وأكدت المنظمة في تقرير صادر عنها اليوم، الاثنين 20 من كانون الأول، أن الشهادات المروعة تكشف أن أشخاصًا، بمن فيهم عائلات لديها أطفال، تعرضوا للضرب بالهراوات وأعقاب البنادق، وجرى تهديدهم بالكلاب “البوليسية” من قبل القوات البيلاروسية، فضلًا عن إجبارهم مرارًا وتكرارًا على عبور الحدود في ظروف خطرة من قبل كل من بيلاروسيا، والسلطات البولندية، بما في ذلك من خلال نهر سريع التدفق.
وقالت باحثة منظمة العفو الدولية لشؤون اللاجئين وحقوق الإنسان جينيفر فوستر، إن “القوى المتعارضة تلعب لعبة قذرة مع الأرواح البشرية”.
“الناس على الحدود يجدون أنفسهم بين المطرقة والسندان، بعد أن تقطعت بهم السبل، في منطقة حظر على حدود بيلاروسيا مع الاتحاد الأوروبي، يواجهون الجوع والتعرض لمستويات مروعة من الوحشية من قبل القوات البيلاروسية”، بحسب ما قالته فوستر .
المنظمة أجرت مقابلات مع ما مجموعه 75 شخصًا، بينهم سبعة من سوريا والباقي أغلبهم من العراق، استُدرجوا إلى بيلاروسيا بين تموز وتشرين الثاني الماضيين، بوعد كاذب بالعبور بسهولة إلى الاتحاد الأوروبي.
وبحسب شهادات أولئك الذين قابلتهم المنظمة، فقد واجهوا انتهاكات من قبل القوات البيلاروسية، في أثناء انتقالهم من العاصمة البيلاروسية مينسك إلى ما يعتبر فعليًا منطقة حظر، عادة ما تكون مسيّجة، على الحدود البيلاروسية مع بولندا ولاتفيا وليتوانيا.
تهديد بالكلاب
قال طالب لجوء سوري للمنظمة، إنه كان ضمن مجموعة قوامها حوالي 80 شخصًا متجهين عبر شاحنة عسكرية إلى الحدود، “أنزلونا من الشاحنة، كان هناك حوالي عشرة جنود بيلاروسيين، وكان معهم أربعة كلاب. قالوا إنهم سيتركون الكلاب تهاجمنا، لذا إذا لم نركض بسرعة، فسنتعرض للعض”.
وأضاف، “ركض الجنود وراءنا، وضربوا كل من لم يجرِ بالسرعة الكافية بالهراوات. بعد أن طاردونا نحو 200 متر، استدار الجنود وتركونا في المنطقة العازلة وسط الغابة. تم فصل العائلات. وأولئك الذين عضتهم الكلاب كانوا ينزفون”.
وذكرت المنظمة، أنه بمجرد دخول طالبي اللجوء “موقع التجميع”، لا يُسمح لهم بالمغادرة أو العودة إلى المناطق غير المُسيجة التي يمكن للمدنيين الوصول إليها، ويُحاصَرون في ظروف غير إنسانية لأيام أو أسابيع.
دفع رشى
قال العديد من الأفراد للمنظمة، إنهم تُركوا بلا طعام لأيام، أو بكميات قليلة من الماء أو الخبز، وبلا مأوى أو صرف صحي، ولم يُسمح لهم بمغادرة “مواقع التجميع” ومنطقة الشريط الحدودي إلا بعد دفع رشى.
تقرير المنظمة، أفاد بأنه تم القبض على معظم المهاجرين الذين تمكّنوا من عبور السياج الحدودي إلى بولندا، كما وثقت المنظمة حالات لمهاجرين تمكّنوا من الذهاب أبعد من ذلك إلى الأراضي البولندية، بما في ذلك المشي لأيام، قبل أن يتم القبض عليهم من قبل السلطات البولندية أو الاقتراب من السلطات نفسها بعد أيام قضوها دون طعام أو مأوى.
وأوضح التقرير أن جميع الأشخاص الذين تحدثت إليهم المنظمة أُعيدوا إلى بيلاروسيا باستثناء شخص واحد، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، وعلى الرغم من أن أولئك الأشخاص عبّروا عن نيتهم التقدم بطلب للحصول على اللجوء في الاتحاد الأوروبي، فقد تم إيقافهم في سلسلة طويلة من عمليات الطرد الجماعي المنهجية التي تجاهلت تمامًا التزامات القانون الدولي والاتحاد الأوروبي.
إعادة قسرية
عبّرت المنظمة عن قلقها إزاء طالبي اللجوء والمهاجرين الذين ما زالوا عالقين في بيلاروسيا بوضع غير قانوني، سواء في المناطق الحدودية أو في العاصمة مينسك ومدن أخرى، مشيرة إلى أنهم معرضون لخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وبدأت السلطات البيلاروسية بالفعل بإعادتهم قسرًا إلى بلدانهم الأصلية، بما في ذلك إعادتهم بشكل غير قانوني دون تقييم احتياجات الحماية الخاصة بهم.
ووفقًا للتقرير، يواجه العديد من الأشخاص الذين تحدثت إليهم المنظمة إعادة قسرية إلى سوريا وليس إلى البلدان التي غادروها، بما في ذلك مصر وتركيا ولبنان، بسبب حظر العودة.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” وثقت في تقرير نشرته الشهر الماضي، انتهاكات تقوم بها السلطات البيلاروسية تجاه اللاجئين، ونقلت عن أحدهم أن السلطات البيلاروسية تخيِّرهم بين “الموت أو عبور الحدود إلى بولندا”، حسب التقرير.
وفي 2 من كانون الأول الحالي، فرضت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا عقوبات جديدة على عشرات المسؤولين والمنظمات والشركات في بيلاروسيا، جرّاء مشاركتهم أو دعمهم للانتهاكات التي ترتكبها بيلاروسيا ضد حقوق الإنسان، بالتزامن مع عقوبات أخرى فرضها الاتحاد الأوروبي.