أثار قرار اللجنة الأولمبية السورية والاتحاد الرياضي العام الذي يترأسه، فراس معلا، بشأن طرد اللاعب السابق فراس الخطيب من الاتحاد الرياضي، جدلًا واسعًا على صفحات ومواقع في وسائل التواصل الاجتماعي.
وجاء القرار بعد أن أثار ظهور اللاعب جدلًا حينما شارك الخطيب في المباراة الودية “الاستعراضية”، التي نظّمها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، في 17 من كانون الأول الحالي، على هامش بطولة “كأس العرب” في قطر، والتي جمعت بين أساطير نجوم العرب ونجوم العالم، بوجود المدرب الإسرائيلي أفرام غرانت، مشرفًا على فريق نجوم العالم.
وانسحب لاعبو المنتخب الجزائري من المباراة دعمًا للقضية الفلسطينية، ولاقى انسحابهم ترحيبًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، ووُصف التصرف بأنّه متوقع، وغير غريب عن رياضيي الجزائر المعروفين بدعمهم الدائم للقضية الفلسطينية، في حين نال باقي المشاركين نصيبهم من السخط والغضب.
اتهامات متبادلة وتشكيك بالوطنية
أبدى الخطيب استغرابه من أن يكون معلا الموقّع على قرار الطرد، بسبب وجود مدرب إسرائيلي في مباراة “استعراضية” لعبها الخطيب، وقال إن معلا خاض في بطولات سابقة منافسات حضر فيها لاعبون إسرائيليون.
ووصف اللاعب السوري قرار طرده بـ”الظالم والكيدي”، دون الاستناد إلى أي مستندات قانونية، ودون التواصل معه أو الاستماع إلى وجهة نظره.
من جهته، يرى معلا أن قرار طرد الخطيب جاء لقناعة الاتحاد بأنه لا يمكن لأي لاعب مهما علا شأنه أن يلعب مع إسرائيل.
وأكّد معلا قناعته باتخاذ الإجراء لأسباب وطنية أولًا ثم أسباب رياضية، في حديثه عبر برنامج “المختار” الذي بثته إذاعة “المدينة إف إم”، مساء الثلاثاء 21 من كانون الأول.
وأبدى رئيس الاتحاد الرياضي العام عدم رضاه عن لعب فراس الخطيب للمباراة، ويرى أن الواجب الوطني يفرض على الخطيب الانسحاب من مباراة حضر فيها مدرب بلده تحتل الجولان السوري.
الانتصار يبرر اللعب ضد إسرائيل
أشار معلا في حديثه للبرنامج الإذاعي، إلى أن هناك ألعابًا فردية وجماعية، ومختلف الرياضات في سوريا تشارك بالألعاب الأولمبية دون تحفظ، بشرط عدم المساس “بسمعة وكرامة البلد”.
ونوه رئيس الاتحاد الرياضي العام إلى مشاركة كثير من اللاعبين السوريين في بطولات أولمبية وعالمية شارك فيها لاعبون إسرائيليون، لكن دون احتكاك مباشر، أو تحية، حتى لو اجتمعا على منصة التتويج.
وقال معلا، “لا أقبل أن يشكّك أي أحد بوطنيتي”، واعتبر أن انتصاره في بطولة العالم للسباحة 2019، وتحقيق المركز الثاني، هو رد كافٍ على من يشكّك بوطنيته.
وكان معلا مشاركًا في بطولة العالم للسباحة التي أُقيمت في غوانغجو الكورية الجنوبية، عام 2019، في سباق 3000 متر بمسابقة المياه المفتوحة، وحقّق المركز الثاني، بوجود لاعبَين اثنين من فريق إسرائيل في نفس المسابقة.
“تسوية الوضع” لها أبعادها
يرى معلا أن عقوبة الطرد لا تحتاج إلى تحقيق، وانسحاب لاعبين “أهم وأعلى شأنًا” من فراس الخطيب، ورفضهم حتى التقاط الصور مع المدرب الإسرائيلي،دليل كافٍ، وهم اللاعبون الجزائرون.
و”تسوية وضع” فراس الخطيب، واستقبال واهتمام رئيس النظام، بشار الأسد، به عام 2017، يضعه أمام مسؤولية كبيرة، فخطوات اللاعب بعد “التسوية” يجب أن تكون مدروسة ومحسوبة، بحسب معلا.
وكان رئيس النظام السوري استقبل لاعبي المنتخب ووقّع على صدورهم، في تشرين الثاني 2017، بعد وصول المنتخب إلى الملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم 2018، لأول مرة في تاريخه.
وكان فراس الخطيب من ضمن اللاعبين، الذين وقفوا إلى جانب الثورة السورية، وظهر في مهرجان نظمه معارضون سوريون في الكويت عام 2012، وأدلى بتصريحه الشهير، “لن ألعب في صفوف المنتخب طالما أن هناك مدفعًا يقصف أي مكان في سوريا”.
وتابع رئيس الاتحاد الرياضي العام، أن فراس الخطيب يعلم سبب انسحاب اللاعبين الجزائريين، وأن أسماء الخصم معروفة، حتى لو تجاهل الخطيب أو لم يكن على معرفة بالأمر، فهي مشكلة أكبر.
من هو فراس معلا؟
ينحدر فراس معلا (50 عامًا) من مدينة اللاذقية على الساحل السوري، من عائلة رياضية كان لها باع طويل في المنافسات المحلية والدولية، وهو شقيق السباحين غيداء وهمام ومصعب معلا، الذين حققوا العديد من الألقاب.
وعُرف فراس معلا كسباح سوري حصد عشرات الميداليات في مختلف المسابقات الرياضية بمنافسات السباحة.
وأحرز معلا المركز الرابع في بطولة العالم باليابان في عام 1998، والمركز الخامس في بطولة العالم للمحترفين في فرنسا 1996، وحقق بطولة آسيا عام 2002، والمركز الثاني في آسيا عام 2004.
وتمكّن السباح السوري من عبور بحر “المانش” بين فرنسا وإنجلترا في 20 ساعة عام 2002، وقطع مسافة 110 كيلومترات بالسباحة المتواصلة لعبور البحر بين قبرص وسوريا لمدة 46 ساعة متواصلة عام 2007.
خلفية “موالية”
جذور وارتباطات معلا وعائلته مع النظام السوري لا يمكن إخفاؤها، فهو ابن هاشم معلا، أحد المتهمين بتنفيذ مجازر مدينة حماة في ثمانينيات القرن الـ20، كما عُرف فراس بتأييده لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، في كل مناسبة ممكنة.
وكان رئيس النظام السوري استقبل السباح معلا عدة مرات، وكرّمه مرتين في عام 2002 و2007.
وصرح معلا بأنه يتشرف بتمثيل روسيا في بطولة أوروبا للسباحة لفئة “الماسترز”، التي أُقيمت في مدينة كران السلوفينية، في أيلول 2018، إذ مثّل روسيا باستثناء من رئيس النظام السوري، وأحرز ميدالية ذهبية في بطولة أوروبا لمسافة خمسة كيلومترات لفئة “الماسترز”.
وكان شقيقه همام معلا ترأس الاتحاد العربي لـ”الترياثلون” حتى عام 2012، عندما استقال “احتجاجًا على التآمر العربي على سوريا”، بحسب ما ذكرته إذاعة “شام إف إم” المحلية، في 30 من كانون الثاني 2012، عدا عن امتداحه للجيش السوري عدة مرات في وسائل إعلام مختلفة، ويمتلك مع شقيقه همام عدة مشاريع اقتصادية متعلقة بالرياضة.
ولم تتوقف الاستثمارات الرياضية لآل معلا على الشركات الرياضية، إذ ذكر موقع “تلسكوب سوريا” المحلي، والتابع لعلي منير الأسد، في عام 2011، أن آل معلا حصلوا على أرض بمساحة 60 مترًا من قبل محافظة دمشق، قبل أن يضيفوا إليها 1500 متر أخرى بشكل مخالف في منطقة المزة بالعاصمة السورية دمشق، ليفتتحوا عدة أندية رياضية، في المنطقة ذاتها وفي منطقة المزرعة، بالإضافة إلى “أكاديمية الأشقاء معلا” للسباحة في منطقة مزة فيلات شرقية.
القفز بين المناصب
تقلّد فراس معلا خلال مسيرته العديد من المناصب الرياضية، التي أثارت جدلًا واسعًا في الوسط الرياضي، بتسلّمه العديد من المناصب حتى الوصول إلى رأس الهرم الرياضي في سوريا.
وشغل رئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد الرياضي بدمشق من عام 2000 حتى عام 2003، وتقلّد منصب عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد الرياضي العام، وعضو اللجنة الأولمبية السورية، من عام 2003 حتى عام 2005.
وتسلّم منصب نائب رئيس اللجنة الأولمبية السورية، والاتحاد الرياضي العام بين عامي 2005 و2010، ومنصب أمين عام اللجنة الأولمبية السورية من عام 2010 حتى عام 2019.
وشغل منصب رئيس الاتحاد السوري للسباحة من عام 2014 حتى عام 2019، ويترأس حاليًا الاتحاد الرياضي العام (أعلى سلطة رياضية في سوريا، وتوازي وزارة الرياضة في بلاد أخرى)، وهزم اللواء موفق جمعة في الانتخابات التي جرت في 17 من شباط 2020.
ويعبر الاتحاد الرياضي العام عن الرياضة في سوريا داخليًا، بينما تعبر اللجنة الأولمبية السورية عن الرياضة في سوريا خارجيًا.
التنصل من المسؤولية
رغم اعتلاء معلا وتقلّده رأس الهرم في الرياضة السورية، فإنه أخلى مسؤوليته في العديد من المواقف والنتائج السلبية التي تعرضت لها مختلف الرياضات في سوريا.
وعن النتائج السلبية التي حققها منتخب النظام السوري، خلال التصفيات المؤهلة لكأس العالم في قطر 2022، ألقى معلا المسؤولية على اتحاد الكرة، وأكد أن اتحاد الكرة أخذ استقلاليته الكاملة، وتم تطبيق بنود القانون “8” حول الاستقلالية الكاملة للاتحاد والتملك.
كما أوضح أن الاتحاد المستقيل أخذ الدعم الكامل على مدار عامين، ولكن المنتخب رسم صورة مغايرة في الوقت الحالي عما قدمه في 2017، ولم يكن الاتحاد المستقيل على قدر المسؤولية، بحسب معلا، وقال إن الاستقلالية ستستمر للاتحاد الحالي.
وقدّم رئيس وأعضاء الاتحاد السوري لكرة القدم استقالاتهم رسميًا، بعد النتائج “السلبية” للمنتخب الأول لكرة القدم، في 14 من تشرين الأول الماضي.
وفي حديث سابق لمذيع برنامج “صدى الملاعب” مصطفى الآغا، فضح فيه واقع الكرة السورية، وتحدث عن غياب المنظومة الفكرية للرياضة السورية، وذكر أن فراس معلا لاعب مهم، لكن منظومة الرياضة ليست لها مرجعية أو قرار، قائلًا، ” معلا على شو بيقدر يوقع أو يمون (الواسطة والتزكية)؟”.
ووجه الآغا رسالة إلى القيادة من أعلى الهرم إلى أصغره، على حد تعبيره، قائلًا، “إذا كانت كرة القدم تستحق فأوجدوا الحلول، وإذا كانت لا تستحق، فانسوا التأهل إلى كأس العالم، وامرحوا بين بعضكم”.
واتهم الآغا الاتحاد الرياضي بعدم قدرته على صيانة ملعب “العباسيين” ووضع عشب إلا بعد سنوات من المطالبات والمناشدات، وأضاف أن الرياضة ليست أولوية في سوريا منذ تاريخها، وتستحق أن يكون لها وزارة، وأن ميزانية الرياضة متدنية في سوريا ولا تقارَن بميزانية لاعب محترف.
–