بالمشرمحي: تضرب في منظرك
احتل حدث سياسي شهدناه قبل أيام مكانًا بارزًا في التداول على صفحات التواصل الاجتماعي. إنه تصريح ألكسندر لافرنتييف، مبعوث الرئيس الروسي بوتين إلى القضية السورية، المكتوب بلغة دبلوماسية باردة (ونحن ترجمناه إلى لغتَي الجبّيسي والمشرمحي الفصيح).
لافرنتييف: ديروا بالكم، يا معارضين، يا سوريين، وانتبهوا عليّ منيح. ترى ما بدي حدا يظن، أو يفكر، أو يخطر بباله، أن عمل اللجنة الدستورية سيؤدي لتغيير النظام، أيوه. عَ الصاحي.. وإذا كان الرئيس الأمريكي، أو وزير خارجيته، كان “مرتكي”، في يوم من الأيام، وقال نريد تغيير سلوك النظام السوري، فيا ريت تنسوا هذا الحكي، لأن الزلمة كان مرتكي، والمثل تبعكم يقول، “الفص عالمرتكي هيّن”، نحن، يا أبو الشباب، ومن الآخر: لا نسمح بتغيير النظام، ولا بتغيير سلوكه، ولا حتى بتغيير مضرطيته، وبالنسبة للمساعدات اللي بترسلها الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة إلى الشعب السوري، كنا في السابق نسمح بإدخالها من معبر “باب الهوى”، والآن بطلنا. ليش بطلنا؟ هيك والله، مَرَاق، وما حدا أخو كيفنا… ولعلمكم أن توزيع المساعدات راح يكون، من الآن فصاعدًا، عن طريق نظام الأسد، يأكلها، يسرقها، يوزعها على الشبيحة والنبيحة والمنركعجية، هو حر، ومن لا يعجبه كلامنا فليضرب رأسه بالحيط.
ما حصل، يا سيدي الكريم، أن قسمًا كبيرًا من إخوتنا المعارضين، بمجرد أن أطلق لافرنتييف فصه (عفوًا، أقصد: تصريحَه)، قاموا قومة الرجل الواحد، ليدينوه، ويفندوه، وراحوا يخاطبون الشعب السوري المقرنس من البرد، العائف رد السلام من الفقر والغلاء والظلم، سواء في مناطق ابن حافظ الأسد، أو في مناطق الرجل الغريب الجولاني، مبدينَ نفس الدهشة التي انتابت العالم أرخميدس عندما اكتشف قانون الإزاحة فصاح: وجدتُها.. ويقولون للشعب بلغة (سنترجمها إلى المشرمحي والجبيسي أيضًا): شفتوا؟ ليكها روسيا، يا سيدي، بلشت تكشف أوراقها، روسيا، أيها الإخوة، ما بدها تغير النظام، ولا سلوكه، ولا مزاجه، ولا مضرطيته…
بعض أبناء هذا الشعب الغلبان، عندما يسمعون هذا “اللقش”، يتذكرون حكاية الرجل الذي جاء من قرية كفرومة، إلى قرية حاس، والقريتان متلاصقتان تمامًا، وسأله أهل حاس: أنت من أين يا عين عمك؟ فقال أنا من الشرق. فذهب خيالهم إلى بلاد تقع في الشرق البعيد، فلما قال: أنا من كفرومة، ضحكوا وقال له أحدهم: تضرب في منظرك، ظننَّا أنك فعلًا من الشرق!
عبارة “تضرب في منظرك”، قالها السوريون في سرهم للمحلل السياسي الذي استغرب تصريحات لافرنتييف، وأضافوا، بالمشرمحي: يا ذكي، يا فهمان، يا أفوكاتو، أين كنت حضرتك نايم لما جاءت طائرات الروس، في سنة 2015، وكان نظام ابن حافظ الأسد عم يتدودخ، ويترنح، وآيل للسقوط، وباشروا بهذا الشعب الغلبان قصف، وخَلْع، وجربوا فينا وفي ولادنا تلاتمية نوع أسلحة، وما تركوا مستشفى، ولا فرن، ولا مدرسة، إلا هدموها فوق رؤوس ساكنيها، وكلما انطرحت قضيتنا في مجلس الأمن، يلتفت الأعضاء تلقائيًا ليجدوا يد المندوب الروسي مرفوعة بـ”الفيتو”. وحضرتك هلق انتبهت أن روسيا ما بدها تغير النظام؟ ولك تضرب في منظرك.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :