كتب سيمون تيسدول في الغارديان
لأنقرة تاريخ طويل من التوتر مع موسكو ولكنها لا تريد أن تتصاعد حادثة إسقاط الطائرة إلى مواجهة أوسع.
يتبع إسقاط الطائرة الروسية سو 24 من قبل القوات التركية، سلسلة من التوتر المتصاعد بين البلدين إثر قصف روسيا المستمر للقرى التركمانية شمال غرب سورية، قرب الحدود التركية.
ويعتبر هذا الحدث أول اشتباك مباشر بين عضو في الناتو والقوات الروسية منذ أن أطلق فلاديمير بوتين حملة التدخل العسكرية الأحادية الجانب في سوريا الشهر الماضي. وسبق أن حذر الناتو روسيا من مخالفاتها الحدودية كما أخذت الولايات المتحدة خطوات لتحجيم خطر صراع مباشر.
الآن يجد تحالف الناتو والائتلاف العسكري في سوريا والعراق التي تقوده أمريكا نفسه في مواجهة غير مخطط لها، وقد حاول الطرافان تجنبها بشتى الوسائل.
الروس استفزوا تركيا في جبل التركمان
وكانت تركيا عبرت بشكل متكرر عن قلقها بسبب الهجمات على التركمان، الذين يعتبرهم الأتراك أهلًا وذوي قربى، وكما حكومة أنقرة فالتركمان يقفون في موقف معارض لنظام بشار الأسد.
وقال بعض المقاتلين التركمان إن القتال اشتد في محافظة اللاذقية بعد التدخل العسكري الروسي، ويدعم الطيران الروسي هجوم للقوات الحكومية السورية وحزب الله والوحدات الشيعية الإيرانية.
استدعت تركيا السفير الروسي خلال عطلة الأسبوع لتحتج على القصف الكثيف على القرى، وقال رئيس وزراء تركيا، داوود أوغلو، إن أنقرة طالبت بإنهاء مباشر للعمليات العسكرية الروسية على خط الحدود.
كانت أنقرة متوترة لأن أفعال الجانب الروسي لم تكن قتالًا ضد الإرهاب، ولكنهم قصفوا قرى مدنية للتركمان وهذا من شأنه أن يعود بنتائج وخيمة.
وقالت الخارجية التركية إن القرى التركمانية تعرضت للقصف الشديد من الطيران الروسي في منطقة باير-بوجاك شمال غرب سوريا القريبة من معبر يايلاداغ الحدود في محافظة أنطاكيا.
وكما أمريكا فتركيا تقول إن القوات الروسية تستهدف بالغالب مجموعات معادية لبشار الأسد داخل سورية ولا تركز نيرانها على قوات تنظيم الدولة. وتعتبر مناطق شمال غرب سوريا الممسوكة من تركمان الباير-بوجاك مناطق هامة عازلة تمنع التوسع الإقليمي لميليشيات الأقلية الكردية والتي تعتبرها تركيا مرتبطة بحزب العمال الكردستاني.
وعبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن غضبه عمّا اعتبرته أنقرة غارة روسية على مجال تركيا الجوي وأدان الناتو هذا التجاوز واعتبره غير مقبول.
نزوح تركماني ووحشية غير محتملة
وقالت تقارير الإعلام التركي أن تركمان من 50 قرية أجبروا على ترك قراهم من منطقة الجمام في محافظة اللاذقية الأسبوع الماضي. وقال تقرير أيضًا أن لاجئين تركمان هربوا من سوريا باتجاه انطاكيا. وأضافت وكالة جيهان للأنباء أن عمر عبدالله قائد لواء السلطان عبد الحميد التركماني نادى أنقرة لتتدخل وتوقف الهجوم العدواني الذي استمر شهرًا.
وأضاف عبد الله “نحن نحاول االنجاة من الوحشية غير المحتملة ونحتاج مساعدة تركيا، كل يوم يموت أخوتنا التركمان ونتوقع أن تساعدنا الحكومة فلماذا نحن متركون؟”، مشيرًا إلى أن قواته تتعرض لهجمات من الجيش السوري وحزب الله والقوات الإيرانية، وتابع “لا أفهم لماذا يصمت أخوتنا المسلمون، نحتاج لكل أنواع الدعم ومن المستحيل أن ننجو من القصف الشديد”.
التدخل الروسي بالنيابة أغضب أردوغان
اُتهمت وكالة الاستخبارات التركية بعملية سرية لتسليح القوات التركمانية السنة الماضية، ونشرت جريدة الجمهورية التركية تقريرًا عن تهريب أسلحة في 29 أيار وشمل صورًا عن أسلحة يدعى أنها حملت بشاحنات تابعة لوكالة الاستخبارات.
وقال محمد شاندر، نائب في الحزب الجمهوري القومي، لـجريدة زمان إن التركمان يخضعون لتطهير عرقي وعلى تركيا أن تساعدهم.
اغضب التدخل الروسي بالنيابة عن نظام الأسد أردوغان الذي وعد بإسقاطه مرارًا، وعلى غرار أمريكا تخاف تركيا من أن التدخل الروسي سيزيد من تعقيد الوضع السوري ويطول بأمد الحرب ويزيد من أزمة اللاجئين على الحدود التركية.
وقيل إن أردوغان انزعج خصوصًا من عدم مشاورة موسكو له خلال زيارته لها في أيلول الماضي، عندما قابل بوتين.
ولتركيا تاريخ طويل من التوتر على صراعات لم تحل، مثل دعم موسكو لـ ناغورنو كاراباخ القطاع المنشق الذي تتحكم به أرمينيا.
دخلت تركيا العثمانية وروسيا القيصرية حربًا عام 1877 وطالب استالين ببعض الأجزاء من شرق تركيا في نهاية الحرب العالمية الثانية، ولكن الروابط بين البلدين عززت حديثًا مع سلسلة من التعامل في قطاعة الطاقة والتجارة.
وتعتبر روسيا الآن ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا ويأتي 60% من الغاز الطبيعي المستخدم في تركيا من روسيا.
ويعتبر اعتماد الاقتصادي التركي على روسيا سببًا قويًا مع عدة أسباب أخرى، للإجابة على سؤال “لماذا لا يريد أردوغان لهذا الحدث الحدودي الأخير أن يتصاعد لمواجهة أوسع مع أن يمكن أن يصبح خارجًا عن سيطرته تمامًا.
نشر الثلاثاء 24 تشرين الثاني وترجمته عنب بلدي، لقراءة المقال بالإنكليزية من الغارديان اضغط هنا.