تزايدت وتيرة عمليات الاستهداف في محافظة القنيطرة جنوبي سوريا منذ مطلع عام 2021، وتنوعت هذه العمليات بين العبوات الناسفة، والاستهداف بالرصاص المباشر لمقاتلين سابقين بفصائل المعارضة، إضافة إلى موالين للنظام، تُنفذ تحت اسم مجهولين.
انعكست هذه العمليات على الحياة اليومية لسكان القنيطرة، التي تسودها مخاوف كبيرة تعوق المدنيين عن ممارسة حياتهم الطبيعية، بحسب مدنيين ممن قابلتهم عنب بلدي في القنيطرة.
علي (29 عامًا)، قال لعنب بلدي إن أغلبية قرى وبلدات القنيطرة تتحول إلى ما يشبه “مدن أشباح”، نظرًا إلى خوف المدنيين من مغادرة منازلهم، بسبب حالة الفلتان الأمني التي تشهدها المحافظة، والتي ارتفعت وتيرتها بعد “تسويات” النظام الأمنية في المحافظة.
ووثّقت عنب بلدي ثلاث عمليات استهداف منذ مطلع العام الحالي لم تسفر عن قتلى، وكان أحدثها انفجار عبوة ناسفة بسيارة أحد قادة فصائل المعارضة سابقًا، في بلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، إذ سقطت العبوة عن السيارة التي أُلصقت بها على أحد حواجز النظام بينما كانت تعبر الحاجز باتجاه مدينة خان أرنبة.
توتر أمني ينعكس على المدنيين
يضطر سكان محافظة القنيطرة اليوم إلى ملازمة منازلهم، تاركين أعمالهم ومصدر رزقهم، ما ينعكس بشكل سلبي على أوضاعهم المعيشية، التي تعتبر سيئة بطبيعة الحال.
أحد أهالي بلدة اوفانيا بريف القنيطرة الشمالي، قال لعنب بلدي، إن غياب الحركة في فترة المساء هو من أبرز مظاهر الخوف لدى الأهالي، الذي بلغ حدًا جعل بعضهم يتخلّى عن مصدر رزقه مقابل سلامته وسلامة عائلته.
وبحسب ما رصده مراسل عنب بلدي في القنيطرة، فإن قسمًا كبيرًا من شباب المحافظة يطمحون للسفر خارج سوريا نظرًا إلى غياب الأمن، وتزايد انتشار مجموعات تابعة للنظام و”حزب الله” اللبناني، يعتقد سكان المحافظة أنها هي التي تقف خلف استهداف المعارضين السابقين، والمنشقين عن قوات النظام سابقًا.
واعتبر مدنيون ممن قابلتهم عنب بلدي في القنيطرة، أن نشر ظاهرة الخوف في المحافظة أمر متعمد من قبل النظام، لدفع أكبر عدد ممكن من الشباب للهجرة خارج المنطقة.
تسهيلات للسفر يقدمها “حزب الله”
يسهّل “حزب الله” خروج الشباب من القنيطرة عن طريق تهريبهم إلى لبنان من طريق بيت جن- شبعا، أو إلى الشمال السوري عبر مهربين يعملون لمصلحة الحزب اللبناني.
بينما تعمل شعبة حزب “البعث” في القنيطرة، التي يترأسها خالد أباظة، على تجنيد الشباب في المحافظة، لتشكيل قوة عسكرية تعمل لمصلحة النظام و”حزب الله” كخلايا أمنية.
وبالتوازي مع القوة العسكرية يجري تشكيل شبكة استخبارات يقدمها المسؤولون على أنها لمراقبة الحدود مع الجولان، عبر تجنيد شباب المحافظة، إلا أن سكان من المحافظة اعتبروا أن هذه الشبكة تهدف لمراقبة سكان المنطقة والمقاتلين السابقين في فصائل المعارضة.
وفي حزيران 2021، أصدر فرع “الأمن العسكري” في القنيطرة، المعروف بـ”فرع سعسع”، قرارًا يقضي بتهجير عدد من أهالي بلدة أم باطنة بريف القنيطرة الأوسط.
سبقه بيوم واحد قصف قوات النظام و”حزب الله” اللبناني الموجودة بالقرب من تل الشعار قرية أم باطنة وسط القنيطرة بعدة قذائف هاون، بحسب مصادر من البلدة.
وسيطرت قوات النظام على محافظة القنيطرة في تموز 2018، بعد حملة عسكرية شنتها على الجنوب السوري بدعم من الطيران الحربي الروسي، وأسفرت عن تهجير الآلاف من سكان درعا والقنيطرة إلى شمالي سوريا ممن رفضوا “التسويات” الأمنية التي نفذتها قوات النظام بوساطة روسية.
–