لنحفظ لغة المجاهدين ونعرف عاداتهم
خطيب بدلة
كان علينا، نحن السوريين، أن نتعامل مع الإخوة المجاهدين الذين جاؤوا لنصرة أهل الشام، بذكاء، وحنكة، ودراية، فندرس، مسبقًا، عادات أهل الشيشان، ومصر، وتونس، وباكستان، وليبيا، والأيغور، والتركستان، ومختلف البلاد التي جاؤوا منها.
نفعل ذلك لئلا نخطئ بحقهم، فينطبق علينا المثل القائل “نكون بالطب، فنصبح بالبيطرة وقلع الأضراس”، يعني أيرضيكم، أيها السوريون، أن نقصّر بحق أحدهم فيحرد، وينطمز ويقول: بطلت أجاهد، نسواني طوالق، وإمائي وعبيدي عواتق، إذا أنا قوصت بعد اليوم فشكة واحدة على أعداء الإسلام، ويرجع إلى بلاده تاركًا إيانا تحت رحمة العدو الصائل؟
لا يجوز، بالطبع، أن نقتصر على معرفة عاداتهم، بل يجب أن نتعلم لغتهم، وبما أنهم يتحدثون بالعربية الفصحى، يجب علينا أن نهجر العامية، وكل واحد منا يضع تحت إبطه نسخة من “مختار الصحاح”، أو “تاج العروس”، لكي نتمكن من مجاراتهم، ونفهم ما يرمون إليه في أحاديثهم، وهذا الكلام ينطبق بشكل خاص علينا نحن الكتّاب، فحينما يقول لي أحد المجاهدين الفيسبوكيين، مثلًا: يا خطيب بدلة أنت إمَّعة، يجب أن أعرف ماذا تعني كلمة إمَّعة، وإذا لم يكن القاموس تحت إبطي، عليّ أن أتخيل الإمَّعة شخصًا تافهًا، مهلهلًا، إذا جلس مع معشر المجاهدين الأكابر، يكون شعره منكوشًا، وثيابه مجعلكة، ورائحة إبطيه طالعة، وعندما يأكل تظنه داخلاً في حرب البسوس، فتراه يقضم، ويجغم، ويحش، ويصدر صوتًا مزعجًا في أثناء مضغ الفليفلة والبصل والفجل والجزر، وإذا شرب من طاسة الشنينة تسمع صوت الشَرْق والزلع والبلع من الحارة الشرقية، وتحصل، على حد تعبير عادل إمام، فضايح.
الإخوة “الأنصار”، أعني سكان البلاد التي جاء الإخوة “المهاجرون” لنصرتها، لا ضرورة لتنبيههم إلى ضرورة التأدب، ومعرفة حدودهم، فالأمير الفاتح “أبو محمد الجولاني” أوجد من هيئات المراقبة، والمتابعة، والأمر والنهي، والسجون والمعتقلات، ما يكفي لجعلهم يسكتون، لا يفتحون أفواههم إلا لتناول الطعام والشراب، وأما السوريون الذين يعيشون في بلاد الكفر والإلحاد، فيجب أن يكون كلامهم مدروسًا، ومحسوبًا (على الديزم)، وأن يتقنوا، هم الآخرون، لغة الجهاد، فإذا سولت لأحدهم نفسُه فانتقد أميرًا تزوج امرأة ثالثة، أو آخر لم تعجبه المرأة التي أعطيت له لأن عمرها فوق الـ20، بينما هو يفضّل الصغيرات، أو قائدًا أغار على قرية غير مسلمة وذبح نصف رجالها، مثلما فعل المجاهد التونسي الملقب “سفينة” بأهل قرية قلب لوزة، أو اشترى مجاهد ما مطعمًا في عاصمة أوروبية ببضعة ملايين من الدولارات، يجب أن يعرف نوعية التهم التي ستوجه إليه، كأن يقال إنه رويبضة، أو عَلماني كلب، أو ديمقراطي حقير، يضاف إلى الصفة الأولى صفات مترادفة كقولهم: يقوم بالتدليس والدس على الدين، يطعن بصحابة رسول الله الكرام، يستقي أفكاره من أئمة الشيعة، فيذكروننا بالتهم التي كان يستعملها رئيس محكمة أمن الدولة المجرم فايز النوري، وقد عُرفت باسم “اللصاقة”، وفيها وهن نفسية الأمة، محاربة النظام الاشتراكي، الطعن بالدستور، التخابر مع جهات أجنبية… وهذه الصفة الأخيرة، بالمناسبة، يستخدمها تنظيما “داعش” و”النصرة”، بصيغتها الحرفية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :