وجّهت مجموعة من المنظمات الحقوقية السورية اليوم، الثلاثاء 18 من كانون الثاني، رسالة للرئيس الأمريكي، جو بايدن، بعد مرور عام على توليه الرئاسة.
انتقد نص الرسالة طريقة تعاطي إدارة بايدن مع ملف حقوق الإنسان في سوريا، فعندما انتُخب كانت لدى العديد من السوريين آمال عريضة في أن يأتي، كما وعد، بخطة شاملة لحشد المجتمع الدولي للتحرك بشأن سوريا، ومحاسبة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، على جرائم الحرب التي ارتكبها.
وجاء في الرسالة، “قبل عام، عندما أصبحت رئيسًا، أعطيتنا الأمل في أن حقوق الإنسان ستكون في صميم السياسة الخارجية للولايات المتحدة. لكن الآن في عام 2022، يستمر نظام بشار الأسد القاسي في ارتكاب فظائع حقوق الإنسان ضد الشعب السوري، وأُصيب السوريون داخل سوريا وفي الولايات المتحدة وحول العالم بخيبة أمل من رد إدارتكم”.
وبحسب الرسالة التي وقّع عليها أكثر من 15 منظمة من المجتمع المدني السوري، “لا يزال المدنيون يُقصفون حتى الموت من قبل النظام السوري وروسيا، حتى وهم يعانون من جائحة (كوفيد- 19). لا يزال أكثر من 100 ألف سوري محتجزين أو مختفين بشكل تعسفي، وغالبًا ما يعانون من التعذيب الشديد والعنف القائم على النوع الاجتماعي في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام. لا يزال الملايين من النازحين قسرًا، والكثير منهم في مخيمات رهيبة. وفي عام 2021 أثبت الأسد مرة أخرى أنه سيلجأ دائمًا إلى الوحشية إذا أطلق العنان له، عندما أخضع مدينة درعا لحصار المجاعة”.
و”بعدما يقرب من 11 عامًا على سحقه بوحشية المتظاهرين المطالبين بالحرية والديمقراطية، لا يزال النظام السوري يفلت من العدالة على جرائمه ضد الإنسانية”، بحسب الرسالة، و”قُتل أكثر من 350 ألف مدني وفر سبعة ملايين آخرين من البلاد، لكن في العام الماضي تحركت الدول العربية، بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة الرئيسون، لاستعادة العلاقات مع نظام الأسد”.
و”مع كل خطوة باتجاه تطبيع نظام الأسد، يترسخ بؤس الشعب السوري، ويتضاءل الأمل في مستقبل سلمي وديمقراطي لسوريا. إن تقاعس إدارتكم في مواجهة هذه التطورات سيشجع المزيد من الدول على أن تحذو حذوها. الآن لدينا وضع حيث يتعرض العديد من اللاجئين السوريين في جميع أنحاء العالم للتهديد بالإعادة القسرية من قبل الحكومات، على الرغم من أنه لا يوجد جزء من سوريا آمن للعودة إليه، ويواجه السوريون الاعتقال أو التعذيب أو حتى الموت إذا فقدوا حماية اللاجئين الخاصة بهم”.
وأضاف الموقّعون على الرسالة، “بينما نحيي الإجراءات والدبلوماسية المبكرة لإدارة بايدن لتأمين استمرار وصول المساعدات عبر الحدود في شمال غربي سوريا، وجهودها لتسهيل المساعدات الإنسانية، لا يزال السوريون عمومًا يعانون من انتهاكات حقوق الإنسان المدمرة بلا نهاية تلوح في الأفق. لا يستطيع السوريون الانتظار أكثر من ذلك. إن الجرائم المستمرة ضد الإنسانية في سوريا والمخاطر المتزايدة التي يتعرض لها ملايين اللاجئين السوريين تتطلّب تحرّكًا ملموسًا من الولايات المتحدة”.
واقترحت الرسالة خمس خطوات يجب على إدارة بايدن اتخاذها اليوم لإظهار أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بحماية حقوق الإنسان في سوريا، والسعي لتحقيق العدالة للسوريين.
“1- تعيين مبعوث إلى سوريا مكلف بمتابعة حل سياسي يتوافق مع قرار مجلس الأمن رقم (2254)، والدعوة لعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي عندما تتولى الولايات المتحدة الرئاسة في أيار 2022، مخصصة لوضع حقوق الإنسان في سوريا، والضغط من أجل تجديد الالتزام من قبل الدول الأعضاء بحل مستدام للنزاع السوري.
2- تصعيد التداعيات الاقتصادية والسياسية على الممولين العرب والأوروبيين والروس لانتهاكات النظام لحقوق الإنسان، وثني جميع الدول عن تطبيع العلاقات مع نظام الأسد.
3- حماية حياة المدنيين المعرضين للخطر في جميع أنحاء سوريا، وتأمين تجديد وتوسيع المساعدات الحيوية العابرة للحدود عام 2022، وتحدي روسيا والنظام السوري على كل التصعيد في الهجمات بشمال غربي سوريا.
4- امنحوا دعم إدارتكم الكامل للمنظمات التي تعمل على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان والفظائع الجماعية، وادفعوا على أعلى المستويات من أجل المساءلة ضد نظام الأسد وغيره من منتهكي حقوق الإنسان.
5- استثمار رأس المال السياسي المتجدد في قيادة قرار مجلس الأمن الدولي بشأن المعتقلين والمفقودين في سوريا، للإفراج عن جميع المعتقلين، ووضع حد للاستخدام الممنهج للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب من قبل النظام السوري. دعم الجهود الطويلة المدى لتحقيق العدالة الشاملة لضحايا الاحتجاز”.
وفي كانون الثاني الحالي، أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تقريرًا، رصدت من خلاله أبرز انتهاكات حقوق الإنسان من قبل أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا عام 2021.
وقُتل ألف و271 مدنيًا بينهم 299 طفلًا و134 سيدة (أنثى بالغة) على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، في عام 2021، وفقًا للتقرير.
وأكدت “الشبكة السورية” استمرار عمليات قتل المدنيين في سوريا للعام الـ11 على التوالي منذ اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، وبأعداد هي من الأضخم في العالم.
كما أكدت عدم استقرار الأوضاع في سوريا، وأنها لا تزال أحد أخطر البلدان في العالم على حياة المدنيين، كما أنها مكان غير آمن لعودة اللاجئين.
–