زينب مصري | حسام المحمود | حسن إبراهيم
لم تستطع الأربعينية سارة المحمود منع حبات المطر من التساقط فوق أمتعة خيمتها المهترئة التي تتسرب إليها المياه من كل الجهات، وتقول إنه “ليس باليد حيلة”، في إشارة إلى عدم قدرتها وزوجها على تبديل الخيمة أو حتى وضع الشوادر الجديدة عليها.
“نواجه شتاء قاسيًا في كل عام دون أن يلتفت أحد إلى معاناتنا. حياتنا هنا في مخيمات قاح صارت جحيمًا لا يُطاق، لا تدفئة ولا سكن مناسبًا ولا خدمات، نحن نعيش على هامش الحياة”، تضيف سارة لعنب بلدي ملخصة معاناة السوريين في مخيمات النزوح كل شتاء.
يواجه النازحون شمال غربي سوريا أوضاعًا صعبة، لا سيما في فصل الشتاء الذي يحمل معه معاناة من نوع مختلف وسط انخفاض درجات الحرارة، وانتشار الوحول، وغياب وسائل التدفئة وانعدام القدرة على تأمينها.
وتتكرر معاناتهم بشكل سنوي منذ إنشاء مخيماتهم في الشمال السوري عقب اندلاع الثورة في سوريا عام 2011، دون إيجاد حلول جذرية لإنهاء هذه المعاناة مع وجود حكومتين تديران المنطقة وعشرات المنظمات الإغاثية العاملة فيها.
في تشرين الثاني 2020، أعدّت عنب بلدي تحقيقًا رصدت فيه تجارب نازحين مع البحث في أسباب تجدد أزمات الشتاء، وفشل الحلول لاحتوائها.
وفي هذا الملف، تناقش عنب بلدي أسباب تكرّر أزمة الشتاء في مخيمات الشمال السوري، وتأخر الاستجابة لها من قبل المنظمات الإغاثية العاملة في المنطقة.
نازحو الشمال منسيون من الدعم الشتوي
بينما تحاول جمع بعض العيدان وأكياس النايلون من أطراف مخيمها في دير حسان، تقول سمية العلواني (35 عامًا)، إن عائلتها لم تتمكّن من شراء مواد التدفئة هذا العام مع ارتفاع أسعارها بشكل جنوني.
تعتمد سمية منذ بداية فصل الشتاء وحتى الآن على ما تجمعه مع أبنائها من بلاستيك وأكياس نايلون وأحذية مهترئة وبعض العيدان للاستعانة بها في التدفئة، وفق ما تضيفه لعنب بلدي.
لم تعمد المنظمات إلى تأمين مواد التدفئة لهم هذا العام على غرار أعوام سابقة عدة، ولم تعد المعونات تلبي الاحتياجات الأساسية أو قسمًا منها، أو بالأحرى فإن المعونات الشهرية وتغطية مواد التدفئة تستهدف أماكن دون أخرى، بحسب سمية.
معونة غير كافية
لكن أيمن الخلف المنحدر من منطقة دير حافر والنازح إلى مخيمات ريف حلب الشرقي، حصل من “الجهات المختصة” منذ بداية الشتاء حتى الآن على ثمانية أكياس من مادة “البيرين” المستخدمة كفحم للتدفئة، يحتوي كل كيس على 15 قطعة، كمعونة شتوية لم تكن كافية.
ولجأ مع عائلته المكوّنة من خمسة أشخاص إلى استخدام أكياس النايلون والبلاستيك والكرتون التي يجمعونها من الطرقات للتدفئة، بسبب غياب الدخل الشهري الذي يمنعهم من شراء الفحم، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
الشتاء الماضي كان أفضل، بحسب أيمن، إذ حصل على دعم من الفحم ومادة “البيرين” ولم يحتج إلى شيء، أما هذا الشتاء فـ”سيئ” للغاية، ولم يتلقَّ أي دعم، وفق ما أضافه.
وكأيمن، حصل حسان عبد السلام، المهجر من الغوطة الشرقية إلى مخيمات ريف حلب الشرقي، على معونة شتوية لمرة واحدة فقط لهذا العام.
“قريبًا سنحرق تيابنا والحرامات”، قال حسان لعنب بلدي، مبيّنًا أن غياب وسائل التدفئة سيدفع أهالي المخيم الذي يقطن فيه، إلى إحراق ما يملكونه من ألبسة لدرء برد الشتاء عن أبنائهم.
يضطر حسان وهو والد لطفلين، إلى إشعال المدفأة ثلاث ساعات فقط خلال اليوم (ساعة في الصباح وساعتان خلال المساء) لتدفئة الخيمة قبل موعد نوم الأبناء، لعدم امتلاكه الوقود أو الحطب.
“إذا شغلت (الصوبا) تصبح الخيمة دافئة، لكن إذا أوقفتها عشر دقائق تصبح كأنها براد”، أضاف حسان، موضحًا أن المنظمات الإغاثية لم توزع معونات شتوية كافية هذا الشتاء، ولا توجد موارد مالية لأهل المخيم تساعدهم على تأمين المحروقات وشراء مواد التدفئة.
البرد يهدد حياة النازحين
يعيش أغلب النازحين في مخيمات لا تتوفر فيها متطلبات التدفئة، إضافة إلى قدم الخيم وتدمير العديد منها نتيجة العوامل الجوية المختلفة، ما يزيد المخاوف من إصابة العديد من الأطفال وكبار السن في المخيمات بنزلات البرد، وظهور أعراض صدرية وجلدية عليهم.
وإلى جانب ذلك، توجد مخاوف من حدوث حالات وفاة بين النازحين نتيجة انخفاض الحرارة، وفي مقدمتهم الأطفال، بحسب بيان لفريق “منسقو استجابة سوريا” صادر في 23 من كانون الأول 2021.
ودعا البيان المنظمات الإنسانية إلى البدء بالتحرك لتأمين متطلبات النازحين وخاصة مواد التدفئة، وتعويض الأضرار الأخيرة الناجمة عن الهطولات المطرية، وتوسيع عمليات الاستجابة الإنسانية في ظل عجز جميع النازحين عن تأمين المستلزمات الأساسية بسبب ارتفاع أسعارها.
85% من مخيمات الشمال السوري أقدم من عمرها المتوقع وأكثر عُرضة للتلف، وأقل مقاومة للظروف الجوية، بحسب تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) في تشرين الأول 2021.
وأوضح التقرير أن الأشخاص المحتاجين يمكن أن يلجؤوا إلى آليات التأقلم “السلبية”، مثل حرق المواد غير الآمنة للتدفئة، ما يزيد من أخطار اندلاع الحراق وانتشار الأبخرة السامة، في ظل غياب أنظمة إدارة المخيمات المناسبة والاستجابة الكافية لفصل الشتاء وإعداد الملاجئ والمخيمات لتحمّل الظروف القاسية والحفاظ على دفء الساكنين.
وتزداد احتمالية اندلاع حرائق عرضية بسبب تحديات الوصول إلى الوقود الآمن، نتيجة الندرة وارتفاع الأسعار، بحسب التقرير، فضلًا عن التدهور الاقتصادي العام في شمال غربي سوريا.
ويعد توفير الحماية ضد درجات الحرارة دون الصفر نشاطًا منقذًا للحياة، خاصة للأطفال وكبار السن، إذ إن 63% من الأشخاص الذين يعيشون في مخيمات النزوح يفتقرون إلى الوقود، بحسب التقرير الذي أشار إلى ارتفاع سعره بنسبة 36% منذ بداية العام.
وأوضح أن 14% من الأسر تعيش في مخيمات صغيرة لا تتسع للأشياء الأساسية مثل المواقد والمدافئ.
ومع وجود 76% من النازحين يعيشون في مواقع لا يوجد بها تصريف لمياه الأمطار، ركّز الشركاء في المجال الإنساني على أنشطة التخفيف من حدة الفيضانات، والاستعداد لفصل الشتاء.
وأوضح التقرير أن 594 موقعًا لديه الآن القدرة على إصلاح الأضرار الطفيفة في البنية التحتية ونظام الصرف، كما أجرى الشركاء الإنسانيون أنشطة للتخفيف من حدة الفيضانات والاستعداد لفصل الشتاء في 104 مواقع.
وتعمل أنشطة الرعاية والصيانة في مواقع النزوح على منع أخطار الفيضانات والتخفيف من حدتها، والحفاظ على عمل المرافق الأساسية خلال فصل الشتاء، كما أنها تضمن حماية المستفيدين المعرضين للخطر، وفقًا للتقرير.
جهود حكومية لا توازي حجم المعاناة
على مساحات متفاوتة وفي أراضٍ غير مجهزة مسبقًا، أتاحتها الحاجة بعد قصف منازلهم، يقيم أكثر من مليون سوري، فيما لا يقل عن 1450 مخيمًا أُقيمت في شمال غربي سوريا، وفق بيانات “منسقو استجابة سوريا”.
هذه المخيمات التي شكّلت على مدار سنوات متواصلة مدنًا من قماش لقاطنيها، وضعتهم في مواجهة مباشرة مع العديد من التحديات التي تحولت إلى طقوس معاناة دورية وسنوية، جراء معالجتها بحلول إسعافية فقط، تعالج ظاهر القضية، لا أسبابها وجذورها.
ورغم جهود تحسين الواقع الخدمي في مخيمات الشمال السوري، تستمر معاناة سكان تلك المناطق من نقص الخدمات حينًا، ومن سوئها، إن توفرت، حينًا آخر.
ويخلق فصل الشتاء حالة من التخوف والقلق للنازحين السوريين في المخيمات، جراء عدم متانة الخيم التي يقيمون فيها، وعدم قدرتها على مواجهة التقلبات المناخية المتنوعة وغير المأمونة في شدتها أو توقيتها، كسرعة الرياح، وغزارة الهطولات المطرية، إلى جانب موجات البرد والصقيع، واحتمالية تساقط الثلوج.
كل تلك الهواجس الباردة تحاصر أهالي المخيمات المقامة عادة على مساحات جغرافية واسعة خارج المدن، ما يعني برودة أكبر في طقسها، إلى جانب رداءة الطرقات التي خلقتها خطوات الأهالي، وحافظ كثير منها على نشأته الأولى، دون “تبحيص” أو تعبيد، ما يحوّل تلك الطرقات إلى برك وبحيرات ماء تجعل الطين والوحل ضيفًا ثقيل الظل على الأهالي، لتكريسه برودة المناخ من جهة، ولأسباب تتعلق بالنظافة والسلامة الشخصية ومخاطر الانزلاق من جهة أخرى.
مديرية الشؤون الإنسانية في أطمة، التابعة لحكومة “الإنقاذ” العاملة في محافظة إدلب وأجزاء من ريف حلب الغربي، أشرفت، في 1 من كانون الثاني 2022، على عزل أرضيات خيام في مخيم المهاجرين شمال إدلب.
وفي 30 من كانون الأول 2021، أشرفت على فرش طرقات مخيم “هبيط الخير” شمال إدلب، إلى جانب استبدال نحو 53 خيمة تالفة في عدة مخيمات، بالإضافة إلى فرش طرقات مخيمي “البر” و”الإحسان” شمال إدلب، في 29 من الشهر نفسه.
وكانت حكومة “الإنقاذ” أعلنت، في تشرين الثاني 2021، العمل على مشروع لإقامة كتل سكنية أسمنتية، في سبيل الوقاية من برودة الجو، ومخاطر السيول وما تسببه من فيضانات، وفق ما نشرته عبر حسابها الرسمي في “فيس بوك”.
وأشارت “الحكومة” إلى إنشاء أحد هذه المشاريع بالقرب من مخيمات “جبل كللي”، كما زار رئيس حكومة “الإنقاذ”، علي كده، تلك المخيمات التي تشكّل تجمعًا سيضم إلى جانب الكتل السكنية الأسمنتية، مسجدًا ومدرسة للأطفال، ومركز رعاية طبية.
واعتبرت “الإنقاذ” المشروع، “ضمن سياسة تنموية هدفها تحسين سبل العيش للمهجرين ولسكان المناطق المحررة كافة”.
وفي 14 من تشرين الثاني 2021، أجرى كده جولة على أحد مخيمات “مشهد روحين” لتفقد أماكن لافتتاح مدرسة ومخفر شرطة في المنطقة التي تحوي العديد من المخيمات.
ومع تعرّض الشمال السوري لمنخفض جوي في كانون الأول 2021، دعت وزارة التنمية والشؤون الإنسانية، التابعة لحكومة “الإنقاذ”، إلى استنفار جميع العاملين لديها، وتفعيل أرقام ساخنة للتدخل عند حصول أي طارئ، بفعل الهطولات المطرية وسرعة الرياح التي شهدتها المنطقة، ما تسبب باقتلاع بعض الخيام حينها، وتشريد أهلها.
وتتواصل معاناة النازحين السوريين في مخيمات الشمال السوري لا سيما في فصل الشتاء، وبشكل سنوي، أمام افتقار تلك المخيمات للبنى الأساسية الواجب توفرها قبل إقامة مخيم، كصلاحية الأرض، فالأراضي الزراعية لا تشكّل بيئة جيدة للمخيمات، بسبب إخراج تلك الأراضي من المساحة المزروعة من جهة، وقابليتها العالية للامتصاص، ما يعني الكثير من الطين والوحل في الشتاء.
كما يسهم غياب تعبيد الطرقات المؤدية إلى المخيمات في عرقلة مسار المساعدات الإغاثية والإنسانية إليها، في حين يعيش نحو 1.8 مليون سوري في المخيمات وفي مناطق غير صالحة للسكن، تعتبر المساعدات شريان الحياة بالنسبة إليها وإلى المنطقة ككل، بحسب المدير التنفيذي لمنظمة “بنفسج” العاملة في الشمال السوري، هشام ديراني، الذي أكد في حديث سابق إلى عنب بلدي، أن 97% من المقيمين في شمال غربي سوريا، سواء بالمخيمات أو خارجها، غير قادرين على تأمين الحد الأدنى من احتياجات الطعام، وأن 63% منهم ليس لديهم وصول إلى مياه نظيفة للاستخدام والشرب.
تعمل ثلاث منظمات، هي “هيئة الإغاثة الإنسانية التركية” (IHH)، وفريق “ملهم التطوعي”، و”جمعية التعاون الخيرية”، على إنشاء مشاريع سكنية للنازحين في شمال غربي سوريا.
ومن أبرز المشاريع التي بدأت في مطلع 2020، مشروع “قرية ملهم“، وهو مجمّع سكني متكامل يهدف لتوفير سكن كريم للعوائل السورية النازحة من الأرامل ومصابي الحرب وفاقدي المعيل، ومن المخطط أن تؤوي القرية نحو 250 عائلة، وفق الفريق. كما أعلنت منظمة “Syria Relief” الخيرية البريطانية مع منظمة “عطاء” السورية، عن مشروع بناء مدينة لإيواء النازحين في الشمال السوري. وأنهت المنظمة بناء نحو 100 منزل، في المدينة التي لم تكشف عن موقعها لأسباب أمنية، ومن المقرر أن يصبح 150 منزلًا آخر جاهزًا بحلول شباط المقبل. وستضم المدينة نحو ألف منزل لنحو ستة آلاف نسمة، بالإضافة إلى مدرسة ومستشفى وحديقة ومسجد. |
حملات المنظمات الإغاثية.. استجابة طارئة لا تسدّ الحاجة
كثيرة هي الفرق والمنظمات العاملة شمال غربي سوريا، والتي تعمل كجهات رديفة إلى جانب الجهات المسؤولة في المنطقة، لتقديم الخدمات والمساعدة للمخيمات خلال فصل الشتاء.
وتتمثل الخدمات التي تقدمها المنظمات، بسلال تحتوي على مواد غذائية، ومساعدات بمواد تدفئة من محروقات ومدافئ وعوازل للخيام، ومنها مساعدات ميدانية في نقل الخيام، وفرش الطرقات، وفتح طرق صغيرة لجريان مياه الأمطار بعيدًا عن الخيام.
تواجه المنظمات العاملة في الشمال انتقادات بسبب تأخرها في إطلاق حملات الاستجابة للتعامل مع أزمة الشتاء هذا العام، إذ يعتمد كثير من النازحين في المخيمات على ما تقدمه هذه المنظمات من مواد إغاثية لمواجهة برد الشتاء.
وللوقوف على تفاصيل الاستجابة، تواصلت عنب بلدي مع أبرز المنظمات الإغاثية العاملة في المنطقة، وهي فريق “ملهم التطوعي”، و”الدفاع المدني السوري”، وجمعية “عطاء” الإغاثية.
فريق “ملهم التطوعي”
يعمل فريق “ملهم” بشكل سنوي على إطلاق الحملة الموسمية الخاصة بفصل الشتاء تحت مسمى “خيرك دفا”، في شهري تشرين الثاني وكانون الأول، بحسب ما قاله أحد إداريّي فريق “ملهم” في الشمال السوري، فيصل الأسود، لعنب بلدي.
وأوضح الأسود أن الحملة تهدف لتوزيع المواد الشتوية ومواد التدفئة، وتشمل المدافئ والمحروقات الخاصة بالتدفئة والفحم، ومواد الاستجابة، وتتضمن البطانيات والإسفنج والعوازل والملابس الشتوية.
وقام الفريق بعمليات مسح وتقييم قبل أشهر لتحديد مناطق العمل من المخيمات والمدن، وأعلم الجهات المحلية بتخصيص هذه المخيمات للمساعدة خلال فصل الشتاء.
“الدفاع المدني السوري”
مدير المكتب الإعلامي في المديرية الجنوبية لـ”الدفاع المدني”، محمد حمادة، قال إن الفريق يعمل لمساعدة المدنيين وتقديم الخدمات حسب الإمكانيات المتاحة، وفي فصل الشتاء، يعمل الفريق وفق مشاريع أو في مخيمات عشوائية بحسب الحاجة.
وتتنوع الخدمات من فرش وتسوية طرق للمخيمات وفرش أرضيات للخيام، وفتح قنوات تصريف لمياه الأمطار لتلك الخيام، ونقل المخيمات التي نُصبت في مجاري السيول، لتفادي انقطاع الطرق وتفادي الغرق.
وهناك استجابات مستعجلة، كمساعدة المدنيين في إبعاد مياه الأمطار عن خيامهم بفتح مجاري التصريف، ورفع سواتر ترابية حول الخيام والمخيمات المبنية على تربة هشة وفي الوديان، أو نقل العائلات التي غرقت خيامها إلى أماكن أفضل.
وأكد حمادة أن الإمكانيات لدى “الدفاع المدني” محدودة والحاجة كبيرة، ويوجد أكثر من 400 مخيم عشوائي يعاني من الغرق والسقوط، ولا يزال هناك أكثر من 1.5 مليون مدني في خيام ومخيمات أكثر من ثلثها عشوائي.
ومعظم المخيمات لا تحوي أي تجهيزات أو قنوات لتصريف مياه الأمطار، وهي عبارة عن تجمعات قماشية لا تقي سكانها حر الصيف أو برودة وأمطار الشتاء، وبالتالي المأساة تتكرر صيفًا وشتاء.
جمعية “عطاء للإغاثة الإنسانية”
أطلقت جمعية “عطاء للإغاثة لإنسانية” حملتها لشتاء هذا العام تحت شعار “صدقة الشتاء دفء وعطاء”، بهدف تلبية احتياجات العائلات النازحة من المواد الشتوية، وشملت عدة قوافل من المساعدات.
المتحدث الإعلامي لجمعية “عطاء”، محمد كرنيبو، قال لعنب بلدي، إن الحملة مستمرة طوال فصل الشتاء، وتشمل النازحين شمال غربي سوريا عبر مكاتب الجمعية المنتشرة في مدن وبلدات أطمة، وسرمدا، وريف الساحل، واعزاز، الباب، وجرابلس، وريف حلب، وتل أبيض.
وتتضمّن المواد المقدمة للأهالي خبزًا، ووقود تدفئة، ومدافئ، ومواد شتوية كالبطانيات، والإسفنجات، وعوازل للخيام.
وأطلقت الجمعية ثلاث قوافل حتى الآن، وهي هدايا وتبرعات من عدة جهات خارج سوريا، بحسب كرنيبو.
قافلة “سفراء الخير” في تشرين الأول 2021، استفاد منها ثلاثة آلاف و500 شخص، إهداء من بلدة عرابة البطوف الفلسطينية.
وقافلة “دفء القلوب الرحيمة” الأولى، في 3 من كانون الأول 2021، وتضمّنت تسع شاحنات احتوت على 150 طنًا من الطحين، و400 مدفأة، و25 طنًا من مادة “البيرين” التي تُستخدم كوقود للتدفئة، وألف بطانية، وألف عازل للخيام، وهي إهداء من مدن وبلدات الداخل الفلسطيني، بإشراف جمعية “القلوب الرحيمة”.
الحملة الثالثة هي قافلة “دفء القلوب الرحيمة” الثانية، في 18 من كانون الأول 2021، واحتوت على 150 طنًا من الطحين، و250 مدفأة، و190 طنًا من “البيرين”، وألف بطانية، و250 حقيبة ملابس شتوية، بإهداء من مدن وبلدات الداخل الفلسطيني، وإشراف جمعية “القلوب الرحيمة”.
حلول إسعافية لا تغطي الاحتياجات
يرى مدير المكتب الإعلامي في المديرية الجنوبية لـ”الدفاع المدني”، محمد حمادة، أن الإمكانيات والحملات مهما كانت لا يمكنها أن تحل الأزمة الإنسانية في سوريا، فالحلول إسعافية طارئة مؤقتة ومحدودة الدعم، وتحاول أن تحلّ جزءًا من الأزمة ولكنها غير كافية.
فالحملات الطارئة غير قادرة على تلبية احتياجات المدنيين الكبيرة، ولا يمكن اعتبارها تلبية تامة للاحتياجات.
ومهما كانت الاستجابة من قبل المنظمات، فهي لن تستطيع حل مشكلة الخيام التي تغرق وتتمزق في الشتاء، ولا حتى يمكن تجهيز بنية تحتية كاملة لتلك المخيمات، بحسب حمادة.
في حين قال الإداري في فريق “ملهم”، فيصل الأسود، إن حجم الأزمة يفوق إمكانيات المنظمات التي تعتمد على جمع التبرعات لتأمين الاحتياجات للمخيمات، والحلول تحتاج إلى ميزانيات ضخمة.
ويرى الإداري في فريق “ملهم” أنه رغم توجه معظم المنظمات المحلية لهدم الخيام وبناء كتل أسمنتية، فإن الحلول مؤقتة، ولا تخفف حجم الكارثة في الشتاء، فبناء كتل أسمنتية وشقق سكنية يحتاج إلى تكلفة عالية.
المتحدث باسم جمعية “عطاء”، أكد أن المنظمات الإنسانية تحاول في جميع مناطق شمال غربي سوريا، سدّ الثغرات والاستجابة للاحتياجات المتعددة، وأوضح وجود فجوة كبيرة بين حجم الاحتياجات والتمويل المتوفر عند المنظمات، الأمر الذي يجعل تغطية جميع الاحتياجات في الشمال السوري صعبة.