يُنظّم مهربو البشر أنفسهم ضمن شبكات إجرامية تتنافس فيما بينها وهو ما يسفر عن وفاة مهاجرين في أثناء محاولتهم الوصول إلى السواحل البريطانية.
وقال القاضي الفرنسي، باسكال ماركوفيل، لوكالة “فرانس برس”، السبت 18 من كانون الأول، تعليقًا على وفاة 27 مهاجرًا في قناة المانش نهاية تشرين الثاني الماضي، إن الحادثة وقعت بسبب أن المهربين ينضمون إلى شبكات إجرامية تتنافس بين بعضها.
وحول جنسيات المهربين، أوضح أنه “حصلت موجتا هجرة رئيسيتان منذ عام 2015، الأولى من سوريا والعراق، والثانية من منطقة القرن الإفريقي، أي إريتريا والسودان والصومال وإثيوبيا، وينبثق بعض المهربين من هذه المجتمعات، لا سيما الكرد العراقيون الذين استوطنوا تاريخيًا الساحل البلجيكي ودنكيرك شمالي فرنسا، وهم يوسّعون نفوذهم في كل أنحاء الساحل”.
وأضاف، “كما أن هناك الشبكات الأفغانية التي وصلت خلال عام 2001 وبسطت نفوذها على كاليه، هي أقل نشاطًا اليوم، لكنني أعتقد أنه مع عودة (طالبان) إلى السلطة، سنراها تعاود الظهور”.
وتابع، “أما الأفارقة، وهم مجموعات فقيرة جدًا، يحاولون في معظم الأحيان العبور بمفردهم، وبالتالي يتضامنون لشراء زوارق”.
وِأشار القاضي الفرنسي إلى أن “المنافسة القوية قد تؤدي إلى تسوية حسابات، خصوصًا في فرنسا، إذ عادة ما تكون الأطراف المعنية في وضع غير نظامي، وفي كثير من الأحيان، تسوى الحسابات باستخدام سلاح أبيض، العصي، كما أن المجتمع الكردستاني العراقي يملك مسدسات”.
وحول آليات عبور المانش في محاولة الوصول إلى إنجلترا، بيّن ماركوفيل أن “رحلة المهاجر تقسم اليوم إلى عدة خطوات، قبل نحو عشر سنوات، كانت شبكات المهربين تضمن عبورًا من بلد المنشأ إلى بريطانيا، من خلال الدفع لمجموعة واحدة، لكن اليوم الحدود مغلقة، لذلك ينبغي على المهاجرين التعامل مع مجموعات فرعية متخصصة في عبور نقطة معينة، مثل قناة المانش”.
وأضاف، “عمومًا، يكون المهاجر على اتصال بشبكة معينة منذ البداية، يتقاضى وسيط المال عن الأسرة ويعطي الموافقة في كل مرحلة، ويعبر المهاجر الحدود متنقلًا من شبكة إلى أخرى وكلها مترابطة، في بعض الأحيان، كلما اقترب من الهدف، ازدادت التكلفة”.
ويُكلّف عبور المانش في قارب صغير هش، ثلاثة أو أربعة آلاف يورو، وقد تصل تكلفة ما يطلق عليه العبور المضمون إلى 10 آلاف يورو، على متن قارب أفضل وليس محملًا فوق طاقته، وفق ماركوفيل.
ووصف ماركوفيل المهاجرين بأنهم مجرد شحن بالنسبة للمهربين، لافتًا إلى وجود عمليات شراء كبيرة للزوارق المطاطية ذات النوعية الرديئة من شركات صينية، لاحظها المحققون، تتم عادة عبر وسطاء أتراك، من قبل أشخاص يعيشون في ألمانيا، ثم تباع لشبكات مختلفة تنقلها بدورها إلى شواطئ فرنسا.
ونوّه إلى أن الألمان يدافعون بالقول إن شراء زورق وإعادة بيعه هو أمر غير محظور قانونيًا، لافتًا إلى عقد اجتماع معهم، يوم الثلاثاء المقبل، في إطار الاجتماعات الدولية التي بدأتها محكمة الاستئناف، لتحديد أساليب العمل المشتركة.
حادث مأساوي
وفي 25 من تشرين الثاني الماضي، قضى ما لا يقل عن 27 مهاجرًا بعد غرق زورقهم قبالة “كاليه” من حيث انطلقوا في شمال فرنسا، خلال محاولتهم العبور نحو السواحل البريطانية، وهي أكبر حصيلة قتلى منذ ارتفاع عدد عمليات العبور عبر المانش في 2018.
وعلى إثره طالب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بتعزيز فوري لوكالة “فرونتكس” الأوروبية وبعقد اجتماع أوروبي طارئ، متعهدًا ألا تسمح بلاده بتحول المانش إلى مقبرة.
ومنذ نهاية 2018 تزايدت عمليات عبور المانش باتجاه بريطانيا، رغم التحذيرات المتكررة من خطورة هذا النوع من الهجرة، نظرًا لكثافة حركة المرور، والتيارات القوية، وحرارة المياه المنخفضة.
وبحسب بيانات الحكومة الفرنسية، فقد حاول نحو 15 ألفًا و400 مهاجر عبور المانش في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2021، بينهم ثلاثة آلاف و500 كانوا يعانون من مصاعب حين أنقذوا وأعيدوا إلى السواحل الفرنسية.