في إدلب المكتظة بالسكان، جدل قائم بين من يتمسك بالعادات والتقاليد في إقامة مجالس العزاء في الخيام، ومن يرى ضرورة الانتقال لحلول تناسب واقع المدينة الحالي، مع الازدحام الذي تشكل هذه الخيام واحدًا من أسبابه.
محمد الحمود (31 عامًا) روى لعنب بلدي خلافًا حصل بين أقاربه بين من كان يرى إقامة مجلس العزاء في خيمة العزاء تمسكًا بالعادات والتقاليد، ومن يؤيد إقامة المجلس في منزل المتوفى الواسع، ليستقر الأمر أخيرًا ببناء الخيمة، بعد تدخل عدد من الوجهاء للتوسط في حل المشكلة.
وأضاف محمد، ما لا شك فيه أننا نكن للعادات والتقاليد كل التقدير والاحترام مادامت لا تخالف الشريعة، لكن ضرورات الحال واختلاف الواقع وازدحام المدن، يدفع بسكان المدينة لإعادة التفكير في قضية إقامة مجالس العزاء في الطرقات، ما يتسبب بإغلاق كامل أو جزئي لها.
ماهر سطوف (34 عامًا) قال لعنب بلدي، إن المدن والقرى في محافظة إدلب مكتظة بالسكان ومختلفة عن السابق، إذ تضاعفت أعداد سكانها والقاطنين فيها مع حركة النزوح التي شهدتها سوريا خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وباتت اليوم إقامة خيم للعزاء في الطرقات سببًا رئيسًا في عرقلة المرور واغلاق بعض الطرقات بشكل كامل، وباتت تشكل مصدر إزعاج للسكان وتُرهق أهل المتوفى.
صالات العزاء أقل عبئًا وتكلفة
إقامة مجالس العزاء في صالات مخصصة يحل مشكلة اغلاق الطرقات بخيم العزاء، ويوفر تكاليف العزاء الباهظة أحيانا، وهو أقل ارهاقًا لأسرة الفقيد.
وتعتقد فئة من الناس في مدينة إدلب أن إقامة مجالس العزاء في المنازل، أو في الصالات المخصصة لها، يعد أمرًا إيجابيًا بالنسبة لعائلة المتوفى وسكان المدينة أيضًا، حيث يتم تجنيبهم الزحام وحالات إغلاق الطرقات، بحسب مدنيين ممن قابلتهم عنب بلدي.
وقال أحمد الطويل (48 عامًا) لعنب بلدي، وهو أحد النازحين من مدينة دمشق، إن مجالس العزاء في العاصمة دمشق كانت تُقام في صالات مخصصة في الكثير من الأحيان، وغالبًا ما تُقام في أقبية المساجد.
كما أن هذه الصالات كانت “تبعث شيئًا من الراحة لدى أهل المتوفى، بحيث لا تضطر أسرته إلى البقاء في خيمة العزاء طيلة فترة العزاء في برودة الشتاء أو حر الصيف”، وإنما تفتتح الصالات في أوقات معروفة ومناسبة لأهل المدينة، كالفترة الممتدة بين صلاة المغرب إلى بعد العشاء، كما أنها أقل تكلفة من العزاء في الخيم.
صالات مُلحقة بالمسجد
للحد من انتشار الخيام في الشوارع، قررت لجنة المسجد الكبير في ادلب إقامة صالة ملحقة بالمسجد للمناسبات العامة، ومنها مجالس العزاء، والتي يراها مدنيون ممن قابلتهم عنب بلدي على أنها أحد الحلول.
محمد الأحمد (48 عامًا)، وهو إمام وخطيب المسجد الكبير في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، إن تزايد السكان بشكل كبير، وازدحام المدينة بالإضافة لعرقلة مرور سيارات الإسعاف في بعض الشوارع بسبب وجود خيام العزاء، دفع للتفكير بتجهيز صالة تتبع إلى المسجد الكبير، تخصص للمناسبات العامة كالعزاء والأفراح وجلسات الصلح.
وأضاف الأحمد أن الصالة قيد التجهيز، وأعمال البناء مستمرة للانتهاء في أقرب وقت، كما أن الصالة ستكون مؤلفة من طابقين لاستقبال أكثر من مناسبة في الوقت ذاته.
إدلب “مكتظة بالسكان”
وفق أحدث دراسة لمركز “جسور للدراسات” عن توزع السكان في الشمال السوري، بلغ عدد سكان مناطق نفوذ المعارضة شمال غربي سوريا أربعة ملايين و25 ألف شخص.
في حين يبلغ عدد سكان المخيمات مليونًا و512 ألفًا و764 شخصًا، يعيشون ضمن 1489 مخيمًا، من بينها 452 مخيمًا عشوائيًا أُقيمت في أراض زراعية، ويقيم فيها أكثر من 233 ألف نازح، بحسب فريق “منسقو الاستجابة”