د. أكرم خولاني
ألم منتصف الظهر بين الكتفين هو شكاية شائعة بين الناس إلى حد ما، وعلى الرغم من أنها قد تكون ناتجة عن أسباب بسيطة عارضة في معظم الأحيان، فإنها قد تحدث أيضًا نتيجة لحالات مرضية تستدعي الرعاية الصحية، وفي بعض الأحيان تكون علامة على حالات خطيرة مهددة للحياة، وتحتاج إلى الرعاية الصحية الإسعافية لإنقاذ حياة المصاب، لذلك سنعرّف بأهم أسباب الألم بين الكتفين، والأعراض التي توجه إلى احتمال كون الحالة خطيرة تستوجب طلب الرعاية الطبية الفورية.
ما الحالات التي تسبب ألمًا في منتصف الظهر بين الكتفين
يوجد العديد من الأسباب غير الخطيرة المحتملة لألم منتصف الظهر بين الكتفين، وأهمها:
التعرض لإصابة: يحدث ألم منتصف الظهر بين الكتفين نتيجة صدمة أو كدمة تتسبب باضطراب في المفاصل أو الأوتار أو الأربطة، مثل انفصال المفصل الأخرمي الترقوي أو تمزق الكفة المدورة.
الشد العضلي: يعد السبب الأكثر شيوعًا لآلام بين الكتفين، ومن الممكن حدوثه إثر التعرض لتحريك العضلات بشكل مفاجئ أو رفع وزن ثقيل أو بعض الأنشطة الرياضية التي تحتاج إلى حركة الجزء العلوي من الجسم مثل كرة المضرب أو الغولف، وتولد بعض الوضعيات اليومية ضغطًا على العضلات في الظهر، ما قد يؤدي إلى ألم بين الكتفين خفيف الشدة، وتتضمّن الوضعيات التي تتسبب في هذا الألم ما يأتي:
- النوم على فراش غير مريح.
- استخدام كرسي غير مريح.
- الجلوس على المكتب طوال اليوم.
- الجلوس على المكتب أمام الكمبيوتر لفترات طويلة.
- الجلوس مع وضع الساقين على بعضهما.
اضطرابات العمود الفقري: الانحناءات غير الطبيعية للعمود الفقري كالحدب والجنف، ومرض القرص التنكسي في العمود الفقري الرقبي أو الصدري، وكذلك انفتاق الأقراض أو ما يُعرف بـ”الديسك”، كلها حالات يمكن أن تسبب ألمًا بين الكتفين، وغالبًا ما ترافقه مجموعة أخرى من الأعراض، بما في ذلك التنميل والوخز والألم في إحدى الذراعين أو كلتيهما.
هشاشة العظام: التي يمكن أن تسبب كسورًا في العمود الفقري الصدري.
التهاب المفاصل: قد يؤدي التهاب المفاصل في العنق أو الأضلاع إلى الشعور بآلام منتصف الظهر بين الكتفين حتى في غياب أي ألم في الرقبة.
الضغط العصبي: إذ يمكن أن يسبب التوتر العصبي حدوث شد عضلي، وتعد كل من الرقبة ومنطقة بين الكتفين من المناطق الشائعة التي تتأثر بذلك، ما قد يؤدي إلى الشعور بآلام بين الكتفين.
الارتجاع المعدي المريئي: قد يؤدي ارتداد حمض المعدة إلى الشعور بألم ينتقل إلى منتصف الظهر، وعادة ما يتسبب ذلك بأعراض أخرى، مثل ألم في الصدر وبحة في الصوت وصعوبة في البلع.
التهاب البنكرياس: قد يسبب أيضًا هذا النوع من الألم بسبب تهيّج الجانب السفلي من الحجاب الحاجز.
متلازمة الألم الليفي العضلي (MPS): وهي من المشكلات الطويلة الأمد أو المزمنة التي قد تسبب ألمًا في بعض العضلات، كالعضلات المحيطة بالعمود الفقري في منطقة الرقبة والكتفين.
الهربس النطاقي (زنار النار): قد يعاني المصاب من ألم في منطقة بين الكتفين نتيجة إصابة عصب في هذه المنطقة، ربما قبل ظهور الطفح الجلدي المميز لهذا المرض، وعادة ما يتركز الألم في أحد جانبي الجسم.
أما بالنسبة إلى الحالات الخطيرة التي يمكن أن يدل ألم منتصف الظهر بين الكتفين على الإصابة بها فتشمل:
النوبة القلبية: قد تتظاهر على شكل ألم بين لوحي الكتفين وخاصة عند النساء، إذ إن 3% منهنّ يشعرن بألم بين الكتفين عند حدوث النوبة القلبية.
السرطان: فهناك بعض السرطانات التي تسبب حدوث ألم بين الكتفين مثل سرطان الرئة، وسرطان المريء، وسرطان الغدد اللمفاوية، وسرطان الكبد، كما أن سرطان الثدي المنتشر إلى عظام الرقبة قد يؤدي إلى ألم بين الكتفين أيضًا.
أمراض المرارة: غالبًا ما يكون الألم الناتج عن أمراض المرارة على شكل ألم حاد طاعن بين الكتفين متزامن مع ألم في الربع العلوي الأيمن من البطن مع الغثيان، وتحدث هذه الأعراض عادة بعد تناول وجبة دهنية.
تسلخ الأبهر: يحدث تشقق أو تمزق جدار الشريان الأبهر الصدري، ويوصف عادة الألم بين الكتفين في هذه الحالة على أنه ألم مفاجئ حاد، وكأنه تمزق في الظهر الأوسط العلوي.
الانصمام الرئوي: الألم غالبًا ما يكون مفاجئًا وحادًا، ويمكن أن يترافق مع ضيق شديد في التنفس مع سعال ونفث دموي، وغالبًا ما تسبقه أعراض جلطات الدم في الساقين بما في ذلك الألم والاحمرار والتورم.
كيف يمكن التعامل مع ألم منتصف الظهر بين الكتفين
في البداية يجب نفي وجود حالة خطيرة مسببة للألم بين الكتفين، لذلك يجب طلب الرعاية الطبية في حال ترافق الألم مع أي من الأعراض التالية:
- الألم شديد جدًا ولا يزول أو يخف.
- ألم في الصدر.
- ضيق في التنفس.
- نبضات سريعة أو غير منتظمة للقلب.
- وجود دم في السعال.
- التعرق المفرط وخاصة في الليل.
- الدوار والإغماء.
- صعوبة في الكلام.
- شلل جزء من الجسم أو فقدان القدرة على التحكم في المثانة.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- انتفاخ واحمرار وألم في القدم.
- بداية الألم بعد التعرض لإصابة أو السقوط.
عندما يكون الألم بين الكتفين بسيطًا وغير مترافق بأي من أعراض وعلامات الخطورة التي ذكرناها، فيمكن التخفيف من شدته بالطرق التالية:
يمكن التخفيف من الألم الخفيف الناتج عن وضعية الجلوس أو النوم غير الصحية بطرق بسيطة، مثل تحريك الكتفين إلى الأمام والخلف، ما يساعد في تخفيف هذا الألم، كما يمكن عقد اليدين خلف الظهر وسحب الذراعين بلطف للأسفل للتخفيف من تصلب العضلات.
في الحالات الحادة الناجمة عن إجهاد العضلات يمكن العلاج كما يأتي:
- وضع كمادات الثلج والمحافظة على العضلات المجهدة في وضع ممدد، يمكن استخدامها كل 20 دقيقة، كما يتم وضع كمادات دافئة عندما يخف الورم، ويمكن استخدامها في وقت مبكر عند زيادة التورم والألم.
- تناول المسكنات الفموية مثل الباراسيتامول، مع مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، والمرخيات العضلية، ومن الممكن دهن منطقة الألم بزيت النعناع أو بكريمات أو مراهم مخصصة لآلام العضلات والعظام، وهي متوفرة في الأسواق.
أما بالنسبة إلى الحالات الخفيفة والمزمنة، فيمكن اللجوء إلى بعض الطرق التي تساعد في تخفيف هذا الألم، والوقاية من حدوثه، ومنها:
- ممارسة تمارين التمدد الخفيفة، إذ يساعد ذلك في تخفيف شد العضلات وتحسين الدورة الدموية لها، ما يساعد على تخفيف ألم منتصف الظهر. وتمارين التمدد متعددة، منها وضع الذراع اليمنى فوق الرأس وثني الرقبة بلطف إلى اليمين، ويجب الشعور بشد في الجزء الأيسر من الجسم، وينبغي الاستمرار في ذلك لمدة دقيقة واحدة تقريبًا، ثم تكرار ذلك على الجانب الأيسر.
- التدليك، إذ يمكن للتدليك أن يقلل من شد العضلات في الظهر، ما يساعد على التخفيف من هذا الألم، ويفضّل أن يتم ذلك على يد اختصاصي التدليك والعلاج الفيزيائي.
- ممارسة الرياضة، يمكن للتمارين الرياضية أن تقوي عضلات الظهر والبطن، ما يسهل عملية الشفاء، ولكن يجب أن تكون التمارين منخفضة الكثافة، لزيادة القوة تدريجيًا دون إلحاق أي أذى في العضلات.
- استخدام فراش مريح وداعم للعمود الفقري، إذ إن النوم على سرير غير مريح، قد يكون هو السبب في آلام الظهر، لذلك يجب استخدام فراش صحي حتى تستطيع عضلات الظهر الاسترخاء والتعافي في وقت أسرع.
- اتباع نظام غذائي صحي، فيجب تجنب الأطعمة المصنعة والغنية بالأملاح والدهون، والإكثار من الفواكه والخضراوات والمكسرات والبقوليات والأطعمة الغنية بـ”أوميغا 3″، إذ يساعد هذا النظام الغذائي في التخفيف من الالتهابات ما يقلل من الألم.