لحماية المدنيين وممتلكاتهم
أربعة مبادئ دولية للضربات العسكرية في النزاعات المسلحة.. ما هي؟
يهدف القانون الدولي الإنساني إلى حماية ضحايا النزاعات المسلحة، ومن هم خارج دائرة المعارك في أثناء هذه النزاعات، كما يقيّد حق أطراف النزاع في استخدام القوة العسكرية لحماية الممتلكات المدنية، التي ليست لها صلة مباشرة بالعمليات العسكرية.
كما يمنح القانون الدولي الإنساني الحد الأعلى من الحماية للأفراد في النزاعات المسلحة، وتعد قواعد هذا القانون ملزمة للدول ولأفراد القوات المسلحة على حد سواء، إلا أن هناك كثيرًا من الانتهاكات بحق تلك القواعد، بحجة “الضرورة العسكرية”.
وخلال السنوات السبع الأخيرة، ضيّقت الغارات الجوية المكثفة من قبل قوات “التحالف الدولي”، بقيادة أمريكا، الخناق على تنظيم “الدولة الإسلامية” ضمن معارك عسكرية في شمال شرقي سوريا، داخل مدن مكتظة بالسكان المدنيين.
وجود كثافة سكانية داخل مدينة الرقة خلال المعارك ضد التنظيم كان عاملًا أساسيًا في تعقيد العمليات العسكرية، ما يعني جهودًا أكبر للحفاظ على حياة المدنيين وتجنّب وقوع خسائر في صفوفهم.
إلا أن ذلك لم يحدث بالمستوى المطلوب، ونتج عن الضربات التي نفذتها قوات “التحالف الدولي”، مقتل مئات من المدنيين في سوريا، وبقيت المجتمعات المحلية التي تضررت جراء قصف “التحالف” دون تعويضات عادلة.
ومن المفترض أن تكون المبادئ التي تحدد قانونية الضربات العسكرية خلال النزاع المسلح من عدم قانونيتها واضحة بالنسبة إلى أطراف النزاع في سوريا، ومن أجل التعويض عن الأضرار جراء ضربات “التحالف الدولي” في شمال شرقي سوريا، يجب تحديد كل ضربة عسكرية على حدة، ودراستها لمعرفة ما إذا كانت قانونية أم غير قانونية.
اقرأ أيضًا: تعويضات ضحايا سوريين في أدراج أمريكية مغلقة
أربعة مبادئ
بحسب قواعد القانون الدولي الإنساني، فإن هناك أربعة مبادئ لتحديد قانونية الضربة العسكرية.
1- مبدأ “الضرورة العسكرية”: أي الحالة التي تكون مُلحّة لدرجة أنها لا تترك وقتًا كافيًا للأطراف المتنازعة لاختيار الوسائل المستخدمة في أعمالها، فتُرتكب أفعال حربية معيّنة على وجه السرعة بسبب موقف أو ظروف استثنائية في اللحظة ذاتها. ويجب أن تتم الموازنة بين الضرورة العسكرية والمقتضيات الإنسانية من قبل أطراف النزاع.
ويكمن الهدف من الضرورة العسكرية بتحقيق مكاسب عسكرية مشروعة لا يمكن تحقيقها إلا بإجراء عسكري غير معتاد، إلا أن أي ضرر بالمدنيين أو ممتلكاتهم خارج الضرورة العسكرية، يعتبر انتهاكًا بحقهم.
وحالة الضرورة العسكرية ليست سببًا لإباحة الجرائم ضد الإنسانية أو جريمة الحرب أو الإبادة الجماعية.
2- مبدأ “التناسب”: يعني أن الخسائر في أرواح المدنيين والأضرار التي تلحق بالممتلكات بشكل عرضي (أي خارج الهدف العسكري)، لا يجب أن تكون مفرطة فيما يتعلق بالنتائج العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقع اكتسابها.
وهذا يعني أنه عند التفكير في هدف عسكري ما، لا يمكن أن يكون الضرر اللاحق بالمدنيين وممتلكاتهم مفرطًا مقارنة بالنتيجة العسكرية المكتسَبة.
وهنا يترك القانون الدولي الإنساني هامشًا لوجود قتلى مدنيين خلال العمليات العسكرية، إلا أن الأطراف المتنازعة يجب عليها الالتزام بدراسة جميع الخيارات عند اتخاذ قرار الاستهداف العسكري، من خلال التحقق من مكان الهدف وتوقيت تنفيذ الاستهداف والأسلحة المستخدمة، والتحذيرات وعمليات إجلاء السكان المدنيين.
ويعتبر هذا المبدأ وسيلة للحد من الأضرار الناجمة عن العمليات العسكرية، وذلك من خلال أسلحة تتناسب مع العملية العسكرية.
3- مبدأ “التمييز”: من أجل ضمان احترام وحماية السكان المدنيين والأعيان المدنية، يجب على أطراف النزاع أن تميّز في جميع الأوقات بين السكان المدنيين والمقاتلين، وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وعليها بالتالي توجيه العمليات ضد الأهداف العسكرية فقط.
4- مبدأ “الآلام غير المبررة”: يقيّد هذا المبدأ حق أطراف النزاع في اختيار أساليب ووسائل القتال في أثناء النزاع المسلح، وذلك لمنع امتداد الأضرار والدمار إلى خارج الأهداف العسكرية، وذلك لتخفيف آلام النزاع على المدنيين.
ومع غياب الجهود المقنعة من جانب قوات “التحالف” للتحقيق في الآثار التي خلّفتها حملة الرقة على المدنيين، تواصل منظمات حقوقية سورية ودولية جمع المزيد من الأدلة المتعلقة بالأنماط الأوسع نطاقًا من الإصابات في أوساط المدنيين بمدينة الرقة، ومدن أخرى في شمال شرقي سوريا.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :