد يوم من حديث المدرب تيتا عن أن الحارس إبراهيم عالمة أقوى من الحارس خالد حاج عثمان بكل شيء، وخاصة أنه يلعب بقدميه، ويعتقد أن عالمة سيساعد تيتا أكثر.
وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، ظهر تيتا في تسجيل مصوّر قال فيه، إنه لم يقصد الإساءة لنادي الاتحاد الحلبي أو لاعبيه، ولم يقلّل من قيمة حارس المنتخب السوري خالد حاج عثمان، وإنه فُهم بشكل خاطئ، ونفى تيتا كلامه بأن لاعبي الاتحاد ليسوا جيدين، إنما أوضح أنه لا يمكن مقارنتهم باللاعبين السابقين.
ليظهر الحارس مرة أخرى في تدريبات المنتخب المقامة في الإمارات منذ 21 من كانون الثاني الحالي، بحسب ما رصدته عنب بلدي، ضمن الاستعداد للمباريات في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022.
مصالح شخصية وتحميل مسؤولية
في 4 من كانون الثاني الحالي، أعلن عضو اللجنة المؤقتة لاتحاد كرة القدم في سوريا أحمد قوطرش، استقالته من منصبه رسميًا، ووصف العمل بالاتحاد الرياضي بـ”الضبابي”، وأن هناك غموضًا كبيرًا في الكثير من الأمور، قائلًا، “أرى البعض كيف يلهث وراء مصالحه الشخصية والمنافع والسفر”.
وفي تشرين الأول 2021، قدّم رئيس وأعضاء الاتحاد السوري لكرة القدم استقالاتهم رسميًا، بعد النتائج “السلبية” للمنتخب الأول لكرة القدم.
وقال رئيس الاتحاد، العميد حاتم الغايب حينها، إنه استقال نظرًا للنتائج غير الملبية للطموح وبعيدًا عن الجدل تقدمت باستقالتي من رئاسة الاتحاد العربي السوري لكرة القدم.
ليتنصل رئيس الاتحاد الرياضي العام، فراس معلا من المسؤولية ويوضح أن الاتحاد المستقيل أخذ الدعم الكامل على مدار عامين، ولكن المنتخب رسم صورة مغايرة في الوقت الحالي عما قدمه في 2017، ولم يكن الاتحاد المستقيل على قدر المسؤولية.
العنصرية والوطنية في الكرة السورية
التخبط وفساد المنظومة الكروية لا يقتصر على الأخطاء والمحسوبيات، إنما يمتد إلى الاتهامات والعنصرية والتشكيك بالوطنية.
وكان اللاعب أياز عثمان اشتكى من تعرضه للعنصرية ضمن صفوف المنتخب، في منشوره عبر “فيس بوك”، في 27 من كانون الثاني الحالي، وقال إنه شخص سوري الهوى والهوية قبل أن يكون كرديًا، ولكن نظرة العنصرية تطغى عليه داخل المنتخب سواء داخل الفندق أو في التمارين والمباريات.
وينحدر عثمان من أصول سورية كردية، من مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا.
أوضح أياز أنه أخطأ في موضع ولكن الإدارة أصرت على إبعاده، رغم اعتذاره، لأهداف معينة مُخطط لها سابقًا، وأنه كان يرغب أن يُعامل بطريقة أفضل.
وكذلك طُرد اللاعب فراس الخطيب من الاتحاد الرياضي، بسبب مشاركته في المباراة الودية “الاستعراضية”، التي نظّمها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، في 17 من كانون الأول 2021، على هامش بطولة “كأس العرب” في قطر، التي جمعت بين أساطير نجوم العرب ونجوم العالم، بوجود المدرب الإسرائيلي أفرام غرانت، بصفته مشرفًا على فريق نجوم العالم.
ووصف اللاعب السوري قرار طرده بـ”الظالم والكيدي”، دون الاستناد إلى أي مستندات قانونية، ودون التواصل معه أو الاستماع إلى وجهة نظره، ومن جهته، رأى معلا أن قرار طرد الخطيب جاء لأسباب وطنية، ولقناعة الاتحاد بأنه لا يمكن لأي لاعب مهما علا شأنه أن يلعب مع إسرائيل.
رغم أن معلا كان مشاركًا في بطولة العالم للسباحة التي أُقيمت في غوانغجو الكورية الجنوبية، عام 2019، في سباق 3000 متر بمسابقة المياه المفتوحة، وحقّق المركز الثاني، بوجود لاعبَين اثنين من فريق إسرائيل في نفس المسابقة.
الظروف حجة باطلة
غياب المبررات عن بعض النتائج السلبية، وسوء التحضير، وغياب الإمكانيات، والظروف التي تمر بها سوريا، لم تعد حجج مقنعة للجماهير التي تترقب الانتصار منذ زمن بعيد.
في تشرين الأول 2021، ظهر المدرب السابق للمنتخب، نزار محروس، وعزا النتائج السلبية حينها إلى الظروف الـ”صعبة”، من عدم التحاق لاعبين، وإصابة آخرين، وتأخر وصول البعض عن التمارين، والتحاق متأخر من البعض قبل المباراة بيوم أو يومين، وصعوبات السفر والتنقل، وعدم تأمين تكاليف السفر الخاصة للمنتخب.
ليردّ مذيع برنامج “صدى الملاعب”، مصطفى الآغا تعقيبًا على كلام محروس حينها، بأنه يسمع بحجة الظروف منذ 41 عامًا، وأن المنتخب السوري سابقًا حقق بطولات بمدرب راتبه 100 دولار، مشيرًا إلى المدرب إبراهيمووف.
وتحدث الآغا عن أن اللباس الرياضي كان “عهدة” في تلك الأيام، من دون وجود بدل ثانٍ لزي اللاعبين، مؤكدًا أنه لا يوجد اهتمام، لكن هذا لا يمنع وجود لعب تنافسي، والأحداث القائمة الآن ليست عذرًا.
ووجه الآغا رسالة إلى القيادة من أعلى الهرم إلى أصغره، على حد تعبيره، قائلًا، “إذا كانت كرة القدم تستحق فأوجدوا الحلول، وإذا كانت لا تستحق، فانسوا التأهل إلى كأس العالم، وامرحوا بين بعضكم”.
كما انتقد الآغا، فراس معلا بأنه لاعب مهم، لكن منظومة الرياضة ليست لها مرجعية أو قرار، قائلًا، ”معلا على شو بيقدر يوقع أو يمون (الواسطة والتزكية)؟”.
ويتعرض المنتخب لانتقادات واسعة من جمهور المعارضة السورية، الذين يعتبرونه أداة بيد النظام السوري، خاصة مع استعراض عدد من لاعبيه مواقفهم السياسية بشكل صريح، واستقبال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، المنتخب في عام 2017، بعد وصول المنتخب إلى الملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم 2018.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :