تهاني مهدي
تعد المراهقة من أشد المراحل صعوبة في حياة الإنسان، وهي مرحلة نمو ينتقل فيها الفرد من عالم الطفولة إلى عالم الرشد، وتتميز بمجموعة تغيرات؛ جسدية، وعقلية، ونفسية، واجتماعية، وانفعالية.
وكلمة مراهقة في اللغة العربية مشتقة من “راهق”، ومعناها الاقتراب من الشيء، أي أن الطفل يقترب من الرشد.
وتختلف المراهقة من فرد لآخر ومن بيئة لأخرى، فبعض العلماء يعتبر النمو الجسدي والنضوج الجنسي مؤشر على بداية المراهقة، إلا أن علماء النفس يرون مفهوم المراهقة أعم من ذلك، وأن البلوغ مرحلة فرعية منها. لذلك قام علماء النفس بتقسيم مرحلة المراهقة إلى ثلاثة أقسام:
1 – مرحلة المراهقة الأولى: 11-14 عامًا، تتميز بحدوث تغيرات بيولوجية سريعة.
2 – مرحلة المراهقة المتوسطة: 14-18 عامًا، تتميز باكتمال التغيرات البيولوجية.
3 – مرحلة المراهقة المتأخرة: 18-21 عامًا، يتحول فيها إلى راشد بالمظهر والمضمون.
ولأنها فترة نمو حرجة للشاب والفتاة، على حد سواء، فإنهم أحوج ما يكونون للمساعدة لتجاوز هذه المرحلة بأقل ما يمكن من مشكلات سلوكية، قد تنشأ نتيجة عدم قدرة الفرد على التكيف مع المرحلة الجديدة وما يواجهه من تحديات.
أبرز المشكلات السلوكية في حياة المراهق
-
الاغتراب والتمرد:
يبدأ المراهق على عكس ما كان عليه في الطفولة، فبعد أن كان يرى أبويه نموذجًا يحتذي بهما ويقلدهما في كل التصرفات، يبدأ بالتذمر، ويشكو من عدم فهمهم له. يحدث هذا لاختلاف المفاهيم بين الآباء والأبناء، وهو طبيعي لاختلاف الأجيال والأزمان، فيبتعد الابن عن والديه ويشعر بالاغتراب عنهما، ويحاول أن يثبت ذاته بالتمرد والقيام بعكس ما يتوقعانه منه، كمحاولة لإثبات الذات والتفرد، فهو لم يعد يهتم لأي سلطة في المنزل، وأي محاولة لتوجيهه ما هي إلا استخفاف بقدراته على الاستقلال وتدخل في حياته.
-
الصراع الداخلي:
يعاني المرهق من صراعات عديدة:
- صراع بين ما يحمله من عالم الطفولة وما تتطلبه حياة الراشد.
- صراع بين الاعتماد على الأسرة، والاستقلال عنها.
- صراع الأجيال.
- صراع بين تقاليد وقيم الأسرة وما يجده في المجتمع.
- صراع بين غرائزه الداخلية والضغوط الاجتماعية.
- صراع بين أحلامه والواقع الذي يعيشه.
إن وجود هذه الصراعات وغيرها تزعزع ثقة المراهق بنفسه، وتجعله مترددًا لا يدري ما يفعل إزاء ما يواجهه من مواقف جديدة، فنجده يوزع شخصيته بين ثلاثة مجتمعات يحاول التكيف معها:
- مجتمع الأسرة، الذي يتمثل بـ “الخضوع والولاء”.
- مجتمع الأصدقاء، ويمثل “الاستقلالية وتحقيق الذات”.
المجتمع الكبير، ويمثل “القانون والواقعية والنظام”.
-
الخجل والانطواء:
إن جميع ما يحدث في حياة المراهق من تغيرات بوجه عام، وتغيرات جسدية على وجه الخصوص، قد تسبب له الحرج والانفعال، فيلجأ إلى الانسحاب والانطواء كرد فعل على ما يمر به، إذا لم يفهم المحيطون به طبيعة هذه المرحلة وحساسيتها، ولم يساعدوه على تجاوزها.
-
السلوك المزعج:
كأن يقوم المراهق بفعل ما يريده دون اعتبار المصلحة العامة. فقد يصرخ ولا يهتم بمشاعر غيره، وقد يحطم أثاث المنزل بمجرد أنه غضب، ويتحدث بطريقة غير مؤدبة مع الفقراء، ويجادل جدالًا عقيمًا في أمور تافهة.
دور الوالدين
إن جميع ما يحدث من مشكلات أثناء المراهقة هو نتيجة لعدم فهم الوالدين لهذه المرحلة وكيفية التعامل متها، وعدم تهيئة الأطفال المسبق لها.
على الوالدين تغيير الأساليب في التعامل مع أبنائهم وتحويل العلاقة معهم إلى صداقة، وترك فسحة للحوار والحديث عن مشكلاتهم بآذان صاغية وقلوب ممتلئة بالحب، والابتعاد عن كل الألفاظ التي تحط من قيمتهم، أو تجرح كرامتهم.
فقد قال الرسول (ص): لاعبوهم سبعًا، وأدبوهم سبعًا، وصادقوهم سبعًا، ثم اتركوا لهم الحبل على الغارب.
وعلى الوالدين
- إشغال أبنائهم بالأنشطة الترويحية الموجهة.
- توعيتهم بالحقائق الجنسية عن طريق دراستها دراسة علمية، كي لا يلجأ للحصول على ما يتعلق بهذه المواضيع بطرق خاطئة. وتعريفه بأضرار السلوكيات الجنسية الخاطئة، والعمل على إعلاء الغرائز والارتقاء بها وتحويلها إلى أنشطة إيجابية بناءة.
- توجيه اهتمام المراهق نحو النشاط الرياضي، لما للرياضة من فوائد كتخفيف التوتر وغير ذلك.
- قبول المراهق في مجتمعات الكبار، وإتاحة الفرصة أمامه للاشتراك في نشاطاتهم، وتحمل المسؤوليات التي تتناسب مع قدراته وخبراته.
- التغذية الكاملة والصحية حتى تساعد الجسم، وتمده بما يلزمه للنمو.
- استغلال نقاط القوة عنده، والاهتمام بقدراته واكتشاف هواياته وتنميتها.
- الاهتمام بقدرات المراهق الخاصة والعمل على توفير فرص النمو لهذه القدرات.
- إشراك المراهق في النقاشات العلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاته، وتعويده على طرح مشكلاته، ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة.
- دمج المراهق في الأنشطةالاجتماعية، وملء أوقات فراغه.