د. أكرم خولاني
يعد ألم البطن من أشيَع الشكايات الطبية التي يعاني منها الناس، وقد يكون هذا الألم حول السرة أو فوقها أو تحتها أو في الخاصرتين، ويسمى الألم الذي يشعر به المريض في الجزء الواقع أسفل مستوى السرة بألم أسفل البطن (Lower Abdominal Pain)، الذي قد يتركز في الجزء المنخفض جدًا بمنطقة أسفل البطن المعروف بألم الحوض، وقد ينشأ الألم عن أي نسيج أو عضو موجود في هذا الجزء من البطن، وتعتبر النساء أكثر عُرضة لألم أسفل البطن نتيجة تقلصات الرحم أو الحمل أو حدوث مشكلات في المبيض.
ما أشيَع مسببات ألم أسفل البطن
مسببات ألم أسفل البطن فوق عظم العانة مباشرة (الناحية الخثلية)
توجد العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى الشعور بألم في الناحية الخثلية، وفي الآتي بعض من هذه الأسباب:
ألم المثانة
تُعرَف متلازمة المثانة المؤلمة على أنها الألم المزمن الذي ينشأ في المثانة، فيعاني المصاب من الألم أو الانزعاج في أسفل البطن، وتزداد شدة الألم عند امتلاء المثانة، وقد يزول لفترة قصيرة بعد التبول، وقد يعاني المصاب من الإلحاح والحاجة إلى التبول فورًا، أو قد يعاني من زيادة عدد مرات التبول، أو من المشكلتين معًا، وقد يعاني من وجود ألم في عضلات الحوض السفلية، وألم في أسفل الظهر تزداد شدته عند النساء خلال فترة الدورة الشهرية.
ألم الدورة الشهرية
قد يحدث ألم أسفل البطن عند النساء قبيل الحيض وفي أثنائه، ويظهر على شكل ألم نابض وتقلصي أسفل البطن يُعرف أيضًا بعسر الطمث، وقد يترافق مع بعض الأعراض الأخرى كالغثيان، والإسهال، وألم أسفل الظهر، والصداع.
مرض التهاب الحوض
هو العدوى التي تصيب الأعضاء التناسلية الأنثوية غالبًا نتيجة انتشار الجراثيم من المهبل إلى الرحم، أو قنوات فالوب، أو المبايض، وقد لا تدرك المرأة إصابتها بمرض التهاب الحوض أو حاجتها إلى العلاج، لأن معظم حالات الإصابة بهذه العدوى لا يرافقها ظهور أعراض وعلامات، وفي هذه الحالة قد يُكشف عن مرض التهاب الحوض عند مواجهة صعوبة بحدوث الحمل، أو في حالة وجود ألم مزمن في الحوض.
التهاب البروستات
البروستات هي غدة بحجم حبة الجوز تقع مباشرة أسفل المثانة عند الرجال، ويتسبب التهاب غدة البروستات بتورم فيها، وغالبًا ما يسبب ألمًا وصعوبة في التبول، والشعور بألم في الفخذ أو منطقة الحوض أو الأعضاء التناسلية.
مسببات ألم أسفل البطن في أحد الجانبين (الحفرتان الحرقفيتان اليمنى أو اليسرى)
قد يحدث ألم في أحد جانبي أسفل البطن لأسباب عدة، منها:
آلام منشؤها القولون
الإمساك المزمن وتشنج القولون والتهابات القولون كلها حالات قد تحدث تشنجات مؤلمة في الجهة اليسرى من أسفل البطن تزول بعد التغوط، وفي حالة القولون العصبي يرافق الألم تناوب الإسهال والإمساك، وعندما يكون الألم حادًا ومنتظمًا ويرافقه إسهال دموي فإنه قد يكون علامة تشير إلى وجود التهاب في القولون كداء كرون والتهاب القولون التقرحي، وهي أمراض تسبب التهابًا وتقرحات في الجدار الداخلي للقولون، ومن العلامات الأخرى لها التعب والغثيان وفقدان الوزن وفقر الدم.
التهاب الزائدة الدودية
يظهر الألم في البداية بمنطقة السرة وينتشر تدريجيًا إلى الجانب الأيمن أسفل البطن، ويزداد هذا الألم عند الحركة أو عندما يأخذ المريض نفسًا عميقًا أو عند السعال، وقد يترافق بأعراض أخرى كنقص الشهية وارتفاع الحرارة والغثيان.
ألم الإباضة عند النساء
تحدث الإباضة عند معظم النساء مرة واحدة شهريًا منذ البلوغ وحتى سن اليأس باستثناء فترة الحمل والرضاعة الطبيعية، وفي هذه المرحلة ينتج أحد المبيضين البويضة الأنثوية، وتعاني 20% من النساء من الألم خلال فترة الإباضة، وتختلف فترة استمرار الألم من امرأة لأخرى، ولكنه يستمر في معظم الحالات بمعدل بضع دقائق إلى 48 ساعة، ويبدأ هذا الألم عادة قبل نزول دم الطمث (الحيض) بحوالي أسبوعين، واعتمادًا على موقع المبيض الذي ينتج البويضة فإن ألم الإباضة قد يظهر في الجزء الأيمن أو الأيسر من البطن، وعلى الرغم من أن ألم الإباضة لا يشير إلى وجود مشكلة أو خلل معيّن، فإن الألم الشديد قد يحدث أحيانًا نتيجة الإصابة بأحد الأمراض النسائية مثل الإندوميتريوز (الانتباذ البطاني الرحمي).
الكيسات المبيضية
هي أكياس أو حويصلات مملوءة بالسائل في المبيض أو على سطحه، ووجودها شائع إلى حد كبير بين الإناث، وتُعرف هذه الحالة بتكيّس المبايض، وتكون عادة غير ضارة ولا يرافقها ظهور أي أعراض، فمعظم الكيسات المبيضية تظهر كجزء من العمل الطبيعي للمبايض، وتختفي من تلقاء نفسها خلال بضعة أسابيع دون أي علاج، ولكن في حالات معيّنة قد يرافق نمو الكيسة المبيضية ظهور بعض الأعراض، كالحالة التي تكون فيها الكيسة المبيضية كبيرة جدًا، أو أنها تعوق مجرى الدم الذي يغذي المبايض، فتؤدي إلى ألم في المنطقة السفلية من البطن على جانب التكيّس، وقد تؤدي إلى شعور بالثقل والامتلاء في زاوية الحوض، وفي حال تعرضها للتمزق فإنها تسبب ألمًا شديدًا وحادًا ومفاجئًا مع نزيف داخلي.
الحمل الطبيعي والحمل خارج الرحم
قد يكون وجع أسفل البطن من أعراض الحمل الطبيعي أحيانًا، ولكن في حالات الحمل خارج الرحم الذي يحدث عندما تُزرع البويضة المخصبة خارج الرحم، فإن ذلك قد يرافقه ظهور أعراض مختلفة عادة بين الأسبوع الرابع والـ12 من الحمل، ومن هذه الأعراض الشعور بألم في أحد جانبي البطن الذي قد يكون مستمرًا ومزمنًا، والشعور بألم في طرف الكتف، بالإضافة إلى النزيف المهبلي، والإصابة بالإسهال والتقيؤ، ووجود ألم في الأمعاء قد يظهر في أثناء التبول أو التبرز.
الانتباذ البطاني الرحمي (الإندوميتريوز)
هو الاضطراب المتمثل بنمو النسيج المكوّن لبطانة الرحم خارج الرحم، والذي يوجد عادة في الجزء السفلي من البطن أو الحوض، ولكنه قد يظهر في أي مكان في الجسم، فتعاني المرأة المصابة بالإندوميتريوز من بعض الأعراض، كالآلام التي ترافق الحيض، أو الشعور بألم في أثناء الجماع، ولكن قد لا تظهر أي أعراض على بعض النساء اللواتي يعانين من مشكلة الإندوميتريوز.
التهاب الحويضة والكلية
هو أحد أنواع عدوى الجهاز البولي التي تبدأ عادة في الإحليل أو المثانة، وتنتقل إلى كلتا الكليتين أو إحداهما، ومن الأعراض والعلامات التي ترافق حدوث عدوى الكلى الإصابة بالحمى والقشعريرة، والغثيان والإقياء، والشعور بألم في الخاصرة أو أسفل البطن أو منطقة جذر الفخذ، والإلحاح البولي والرغبة المتكررة بالتبول، والشعور بالحرقة أو الألم عند التبول، ووجود رائحة كريهة للبول، وظهور القيح أو الدم في البول الذي يبدو ضبابيًا.
الحصوات الكلوية
قد تكون حصوات الكلى بحجم ذرات الرمل، وقد تكون كبيرة بقطر أكثر من سنتيمتر، والقليل منها قد يصل حجمه إلى حجم كرة الغولف، وكلما كان حجم الحصاة أكبر تكون الأعراض أشد، إذ يرافق الإصابة بحصوات الكلى ألم أسفل البطن وألم مبهم أو مستمر في المعدة، وألم شديد على جانبي أسفل الظهر، بالإضافة إلى التقيؤ والغثيان والبول المدمى.
الألم العضلي
قد يؤدي الإجهاد العضلي البسيط إلى حدوث ألم في البطن، قد يكون شديدًا للغاية عند تحريك العضلة المصابة، ويمكن الأخذ بعين الاعتبار وجود الإجهاد العضلي في الحالات التي يشعر فيها المصاب فعلًا بأن الألم في العضلات، أو في حال حدوث الألم بعد ممارسة التمارين الرياضية.
الفتق الأربي (المغبني)
يحدث الفتق الأربي عندما تبرز الأنسجة، مثل جزء من الأمعاء، من خلال منطقة ضعيفة في عضلات البطن، ما يؤدي إلى انتفاخ المنطقة على أحد جانبي عظم العانة، ويصبح أكثر وضوحًا عند الوقوف، ويمكن أن يكون الجزء البارز مؤلمًا، خاصة عند السعال أو الانحناء أو رفع شيء ثقيل.
ما الأعراض المرافقة لألم أسفل البطن
يترافق ألم أسفل البطن عادة بأعراض أخرى، فقد يترافق بأعراض عامة مثل:
ألم الجسم، الحمى، شعور بالإعياء والتعب العام، تشنج العضلات، ألم أو تنميل في البطن، طفح جلدي، فقدان الوزن فجأة.
وقد يترافق بأعراض تساعد على تحديد سبب الألم، ويمكن أن يكون السبب هضميًا عندما يترافق الألم بالأعراض الآتية:
تشنج البطن، انتفاخ، غازات، خروج دم مع البراز، الإمساك أو الإسهال، صعوبة إخراج البراز.
وغالبًا ما يكون السبب بوليًا عندما يترافق بالأعراض الآتية:
إلحاح بولي، تعدد بيلات، ألم أو حرقة عند التبول، خروج بول مدمى أو ضبابي.
كيف يُشخّص سبب ألم أسفل البطن
هناك مجموعة من الاختبارات والفحوصات التي تساعد في تحديد سبب ألم أسفل البطن، ولكن في البداية يقوم الطبيب باستجواب المريض عن مكان الألم وشدته ومدته وما الذي يزيده وما الذي يخففه وما الأعراض المصاحبة له، ثم يبدأ بإجراء الفحص البدني الذي يشمل الضغط بلطف على منطقة البطن لتحري وجود انتفاخ أو تورم أو كتل أو علامات التهاب الزائدة الدودية أو ألم بالكلية، وهذا يساعد الطبيب في تحديد الفحوصات الخاصة بعد ذلك للوصول إلى التشخيص النهائي، وتشمل:
- تحليل عينات من الدم والبول والبراز للكشف عن وجود عدوى إنتانية أو دم مع البول أو البراز.
- اختبارات تصوير البطن والحوض بالأمواج فوق الصوتية أو الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي، إذ تساعد هذه الاختبارات في تشخيص بعض الالتهابات والكيسات والحمل والتمزقات والحصوات البولية والأورام.
- تنظير القولون للكشف عن وجود تقرحات أو بوليبات وأخذ خزعات للدراسة النسيجية.
ما خيارات العلاج
يعتمد خيار العلاج على المسبب الأساسي لألم أسفل البطن، ويمكن أن يتراوح ما بين تغيير نمط الحياة والنمط الغذائي المتبع، أو استخدام الأدوية، كما يمكن أن يتم اللجوء إلى العمليات الجراحية أحيانًا.
وقد تحتاج بعض الحالات إلى العلاج الإسعافي، وذلك عندما يترافق ألم أسفل البطن مع بعض الأعراض الخطيرة التي تشمل:
نزيفًا في أثناء الحمل، تغيرًا في الانتباه والتركيز، ارتفاع درجة حرارة الجسم بشكل كبير، ألمًا حادًا لا يمكن تحمله، القيء الدموي أو البراز الدموي، حدوث الألم بعد تعرض البطن لإصابة.