ناقشت مجلة “فورين بوليسي”، في تقرير لها، مدى جدوى العقوبات الأمريكية المفروضة على النظام السوري، وما إذا كان ممكنًا تخفيف هذه العقوبات مقابل الحصول على تنازلات من النظام، وإيقاف موجات النزوح.
ووفقًا للتقرير الذي نشرته المجلة الأمريكية اليوم، الثلاثاء 11 من كانون الثاني، وترجمته عنب بلدي، فإن العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام هي محل خلاف عميق بين مجموعتين، تعتبر الأولى إلغاءها استسلامًا لتكتيكات روسيا والأسد، فيما تراها الثانية غير مجدية وسببًا لموجة نزوح جديدة.
ويتفق الخبراء، وفق المجلة، على أهمية العقوبات الفردية التي تستهدف الأسد وحاشيته، ويُجمعون على تحديد المزيد من الشخصيات في الأجهزة الأمنية ومعاقبتها، إضافة إلى محاكمة مجرمي الحرب السوريين في محاكم أوروبية بموجب ما يُعرف بـ”الولاية القضائية العالمية”.
لكن الخلاف يظهر فيما يخص العقوبات المفروضة في إطار قانون “قيصر“، إذ ترى مجموعة من الخبراء أن تخفيف العقوبات خوفًا من تدفق اللاجئين، قد يرقى لأن يكون “استسلامًا” لتكتيكات روسيا والأسد، الذي لم يرضخ بعد لأي من مطالب المجتمع الدولي التي تضمّنها القرار “2254” الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وليس لديه أي نية لتغيير سلوكه.
بينما ترى المجموعة الأخرى، أن تمسّك الأسد بالسلطة وعدم إمكانية إسقاطه من قبل المعارضة أو حليفه الروسي في وقت قريب، يجعلان من العقوبات الواسعة عديمة الجدوى، ويتطلبان من الولايات المتحدة سياسة أكثر دقة للاستفادة من العقوبات، مع تخفيف الضائقة الاقتصادية على السوريين، وإبقائهم في منازلهم.
ونقلت المجلة عن “مجموعة الأزمات الدولية” (ICG) توصيتها للولايات المتحدة بأن تضع قائمة بالخطوات “الملموسة والواقعية” التي يجب على النظام وحلفائه اتخاذها مقابل إعفائه من العقوبات.
ووفقًا لـ”مجموعة الأزمات الدولية”، فإن النظام السوري لن يحاسب مجرمي الحرب أو يطلق سراح جميع المعتقلين، لكن يمكن إقناعه بمنح وصول غير مقيّد للجهات الفاعلة الإنسانية الدولية، والسماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم، والتعهد بإنهاء القصف الجوي العشوائي على المناطق الخارجة عن سيطرته.
كبيرة المحللين في المجموعة دارين خليفة، قالت إن النفوذ الغربي في سوريا يتمثّل بالوجود العسكري للتحالف الدولي، والعقوبات، والتحكم بتدفق الأموال المرسَلة لإعادة الإعمار.
ورغم أن هذا النفوذ، وفقًا لخليفة، غير كافٍ لتغيير القيادة في دمشق، فإنه إذا استُخدم بشكل فعال فيمكن أن يحقق أهدافًا ذات قيمة استراتيجية للغرب، ويحفظ حياة ملايين السوريين.
وترى خليفة أن الحكومة السورية، مثل أي طرف في النزاع، قد توافق على التسوية حين تدرك أن لا خيار لها غير ذلك، طالما أن هذه التنازلات لا تمس بنية النظام.
وبحسب التقرير، فإن سياسة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تجاه سوريا، تركت المحللين في حيرة من أمرهم، إذ لم تتبع الإدارة الأمريكية سياسة مشددة بخصوص العقوبات، كسماحها بصفقة خط الغاز المصري والكهرباء الأردنية المتجهين عبر سوريا إلى لبنان، في حين كان بإمكانها الحصول على مقابل لهذا التخفيف.
يختتم التقرير بوصف سياسة بايدن تجاه سوريا بأنها “مشوشة”، وأنها فشلت في إيجاد توازن للضغط من أجل التغيير في سلوك النظام، ما يظهر أن الإدارة غير راغبة في تجاوز ذلك، وبالتالي فهي تترك الأزمة مستمرة على الرغم من آثارها على ملايين الأرواح، وعلى مستقبل السياسة الأوروبية.
–