
Image Source: Canva
Image Source: Canva
د. أكرم خولاني
يعد الألم الشرسوفي من أكثر شكايات آلام الجهاز الهضمي شيوعًا، وهو يعني الألم في أعلى البطن بالمنطقة الواقعة بين السرة والأضلاع الصدرية، وبالعامية يصفه الناس عادة بأنه ألم في منطقة “رأس المعدة” على الرغم من أن هذا المصطلح ليس تقنيًا ولا يُستخدم أبدًا في السياق الطبي السريري.
يكون الألم الشرسوفي على شكل طعن أو فرك أو عصر أو مغص أو حرقة، ويمكن أن يحدث على شكل نوبات متقطعة عدة مرات في الشهر، أو نوبات متكررة عدة مرات في الأسبوع، ويمكن أن تتراوح مدة كل نوبة من بضع دقائق إلى عدة ساعات.
والألم الشرسوفي هو عرَض وليس مرضًا بحد ذاته، يمكن أن يظهر كعرَض منفرد أو يترافق مع أعراض أخرى مثل الغثيان والقيء وحتى ألم خلف القص.
يمكن أن ينتج الألم الشرسوفي عن أسباب متعددة وكثيرة جدًا، يكاد يكون من المستحيل حصرها جميعًا، ولكن بشكل عام، يمكن القول إن السبب الرئيس والأكثر شيوعًا للألم الشرسوفي هو أمراض المعدة، وتأتي في المرتبة الثانية أمراض المريء، تليها في المرتبة الثالثة أمراض المرارة، وهناك أسباب أخرى عديدة أقل شيوعًا.
وهي حالة من الشعور بالألم أو الامتلاء أو عدم الارتياح في المنطقة الشرسوفية نتيجة تناول أصناف من الأطعمة غير مناسبة (غنية بالدهون أو التوابل)، أو نتيجة السرعة بتناول الطعام، أو الإفراط بالأكل، ما يؤدي إلى توسع المعدة وازدياد حجمها على الطبيعي، وضغطها على الأعضاء المحيطة بها مسببة الألم وضيق التنفس، وتترافق عسرة الهضم مع الإحساس بالانتفاخ والإحساس بالشبع بعد تناول كميات صغيرة من الطعام وحدوث الحرقة والغثيان، وضغط في البطن بسبب الغازات.
يحدث التهاب المعدة عندما تلتهب بطانة المعدة بسبب عدوى جرثومية أو أمراض مناعية أو تلف دائم في جدار المعدة، ويكون حادًا أو مزمنًا، ويسبب ألمًا شرسوفيًا مع ألم أو انزعاج في الصدر وعسر هضم مع غثيان وإقياء.
تحدث القرحة الهضمية عند تلف بطانة المعدة أو بداية الأمعاء الدقيقة (الاثنا عشر) نتيجة عدوى جرثومية أو الإفراط في تناول بعض الأدوية، مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية المسكنة للألم (كالآيبوبروفين والفولتارين)، وتسبب ألمًا شرسوفيًا قد يتحسن أو يسوء عند الأكل، ويترافق مع غثيان وقيء وسرعة الشعور بالشبع، وقد يحدث إقياء دموي أو شبيه بطحل القهوة، وبراز أسود مع أعراض النزيف التي تشمل التعب أو الشحوب أو ضيق النفس.
يحدث الفتق الحجابي عندما تندفع المعدة نحو الحجاب الحاجز عبر الفتحة التي يمر منها المريء، تعرف هذه الفتحة بالفُرْجة الحاجابية، ولا يسبب الفتق الحجابي الألم أو الانزعاج دائمًا وإنما بعد تناول أطعمة معيّنة، ومن الأعراض الشائعة للفتق الحجابي حدوث عسر الهضم وإحساس بالحرقة في الصدر والتهاب الحلق أو تهيجه والتجشؤ بصوت عالٍ.
من بين جميع أسباب الألم الشرسوفي، يمكن اعتبار سرطان المعدة أحد أكثر الأسباب إثارة للقلق لأنه يهدد حياة المريض، وعلى الرغم من عدم ظهور الأعراض في معظم الحالات، فإنه عند ظهور أي عرَض سريري يكون هذا العرَض عادة ألمًا شرسوفيًا.
يحدث ارتجاع الحمض عند رجوع بعض من حمض المعدة أو الطعام من المعدة إلى المريء، ما يسبّب ألمًا صدريًا خلف عظم القص وقد يصل إلى الحلق، ويؤدي الارتجاع المعدي المريئي إلى حدوث حرقة المعدة وعسر الهضم وطعم حمضي غريب في الفم وتقرح في الحلق أو بحة في الصوت وسعال متكرر.
يحدث التهاب المريء عند التهاب بطانة المريء، ومن أسبابه الشائعة الارتجاع المعدي المريئي أو الحساسية أو العدوى أو التهيج المزمن من الأدوية أو تناول مواد كيماوية كاوية، ويترافق التهاب المريء عادة مع الإحساس بالحرقة في الصدر أو الحلق وطعم حمضي غريب في الفم وسعال وصعوبة في البلع أو ألم عند البلع.
يحدث مريء “باريت” عندما يصبح النسيج المبطن للمريء شبيهًا بالنسيج المبطن للأمعاء، يُعرف هذا بالتحول النسيجي المعوي، ويحدث نتيجة الارتجاع المعدي المريئي المزمن، تتطلب هذه الحالة متابعة حثيثة، إذ قد يتحول مريء “باريت” إلى سرطان في المريء إذا لم يشخَّص ويعالَج، ويُعد الارتجاع المعدي المريئي والتدخين واستهلاك الكحول والسمنة عوامل خطر لسرطان المريء.
عندما تسد الحصاة الصفراوية مدخل المرارة تلتهب المرارة وتسبب ألمًا شرسوفيًا، تُعرف هذه الحالة بالتهاب المرارة، وتسبب نوبات من الألم الشديد في الزاوية العلوية اليمنى للبطن مع انعدام الشهية والغثيان والقيء والانتفاخ والغازات والحرارة وربما حدوث اليرقان (اصفرار لون الجلد وصلبتي العينين).
إذا كان الألم الشرسوفي حادًا أو مستمرًا أو يؤثر في الحياة اليومية.
إذا لم يحدث تحسن واستمرت الأعراض بعد استخدام الأدوية المضادة لحموضة المعدة والمسكنة للألم.
ويجب طلب الرعاية الطبية العاجلة عند حدوث أي من الأعراض الآتية:
يعتمد التوجه في التشخيص المبدئي على التاريخ الطبي والفحص السريري الذي يتضمّن معرفة شكل ومدة وشدة الألم ومحرضاته إضافة إلى الفحص البدني، ولكن يتطلّب الوصول إلى التشخيص النهائي إجراء دراسة تكميلية حسب التوجه الأولي، وتتضمن:
يعتمد علاج الألم الشرسوفي على السبب، لذلك يجب تحديد السبب أولًا ثم إعطاء العلاج المناسب لكل حالة.
وإذا كان الألم ناتجًا عن النظام الغذائي أو الإفراط في تناول الطعام، فقد يوصي الطبيب بتغيير النظام الغذائي أو نمط الحياة، وقد يشمل ذلك ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة كل يوم، أو الامتناع عن تناول أطعمة معيّنة واستبدال أطعمة أخرى صحية بها، وإذا اشتبه الطبيب بأن الألم ناتج عن التهاب في المعدة فقد قد يوصي ببعض الأدوية كمضادات الحموضة، ولكن يجب استبعاد الأسباب الخطيرة كسرطان المعدة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى