يعيش في سيارته ويعاني من تلف الأعصاب.. هكذا غيرت السجون السورية حياة صحفي أمريكي
كشف المصور الأمريكي كيفن دوز، للإذاعة الأمريكية الوطنية العامة “NPR”، عن الظروف القاسية التي يعيشها والآثار الجسدية والعقلية الناجمة عن التعذيب المروع الذي تعرض له بعد اعتقاله من قبل النظام السوري.
وتحدث الراديو في تقرير نشره، الأربعاء 29 من كانون الأول، عن تشرد دوز وبقائه بلا مأوى على مدى السنوات الثلاث الماضية، وعن تعرضه لتلف دائم في الأعصاب في قدمه وفي كلا معصميه، بحسب ما ترجمته عنب بلدي.
كان كيفن دوز مصورًا أمريكيًا اُحتجز لدى النظام السوري عام 2012، واحتل عناوين الأخبار العالمية بعد ثلاثة سنوات ونصف من سجنه، عندما تم إطلاق سراحه بمساعدة روسيا.
واعتقل النظام الآلاف دون اعتراف رسمي و “أخفاهم” في غرف التعذيب في سجونه.
يعيش في سيارته
دوز (39 عامًا) ردّ على الاتصال به من قبل الإذاعة عبر هاتفه الموجود في سيارته في ولاية سان فرانسيسكو، حيث يقيم في سيارته في موقف للسيارات.
وقال دوز للإذاعة إنه كان بلا مأوى على مدى السنوات الثلاث الماضية ويعاني من الآثار الجسدية والعقلية للتعذيب المروع.
وأضاف “أعاني من تلف دائم في الأعصاب في قدم واحدة على الأقل وفي معصمي، وبإصابتي أعاني من إعاقة دائمة، لا أعرف.. كل شيء يبدو أصعب”.
في شتاء 2012، احتُجز كل من كيفن دوز والجراح البريطاني المسجون عباس خان، في مركز احتجاز تابع للمخابرات العسكرية التابعة للنظام السوري، المعروف باسم “فرع فلسطين”.
وقال دوز إن زنزانتيهما كانت متجاورة وتحت الأرض، ولا يوجد ضوء نهار، كان يسمع فقط معاملة النظام الوحشية لخان، “كانوا يرشونه بالماء الساخن ويضربونه”.
بدأت رحلة دوز قبل عام في ليبيا، عندما انضم إلى مجموعة من الصحفيين المستقلين والمسعفين.
عندما التفت أنظار وسائل الإعلام الغربية من ليبيا إلى سوريا، انتقل دوز معها.
رحلة دخول الصحفي إلى سوريا
في تشرين الأول 2012، وصل إلى فندق في بلدة “حربية” الحدودية التركية، ثم عبر دوز إلى شمال غربي سوريا، حاملًا خوذة وسترة واقية من الرصاص وإمدادات طبية وأمل لا أساس له أن حظه سيحمله.
وبحسب دوز، ألقي القبض عليه من قبل موالين للنظام السوري عند نقطة تفتيش، وقيد من رأسه ويديه، ونُقل بسرعة إلى سجن في دمشق حيث كانت استجواباته متكررة وقاسية.
واسترجع دوز حواره مع المحقق الذي كان يستجوبه قائلًا، “أنت من وكالة المخابرات المركزية! من يديرك؟”.
اتفق كل من دوز وخان أن الذي سيخرج أولًا من بينهم سينقل أخبار الشخص الذي تركه وراءه، بالنظر إلى أن النظام كان يخفي حقيقة أنه كان يحتجزهما على الإطلاق.
وحصل خان على الفرصة الأولى ليخبر العالم الخارجي عن كيفن دوز.
كانت عائلة خان مصممة على العثور على ابنهم، وتواصلوا مع السوريين الموالين للنظام عبر “فيس بوك” وعلموا أنه على قيد الحياة وسجن في دمشق، حتى أن والدته فاطمة خان ذهبت إلى سوريا لرؤيته.
وسمحت حكومة النظام بزيارة والدة خان لابنها في دمشق في تموز 2013، وقدمت نفسها للمسؤولين السوريين، الذين سمحوا لها بالتحدث إلى ابنها في السجن، وحتى بمراقبة جلسات المحاكمة.
كما تواصلت عائلة خان مع نواب ومسؤولين بريطانيين يُعتقد أن لهم صلات بالنظام السوري، كما تقول شقيقته سارة خان.
وأخبر خان والدته عن دوز في الزنزانة المجاورة وحثها على تنبيه المسؤولين الأمريكيين، بحسب ما قالته سارة خان للإذاعة.
وتابعت “تلقينا مكالمة من مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد ذلك بوقت قصير وأخبرناهم بما نعرفه”.
تحسنت معاملة دوز فجأة في السجن، وتوقفت جلسات التعذيب اليومية، بعد إعلام عائلة خان للمسؤولين الأمريكيين.
وقال دوز، “لقد وضعوني في زنزانة مضاءة على عكس الزنزانة المليئة بالقمل والمظلمة، التي كنت محتجزًا فيها حتى ذلك الحين.. أنا مدين لعباس بالكثير”.
رفع كيفين دوز دعوى قضائية مؤخرًا ضد حكومة النظام السوري في المحكمة الجزئية الأمريكية في واشنطن العاصمة.
وسيكون شاهدًا أيضًا إذا رفعت عائلة عباس خان الدعوى القضائية الخاصة بها.
قتل خان في السجن، وأرسلت جثته إلى لبنان الذي ادعى النظام أنه شنق نفسه، ثم شُحنت في النهاية إلى وطنه بريطانيا.
وفي تشرين الأول عام 2014، قالت هيئة المحلفين في بريطانيا، إنه لا يمكن التأكد من السبب الطبي للوفاة، لكنها خلصت إلى أن الطبيب خان قُتل عمدًا دون أي مبرر قانوني.
وقالت شقيقة خان، سارة، إن “شهادة كيفن دوز هي الوحيدة التي لدينا فيما يتعلق برؤيته أو سماعه في الواقع في أثناء استجوابه”.
دعوى ضد النظام السوري
في 15 تشرين الأول 2021، رفع دوز دعوى ضد حكومة النظام السوري في المحكمة الجزئية الأمريكية في واشنطن العاصمة.
ويسعى للحصول على تعويضات عن التعذيب الذي تعرض له وسجنه دون أي سبب وغيرها من الانتهاكات على أيدي المسؤولين السوريين، وفقًا لإيداع المحكمة.
ولم ترد حكومة النظام على الدعوى ولا على طلب الإذاعة الوطنية العامة ومع ذلك، وحتى إذا لم يكن هناك رد، فإن دوز مؤهل للحصول على تعويض من صندوق أمريكي تم إنشاؤه في عام 2015.
“لقد خلق فرصة لضحايا هذا العلاج الكابوسي الرهيب للحصول على نوع من التعويض عما عانوه”، بحسب محامي دوز، كيربي بيهري.
وساطة روسية لإخراجه
في ربيع عام 2016، شكرت وزارة الخارجية الأمريكية روسيا علنًا على مساعدتها في إطلاق سراح دوز، وبدورها وبخت الحكومة الروسية دوز في بيان لها “لدخوله سوريا بشكل غير قانوني” وحذرته من العودة، قائلة، “نأمل ألا يضع نفسه في وضع مماثل مرة أخرى وأن واشنطن ستقدر لفتة دمشق…”.
وأثار إطلاق سراحه غير المتوقع الأمل بالإفراج عن مواطن أمريكي آخر “اختفى” في سوريا، هو أوستن تايس، الصحفي المستقل الذي خدم سابقًا في مشاة البحرية الأمريكية.
واختطف تايس في دمشق في آب 2012، ولم يعترف النظام أبدًا باحتجاز تايس، بينما يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن النظام أو مجموعة تابعة لها ما زالت تحتجزه.
وفي نيسان الماضي، كشف دبلوماسيون في الإدارة الأمريكية عن معلومات تفيد بأن الصحفي الأمريكي أوستن تايس ما زال على قيد الحياة.
بعد الإفراج عن دوز، في نيسان 2016، لم يُسمع عن عمليات إفراج عن سجناء أمريكيين إضافيين أو اعتراف النظام باحتجاز أي منهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :