عنب بلدي – وكالات
أحدث إسقاط مقاتلة روسية على الحدود مع سوريا بعد اختراقها المجال الجوي التركي، 24 تشرين الثاني، “صدمة عالمية”، إذ لم يتوقع المراقبون والمحللون المتابعون للأزمة السورية الحالية وصول التوتر بالعلاقة بين تركيا وروسيا إلى هذا الحد، وبالذات بعد توصل الأطراف الدولية إلى تفاهمات وأطر مبدئية ربما تنهي الصراع الدموي في سوريا، المستمر منذ خمس سنوات، في مؤتمر فيينا 2.
الساعة 07:20 صباحًا أعلنت وسائل إعلام تركية وناشطون ميدانيون على الحدود مع سوريا سقوط طائرة “سو -24” روسية فوق جبل التركمان، وفور إعلان إسقاط الطائرة رسميًا من قبل تركيا وروسيا، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلغاء زيارة مقررة إلى تركيا، الثلاثاء 25 تشرين الثاني. فيما وصف الرئيس، فلاديمير بوتين، في مؤتمر صحفي مع العاهل الأردني عبدالله الثاني، إسقاط المقاتلة بأنه “طعنة في الظهر” ونفذه شركاء من وصفهم بـ “الإرهابيين”.
واعتبر أن الواقعة ستكون لها عواقب خطيرة على العلاقات بين موسكو وأنقرة، كما دعت الخارجية الروسية رعاياها لعدم السفر إلى تركيا، وفق موقع روسيا اليوم.
وقال بوتين إنّ “الطائرة، التي أسقطت والتي تقول تركيا إنه جرى تحذيرها عدة مرات، هوجمت داخل سوريا عندما كانت على بعد كيلومتر من المجال الجوي التركي وسقطت على مسافة أربعة كيلومترات من الحدود في الأراضي السورية”.
وعلى الفور وصف الكرملين حادث إسقاط الطائرة في سوريا بالأمر الخطير جدًا، مشيرًا أنه من السابق لأوانه تقديم تقييمات حول تحديد الصورة الكاملة لكافة الملابسات.
وقال الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف، إنه “من غير الصائب أن نقدم حاليًا أي تقييمات أو تخمينات أو نستخلص أي استنتاجات حتى وضوح الصورة بالكامل”.
الأتراك ينسقون مع الناتو
في المقابل، استدعت وزارة الخارجية التركية القائم بأعمال السفارة الروسية في أنقرة “سيرغي بانوف” لبحث المسألة، فيما أعلنت سفارة تركيا لدى روسيا استدعاء الملحق العسكري التركي إلى مقر وزارة الدفاع الروسية.
وأفادت مصادر في الخارجية التركية، لوكالة رويترز، أنه تم استدعاء بانوف بدلًا من السفير الروسي “أندري كارلوف”، بسبب تواجد الأخير في إسطنبول للقيام بتحضيرات قبيل زيارة كانت مرتقبة، الأربعاء 24 تشرين الثاني، لوزير الخارجية الروسي إلى تركيا وتم إلغاؤها.
وفي سياق متصل أجرى رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو مشاورات مع رئيس هيئة الأركان ووزير الخارجية التركي حول تطورات الأوضاع على الحدود.
وبحسب مصادر في مكتب رئيس الوزراء، كلف داوود أوغلو وزير الخارجية، فريدون سينيرلي أوغلو، بإجراء مشاورات مع الناتو والأمم المتحدة وكافة الأطراف المعنية حول الأحداث الأخيرة.
دوليًا، وصفت بريطانيا إسقاط مقاتلتين تركيتين، طائرة حربية روسية قرب الحدود السورية بأنه “أمر بالغ الخطورة”، مضيفة أنها تسعى لمعرفة المزيد من التفاصيل بشكل عاجل.
كما أعلن ممثل المفوضية الأوروبية، ألكسندر فينترشتاين، أن المفوضية “تراقب عن كثب واقعة إسقاط الطائرة الحربية الروسية في سوريا وتحاول استبيان الحقائق”.
تهدئة تركية وتصعيد روسي
وفي مسعى من تركيا لاحتواء الموقف بعد تصعيد روسي في اللهجة حيال أنقرة، عبّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أسفه حيال حادث إسقاط الطائرة الروسية، وأعرب عن أمله في ألا يتكرر مثل هذا الحادث.
وقال في كلمة ألقاها خلال اجتماع عقده في محافظة بالق أسير، السبت 28 تشرين الثاني “لقد أحزننا هذا الحادث كثيرًا، وآمل ألا يتكرر، وسنبحث هذه المسألة ونجد لها حلًا”. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال في وقت سابق إن “تركيا لم تعتذر عن إسقاط طائرة روسية أو تقدم تعويضًا عن الأضرار”. في وقت دعت فيه الخارجية الروسية رعاياها بعدم التوجه إلى تركيا، وأكدت على أن المواطنين الأتراك لن يكون بمقدروهم بعد 1 كانون الثاني 2016 دخول روسيا دون تأشيرة.
وبعد إسقاط الطائرة طفا على السطح ملف العلاقات الاقتصادية بين البلدين والتي يرى محللون أنها ستكون المتضرر الأكبر من الحادثة، سيما وأن البلدين يربطهما علاقات تجارية بمقدار 44 مليار دولار سنويًا، ومشاريع طاقة عملاقة.
ومن المتوقع أن تتكبد السياحة التركية خسائر بعدما دعت روسيا رعاياها لعدم التوجه إلى تركيا، إذ إن تركيا تستقبل نحو 4.4 ملايين سائح روسي سنويًا.
لكن في مقابل هذه التصريحات المتشددة، يعتقد خبراء غربيون وفق تصريحات للعربي الجديد أنّه ليس لدى البلدين مصلحة في زيادة التوتر السياسي أو العسكري أو حتى عرقلة المصالح التجارية المهمة بينهما، خاصة في هذا الظرف الاقتصادي والمالي الصعب الذي تمر به الدولتان.
من أوجه التصعيد الروسي ضد تركيا حيال إسقاط الطائرة الروسية إدخال موكو نماذج وطرازات أسلحة جديدة إلى سوريا:
الدبابة الروسية T90
كشفت تقارير غربية عن تزويد قوات الأسد بعشرات الدبابات الروسية من طراز T90، والتي اعتمدتها موسكو كدبابة روسية وحيدة في الجيش الروسي عام 1996.
وأكدت وسائل إعلامية دخول هذه الدبابات مؤخرًا إلى مطار النيرب العسكري في ريف حلب، إضافة إلى قاعدة حميميم الجوية في ريف اللاذقية، لتستخدم في المعارك التي تخوضها قوات الأسد وحلفاؤها ضد قوات المعارضة هناك.
ومن ميزات الدبابة T90، والتي تعتبر نسخة مطورة عن T72، تفوقها بالتصفيح والسرعة وميزات فنية أخرى، ودخلت خط الإنتاج عام 1995 واعتُمدت في العام الذي يليه كدبابة وحيدة للجيش الروسي.
تزن T90 حوالي 46.5 طن مقابل 41.5 طن لـ T72، وتفوقها بقوة المحرك الذي يبلغ ألف حصان ذي 12 أسطوانة، وتبلغ سرعتها حوالي 70 كيلومترًا في الساعة، وذات مناورة عالية قياسًا بالدبابات الأمريكية والألمانية المصنعة في الوقت ذاته.
وتعتبر الهند أكبر مستورد لهذا النوع من الدبابات وفق صفقة ضخمة مع موسكو في تسعينيات القرن الماضي، لكن خبراء عسكريين أكدوا أن T90 لا تختلف عن سابقتها وتشكو من عيوب تقنية في أنظمة التحكم في النيران.
تصفيح الدبابة يعتبر متطورًا عن سابقاتها وأجرت روسيا اختبارات مكثفة عليها عام 1995، أوضحت مقاومتها العالية للقذائف المضادة للدروع والتي أثرت فقط على هيكلها الخارجي دون المساس بالمحرك أو أجزائها الداخلية.
مشاركة الدبابة T90 في الحرب السوريّة كان خلال معارك حي جوبر، تشرين الأول 2014، واستطاع مقاتلو الحي تدمير دبابة منها بأسلحة مضادة للدروع من نوع آر بي جي، بحسب تسجيل مصور نشرته المعارضة آنذاك.
ويرى ناشطون معارضون أنّ الضجة الإعلامية المرافقة لدخول الدبابة الروسية الحديثة في معارك سوريا، لا تعدو كونها “جعجعة” نظرًا للعيوب التقنية التي تعتريها كسابقاتها من الأجيال القديمة، إذ استطاع “ثوار” سوريا تدمير العشرات منها بصواريخ مضادة للدروع من نوع “تاو” أو “كونكورس” أو “فاغوث” الموجهة.
صواريخ S-400
نشرت روسيا منظومة الصواريخ المتطورة ” S-400″ للدفاع الجوي داخل قاعدة حميميم في ريف اللاذقية غرب سوريا، الخميس 26 تشرين الثاني.
ومن المواصفات الفنية التكتيكية للمنظومة، أن مدى اكتشاف أهدافها 600 كيلومتر، وعدد الأهداف التي يمكن متابعتها في آن واحد 300 هدف.
ومدى تدمير الأهداف البالستية يتراوح بين 5- 60 كليومترًا، بينما يبلغ الارتفاع الأقصى للهدف المضروب 27 كيلومترًا، ويصل الأدنى إلى 100 متر، بسرعة قصوى للهدف المدمر تصل قرابة 4800 كيلومتر.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن، الخميس 26 تشرين الثاني، نشر منظومة ” S-400″ داخل قاعدة حميميم الجوية في سوريا، مؤكدًا أن بلاده “ستسخدم جميع الوسائل المتاحة لضمان أمنها”.