الرقة – حسام العمر
يضطر محمد الشاهين (45 عامًا)، من سكان حي الفرات بمدينة الرقة، إلى إغلاق نوافذ غرف منزله من الجهة الشمالية، بسبب انبعاث روائح مواد كبريتية من أحد معامل البطاريات القريب من المنزل.
دخول الهواء الملوث بالمواد الكيماوية ذات الرائحة الكبريتية إلى منزله واستقرارها داخل الغرف، سبّب التهابات رئوية لأطفاله الذين يستنشقون الهواء الملوث، بحسب ما قاله لعنب بلدي، إضافة إلى وجود روائح كريهة في المنزل طوال الوقت.
يشتكي سكان في مدينة الرقة من وجود معامل إعادة تدوير “المدخرات” (البطاريات) داخل أحياء المدينة السكنية، وتسببها بأمراض تنفسية، لا سيما للأطفال وكبار السن.
وتنشط داخل أحياء مدينة الرقة عدة معامل ومنشآت صناعية، منها معامل المواد الغذائية، والبلاستيك، ومعامل إعادة تدوير البطاريات، التي تُصنّف على أنها منشآت غير مرغوب بها بالتجمعات السكنية، وفق حديث بعض السكان إلى عنب بلدي، بسبب إصدارها الغازات السامة.
شكاوى دون رد
قدم سكان مجاورون لمنشآت صناعية، ولا سيما معامل البطاريات، عدة شكاوى لـ”مجلس الرقة المدني” و”مكتب الصحة” في بلدية مدينة الرقة، وفق ما قالوا لعنب بلدي، لكن دون حصولهم على رد على شكواهم رغم تكرار تقديمها.
وقال محمد، إنه حصل على وعد من “مكتب الصحة” في بلدية الرقة، في آخر شكوى قدمها، بأن المكتب سيمنح أصحاب معامل البطاريات التي تعمل داخل الأحياء السكنية مهلة أقصاها شهران، للبحث عن أماكن بديلة لمنشآتهم.
ويُعنى “مكتب الصحة” في بلدية الرقة والبلديات الأخرى التابعة لها في ريف الرقة، بمراقبة عمل المنشآت الصناعية، والتحقق من آثارها الصحية، وإجراء دوريات ميدانية على تلك المنشآت، بحسب ما قاله مسؤول في المكتب لعنب بلدي (طلب عدم ذكر اسمه).
وأضاف المسؤول أن المكتب يضطر إلى “الرأفة” بحال بعض أصحاب المنشآت، والتريث قبل إجبارهم على نقل منشآتهم ذات الضرر الصحي إلى خارج أحياء المدينة، معتبرًا أن الحركة الصناعية “ناشئة” في مدينة الرقة، ويجب مراعاة هذا الأمر قبل اتخاذ أي قرار.
خطر صحّي
قال صالح حمود، وهو طبيب عام في مدينة الرقة، إن وجود معامل تدوير البطاريات داخل الأحياء السكنية، يشكّل خطرًا حقيقيًا على الصحة العامة للسكان.
وتحدث الطبيب عن غازات سامة تنتج عن عملية إعادة التدوير، مثل غاز ثاني أكسيد الكبريت، والمخلّفات الملوثة بغبار الرصاص والديوكسينات، وجميعها تشكّل خطرًا مباشرًا على صحة السكان.
حاولت عنب بلدي التواصل مع أصحاب معامل إعادة تدوير البطاريات، لكنهم رفضوا الإدلاء بأي معلومات حول سبب عدم نقل معاملهم إلى خارج أحياء المدينة، رغم إقرارهم بالخطر الذي تشكّله على حياة السكان.
وتحذّر تقارير صحية رسمية، صادرة عن منظمة الصحة العالمية، من أثر وجود معامل البطاريات داخل المناطق السكنية، إذ يحمل أخطارًا صحية على حياة الإنسان بسبب صهر وإعادة تدوير الرصاص، والروائح التي تصدر من عملية إعادة التدوير، والتي ستتسبب بخروج غازات كبريتية سامة.
ووفقًا لتقرير لمنظمة الصحة العالمية، فإنه يمكن استنشاق أدخنة الرصاص وغباره المنبعث في أثناء تنفيذ إجراءات إعادة التدوير، كما يمكن أن ينتقل ذلك الغبار وتلك الأدخنة عبر الهواء، لتستقر في التربة والمسطحات المائية وغيرها من الأسطح، لتلوث المنطقة المحيطة بوحدات إعادة التدوير.
وما لم تتم معالجة مخلّفات تصنيع الرصاص والتخلص منها على النحو الملائم، فإنها ستلوث أيضا اليابسة والمسطحات المائية، ويمكن أن يتسلل الرصاص إلى السلسلة الغذائية من خلال المحاصيل التي تنمو في الأراضي الملوثة، بحسب التقرير.