غياب كامل للأمم المتحدة
محاصرون يهانون أمام الرغيف في الوعر الحمصي
جودي عرش- حمص
أربعة أعوام مرت على حصار نظام الأسد لحي الوعر في مدينة حمص، ذاق الأهالي خلالها معاناة كبيرة في تأمين المستلزمات الضرورية للحياة اليومية في ظل قصف واستهداف متواصل للأبنية السكنية، من قبل القوات النظامية والميليشيات الطائفية.
يقع الفرن الآلي في الجهة الشمالية الشرقية للوعر، ويعد المركز الوحيد الذي يضخ الخبز للحي المحاصر، ويخضع لسيطرة النظام ويعد أيضًا مموّنًا رئيسيًا للقطع العسكرية والقرى الشيعية في ريف حمص.
ندرة في مادة الخبز
عانى أهالي الوعر من ندرة مادة الخبز منذ ما يقارب عشرة أيام، إذ تعمدت قوات الأسد المسيطرة على الفرن خفض مخصصات الحي، التي كانت تقارب 7 آلاف ربطة يوميًا، ليخفض العدد لنحو 3 آلاف، ما سبب أزمة حادة لدى المدنيين في الحي، بحسب “م. ق” أحد المعتمدين الذين يدخلون الخبز بشكل يومي.
“كنا ندخل 7 آلاف ربطة نوزعها في مراكز خاصة موجودة في كافة أرجاء الحي، وهذا العدد لم يكن كافيًا لسد رمق الأهالي، ليتم خفض عدد الربطات إلى أقل من النصف وزيادة سعرها ليصل إلى 80 ليرة سورية، ما سبب احتجاجًا وموجة غضب عند الأهالي”، ويضيف “م. ق” إن مايجري هو استمرار لمحاولات النظام في الضغط على أهالي الحي.
وعود جادة تلقاها أهالي الحي من لجنة المفاوضات في ظل الأزمة الكبيرة، في محاولة لتخفيف الاحتقان والغضب الذي عمّ الشوارع، ويردف الرجل “لم يتم التوصل إلى حلول لهذه الأزمة مع أننا تلقينا وعودًا من الأمم المتحدة لم تترجم على الأرض”.
إهانات مقابل الرغيف
لم يتوانَ عناصر النظام في الفرن الآلي عن إذلال الأهالي المتوجهين لشراء الخبز، فاستغلوا الفرصة ليجعلوا من النساء اللاتي توجهن للفرن أضحوكة لهم وشفاءً لحقدهم، بحسب أم محمد، التي قالت لعنب بلدي “اضطررت للذهاب للفرن لشراء الخبز فأنا أمٌ لـ 6 أطفال ولا أملك معيلًا سوى الله”.
عندما وصلت أم محمد ناداها أحد العناصر قائلًا “أنا لستُ مرتاحًا لكِ”، وتابعت “قادني نحوَ حاجز الشؤون المعروف بظلمه وعدوانه وأخذ هويتي ليقوم بتفييشها، وبعد ساعتين من الانتظار وحرق الأعصاب والتخوف من الاعتقال والكثير من كلمات الذل والإهانة أعادها قائلًا: أنتِ لستِ إرهابية لكنني وبالرغم من ذلك لن أعطيكِ أيّ رغيف”.
لم تكن أم محمد الوحيدة وليست الأخيرة، فطال كلّ من توجه إلى الفرن موجة من الشتائم والسخرية، عدا عن الضرب وإرغام الأهالي على الهتاف لـ “القائد”. تردف السيدة “رأيت الجنود يضربون النساء والأطفال بالكرباج وأخمص البنادق، وسمعتُ سيلًا من شتائم لم تستثنِ أحدًا، كما أوقفوا بعضهم ليأمروهم بلعب بعض التدريبات الرياضية المحرجة أمام الجنود”، وتنهي كلامها “حتى بلقمة أكلنا عم يذلونا”.
“حركة الاحتجاجات التي انطلقت في الآونة الأخيرة لم تكن ضد جهة معينة، إنما كانت حركة تجمهر غاضبة تصرخ من أجل الخبز، بعد عدة حركات استفزازية جعلت الحي يدخل في مشاكل داخلية”، بحسب تعبير الناشط محمد الحمصي.
وأضاف الحمصي في حديثه لعنب بلدي “نحن في حي الوعر نعاني من مشقة العثور على الرغيف.. يمكننا القول إن النظام يحاول جاهدًا تحويل مسار الثورة في آخر معاقلها داخل المدينة إلى ثورة جياع ظنًا منه أن الناس سوف تنسى مسارها الحقيقي وهدفها الأول (إسقاط النظام بكافة رموزه)”.
لجأ النظام لعدة أساليب ملتوية ليضعف بها أهالي الحي المحاصر، وكانت إحداها أزمة الخبز، محاولًا من خلالها الزج بأهالي الحي ومقاتلي الجيش الحر في صراع داخلي، بحسب الحمصي، وأردف “أجبروا أهلنا على الخروج والسعي وراء لقمة العيش وإذلالهم عبر المجيء إلى الفرن الآلي ودفعهم إلى شتم الثورة والثوار، وهذا الأمر حتمًا لن ينساه أهلنا ولن ننساه ما حيينا”.
تخوف حقيقي من كارثة بشرية بحق أهالي حي الوعر البالغ عددهم ربع مليون نسمة، في حال استمر التضييق والحصار، وسط غياب كامل للجهات الأممية والإنسانية المختصة بإغاثة المناطق المحاصرة
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :