إعداد محمد رشدي شربجي
بالتعاون مع أرشيف المطبوعات السورية
قلعة الصمود والتصدي، نظام المقاومة والممانعة، حامي الحمى وبطل حرب تشرين التحريرية…
هي البروباغاندا التي استخدمها نظام الأسد لتسويق نظام حكمه داخليًا وخارجيًا على مدى سنوات، وعلى مدى عقود شهدت العلاقة بين سوريا وإسرائيل مدًا وجذرًا وتوترًا كبيرًا، ومنذ بداية الثورة السورية في آذار 2011 اعتبرت آلة الأسد الإعلامية أن ما يحدث مؤامرة تشترك فيها إسرائيل، التي شنت بدورها عشرات الغارات الجوية على سوريا واحتفظ نظام الأسد فيها جميعا بحق الرد.
نحاول في هذا البحث تتبع تغطية صحف الإعلام السوري الجديد لموضوع العلاقات الإسرائيلية السورية، مركزين بشكل خاص على تغطية أخبار القصف الإسرائيلي المتكرر، من خلال بمقدمة نظرية عن العلاقات السورية الإسرائيلية، ثم عرض لنتائج استعراض تسعة صحف من الإعلام البديل، ثم ننهي بخاتمة وتوصيات.
نكبة 1948
لقد كانت إسرائيل حاضرة منذ تأسيس سوريا ما بعد الاستقلال، فبعد هزيمة الجيوش العربية المرّة في عام 1948 مع إسرائيل، افتتح حسني الزعيم “عادة” الانقلابات في سوريا والعالم العربي عام 1949 بانقلاب هدفه المعلن، الذي لم يدم إلا أشهرًا قليلة، تحرير فلسطين التي فشل العرب في استرجاعها، ولذلك فإن الشعب السوري لم يهتم حينها بالديمقراطية التي وأدها الزعيم بقدر اهتمامه بوعوده بتحرير فلسطين، وعلى منوال انقلاب الزعيم سارت بقية الانقلابات في سوريا، حتى الوحدة العرجاء مع مصر، التي قبل بها السوريون وضحوا بنظام نصف ديمقراطي لقناعتهم أن الوحدة ستجلب تحرير فلسطين في النهاية.
نكسة 1967
في الخامس من حزيران عام 1967 أقدمت إسرائيل على احتلال أراض من ثلاث دول عربية، وقد أتمت إسرائيل الهجوم خلال يومين، ولكنها تصر على تسميتها حرب الأيام الستة، لما لهذا العدد من رمزية خاصة عند اليهود.
لم يكن الجيش السوري في أحسن أحواله قبل النكسة، فقد تعرض لحملات تسريح للضباط الأكفاء على أساس طائفي من قبل مجلس قيادة ثورة الثامن من آذار، بتهمة “التآمر على الثورة”، كما أن القيادة السورية الجديدة الخارجة لتوها من انقلاب 23 شباط 1966 عانت كثيرًا من التخبط والارتجالية، وهو ما تجلى بإصدار قرار الانسحاب الكيفي المبكر للجيش السوري من الجولان، حيث انسحب من المنطقة حتى قبل وصول الجيش الإسرائيلي بقرابة يوم كامل.
هزيمة 67 كانت ضربة قاضية للفكر القومي العربي الذي حمل لواءه حزب البعث الحاكم في سوريا، وجمال عبد الناصر في مصر. كان حافظ الأسد حينها وزيرًا للدفاع، وهو من أصدر قرار الانسحاب من الجولان، وحمّل الرئيس السوري نور الدين الأتاسي (بتوجيه من صلاح جديد عدو حافظ الأسد) حافظ الأسد المسؤولية عن هذه الهزيمة المذلة، الذي رفض بدوره تحمل المسؤولية، فتفاقم الصراع مرة أخرى بين جديد والأسد على خلفية ما يعرف بأحداث أيلول الأسود 1970 التي حدثت بين الفلسطينيين والملك حسين بن طلال في الأردن، حيث عسكر الأتاسي وصلاح جديد في درعا على الحدود الأردنية، وأرسلوا بعض المدرعات لدعم ياسر عرفات هناك، بينما رفض الأسد تقديم دعم جوي، وهو ما أدى بالنتيجة للقضاء على المدرعات السورية وهزيمة ياسر عرفات وإخراجه من الأردن.
انتهى الصراع بين الرجلين بأن تمكن حافظ الأسد من اعتقال جديد والأتاسي وإيداعهم السجن، ليستفرد الأسد بالسلطة وينهي عقدين من الانقلابات في سوريا بدأا في 1949 وانتهيا في 1970.
حرب تشرين (التحريكية)
بفارق لا يتجاوز الشهر بينهما، تقلد أنور السادات رئاسة مصر في أيلول 1970، وحافظ الأسد رئاسة سوريا في تشرين الأول 1970، وقد كان لابد للرجلين أن “يفعلا شيئًا” لتحريك الأجواء مع إسرائيل، ولدعم شرعيتهما أمام الجماهير التي لم تفق بعد من أهوال هزيمة 67.
لم يكن هدف الزعيمين التحرير بقدر ما كان “التحريك”، فالسادات أشعل الحرب وعينه على السلام، وحافظ الأسد عينه على “تجميد” الجبهة ورد الاعتبار للهزيمة التي حُمّل مسؤوليتها شخصيّا.
يذكر الفريق سعد الدين الشاذلي يوميات الحرب في مذكراته الضخمة، ومن الصعب ذكر التفاصيل في هذا الموجز، ولكن نكتفي بالقول إن الجيشين السوري والمصري حققا تقدمًا مهمًا خلال الأيام الأولى من الحرب، حيث تجاوز الجيش المصري خط بارليف المنيع وعبر قناة السويس في مصر، ووصل بعض الجنود السوريين إلى بحيرة طبريا.
ولكن تدخلات السادات في القرارات العسكرية الميدانية، والفوضى ضاربة الأطناب في الجيش السوري، عدا عن الجسر الجوي التاريخي الذي قدمته أمريكا لإسرائيل والمعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي قدمتها أمريكا عن مواقع القوات في البلدين، جعلت إسرائيل تمتلك زمام المبادرة من جديد، وتلتف على القوات المصرية من “فتحة دفرسوار” لتحاصرها في صحراء سيناء، وتعكس الهجوم على القوات السورية لتردها على أعقابها وتسيطر على قرى جديدة في القطاع الأوسط والشمالي.
وبالمحصلة فإن الجيش الإسرائيلي في لحظة إيقاف الحرب كان في مواقع أقرب لدمشق والقاهرة مما كان عليه عند بدئها، ولكن الحرب كانت كافية لإقناع أمريكا وإسرائيل أن اللحظة قد حانت لإنهاء الصراع مع هذين البلدين.
قام هنري كسينجر بجولات مكوكية بين القاهرة ودمشق وتل أبيب أثمرت في عام 1974 اتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل، تفصل بموجبها قوات من الأمم المتحدة بين سوريا وإسرائيل في حين تنسحب الأخيرة من القنيطرة في سوريا، والتي تشكل أقل من 10% من المساحة التي سيطرت عليها إسرائيل في عام 1967، لتجمد بعدها الجبهة السورية حتى هذه اللحظة، ولينتقل أي خلاف بين سوريا وإسرائيل إلى لبنان أو داخل فلسطين نفسها.
من كامب ديفيد إلى مؤتمر مدريد
أثمرت المفاوضات السرية التي أعقبت حرب تشرين على الجبهة المصرية، اتفاقية كامب ديفيد 1978 بين السادات ومناحيم بيغين، وانسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء (وهي تشكل أكثر من 90% من الأراضي التي سيطرت عليها في 1967) مقابل سلام شامل مع مصر.
غيرت اتفاقية كامب ديفيد وجه المنطقة، وأخرجت مصر أكبر بلد عربي، وأهم دول الطوق، من الصراع العربي الإسرائيلي، كما قاطعت الدول العربية مصر وعلقت عضويتها في جامعة الدول العربية حتى عام 1989.
تفاقمت بدءًا من أيار 1981 ما باتت تعرف بأزمة الصواريخ بين سوريا وإسرائيل، وتعود قصة نشر الصواريخ إلى ما قبل ذلك بحوالي أربعة أسابيع، ففي أوائل نيسان 1981 ردت القوات السورية بشدة على نيران ميليشيات “الجبهة اللبنانية” وقواعدها في زحلة، التي تمكن بشير الجميل من توحيدها تحت قيادته بعد مذبحة نفذها في صفوف حلفائه في ميليشيا النمور التابعة لداني شمعون نجل الرئيس اللبناني الأسبق كميل شمعون، وقد وجهت الإدارة الأمريكية حينها إنذارًا لسوريا (التي كانت وقعت معاهدة الصداقة والتعاون مع الاتحاد السوفييتي في 1980) من أن تدخّلها في زحلة سيغير الوضع اللبناني الراهن، وأن إسرائيل ستتدخل في لبنان لولا ضغط الإدارة الأمريكية، ردت سوريا على التهديد بنشر صواريخها في البقاع اللبناني، وتوالت التهديدات الإسرائيلية بتدمير هذه القواعد.
في 7 آب اغسطس 1981 أعلن الأمير فهد (ملك السعودية لاحقًا) مشروعًا للسلام مؤلفًا من سبع نقاط، حمل فيما بعد اسم “مشروع الأمير فهد”، وكان القصد من ذلك دفع القمة العربية، التي شرع بالعمل على انعقادها لتبنيه. في هذه الشروط الجديدة وجّه الملك الحسن الثاني الدعوة لعقد قمة عربية في مدينة فاس بالمغرب في تشرين الثاني 1981 بطلب من المملكة العربية السعودية وقد قاطعت سوريا هذه القمة بسبب عدم موافقتها على بعض نقاط المشروع.
وفي نهاية العام نفسه حاول عرفات تشكيل جبهة موحدة مع سوريا، ولكن السيف سبق العذل كما يقال، فقد أظهر هذا العام ضعف الموقف العربي خاصة بعد خروج مصر من الصراع، وانقسام الدول العربية حول الحرب العراقية الإيرانية، وهو ما أغرى إسرائيل في النهاية بتسهيل أمريكي باجتياح لبنان 1982 لاستئصال خطر ياسر عرفات، وهو ما كان هدفًا مشتركًا مع حافظ الأسد أيضًا.
لم تكن العلاقات السورية مع ياسر عرفات جيدة في يوم من الأيام، وقد تفاقمت بعد عودة ياسر عرفات سرًا إلى طرابلس لبنان عن طريق البحر، ما اعتبر حينها تحديًا لسلطة حافظ الأسد في لبنان، ومن ثم اتهام ياسر عرفات لحافظ الأسد بتحريضه الانشقاق داخل حركة فتح ومحاولته السيطرة على القرار الوطني الفلسطيني، ما جعل حافظ الأسد يبعد عرفات عن سوريا بتحريض من عبد الحليم خدام وحكمت الشهابي 1983.
أجواء مؤتمر مدريد للسلام
مع إخفاق التدخل الأمريكي في لبنان وفشل مبادرة ريغان، تبنى وزير الخارجية الأمريكي جورج شولتز الرأي القائل بأنه ما لم يحل الصراع العربي الإسرائيلي فسيبقى الاضطراب في الشرق الأوسط يهدد مصالح أمريكا هناك، وقد قدم مبادرة بذلك كان مصيرها الفشل.
ولكن ضعف الاتحاد السوفييتي حتى انهياره رسميًا في ديسمبر 1991، والانتفاضة الفلسطينية الثانية 1987، وغزو صدام حسين للكويت في آب 1990، أتاح عقد محادثات مباشرة بين العرب وإسرائيل؛ فرصة اغتنمها جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي الجديد.
كانت إسرائيل ترغب بعقد مؤتمر إقليمي في المنطقة بينها وبين العرب، ولكن العرب اعتبروا ذلك نوعًا من التطبيع المجاني، مصرين على عقد مؤتمر دولي تحضره الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والأمم المتحدة، كما طالب العرب بضمانات من الأمريكيين قبل المؤتمر، كأن يكون المؤتمر على قاعدة قرراري الأمم المتحدة 242 و338.
كان الوفد السوري برئاسة الخبير الدبلوماسي السفير موفق العلّاف، ووليد المعلم السفير في أمريكا، وزهير العقاد السفير في إسبانيا، واللواء عدنان طيارة ممثل سوريا في لجنة مراقبة الهدنة مع إسرائيل، ومع مسير المفاوضات أضيفت أسماء أخرى أبرزها رياض الداوودي المستشار القانوني لوزارة الخارجية.
افتتح وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر، والسوفييتي بوريس بانكين، مؤتمر مدريد في 30 تشرين الأول 1991، ولم ينجز المؤتمر شيئًا يذكر، فقد كان الهدف من المؤتمر كما أراده الأمريكيون هو كسر المحرمات المفروضة على الحوار العربي الإسرائيلي المباشر، كما أن تعنّت إسحاق شامير رئيس الوزراء الإسرائيلي أوقف المفاوضات عمليًا.
وديعة إسحق رابين
أعاد فوز حزب العمل بقيادة إسحاق رابين في 1992 تحريك المفاوضات مرة ثانية، وقد كان رابين يرى الأسد شخصًا صعب المراس ولكنه يفي بوعوده مثلما فعل بعد اتفاقية فض الاشتباك في 1974، وحدثت بعدها عدة جولات في واشنطن بلا تقدم حقيقي، ولكن تزامن الجولة الثامنة من المفاوضات مع إبعاد إسرائيل لمئات من مناضلي حركة حماس إلى لبنان؛ جعل العرب يقاطعون المفاوضات ويعودوا إلى بلادهم، ولم يتم تفعيل المفاوضات حتى عادت إسرائيل عن قرارها وعاد المبعدون إلى ديارهم، لتعود وتتوقف مرة أخرى بعد عدوان إسرائيل على لبنان 1993 الذي أنهي برعاية أمريكية-سورية.
لم تكن إسرائيل مهتمة بشكل كبير بالمسار السوري، فقد عملت على إنضاج المسار السري الفلسطيني الذي تمخض عنه اتفاق أوسلو 1993، والذي تم بمعزل وسرية عن مفاوضات مدريد واشنطن. رفضت سوريا الاتفاق واعتبرته موجهًا ضدها، وجرت اتصالات أمريكية مع سوريا لاحتواء عمل الفصائل الرافضة لأوسلو، ولكن الأسد رفض ذلك واعتمد على استغلال ذلك في المفاوضات مع إسرائيل.
الوديعة مرة أخرى
في 19 تموز 1994 زار وزير الخارجية الأمريكي وارن كريستوفر دمشق، وعرض على الأسد ما بات يعرف بـ ”وديعة رابين”، وفيها تعهد رابين أن ينسحب إلى حدود 1967 إذا تم تلبية احتياجات إسرائيل الأمنية، وردًا على ذلك وافق الأسد بعدم ربط اتفاقه مع إسرائيل باتفاقها مع الفلسطينين، كما وافق على فتح لقاء السفراء في واشنطن بين وليد المعلم سفير سوريا في أمريكا ورابينوفيتش سفير إسرائيل هناك، ولكن إسرائيل لم تكن مهتمة مرة أخرى باتفاق مع سوريا، فقد كان جل اهتمامها مركزًا على الأردن، التي أنجزت اتفاق وادي عربة معها في 16 تشرين الأول 1994.
بعدها بشهرين أي في 2 و3 نوفمبر 1994 استؤنفت المحادثات بين وليد المعلم ورابينو فيتش، وقد أكد الإسرائيليون على مناقشة الترتيبات الأمنية أولًا، قبل مبدأ الانسحاب وفق الوديعة التي أصر المعلم على تأمين التزام خطي بها، وهو ما رفضته إسرائيل.
بعدها في 22 و23 كانون الأول 1994، بدأت اجتماعات حكمت الشهابي رئيس الأركان السوري مع رابينوفيتش ثم مع الوفد العسكري الإسرائيلي برئاسة إيهود باراك، وطرح الشهابي أن تكون المسافة المنزوعة السلاح على جانبي الحدود بنسبة 6 إلى 10 كم لمصلحة إسرائيل، كما رفض السوريون فكرة المحطة الأرضية رفضًا قاطعًا بسبب عدم ضرورتها بالفعل للأمن الإسرائيلي، وأصرت إسرائيل على الإبقاء على المحطة الأرضية في الجولان بعد انسحابها منه، والمحطة الأرضية ذات موقع استراتيجي أعلى قمم الجولان تكشف تمركز القوات السورية حتى حدود سوريا الشرقية مع العراق، ولكن الشهابي رفض كل المحادثات قبل اقرار إسرائيل بالانسحاب لخط الرابع من حزيران وعليه فشلت المفاوضات وعاد الاثنين لبلديهما.
استأنفت بعدها الدبلوماسية الأمريكية جهودها وحددت برنامجها السياسي الافتراضي بإحراز اتفاق سوري إسرائيلي قبل نهاية عام 1995 للاستفادة الانتخابية منه في حملة كلينتون، وتم إقرار ورقة مبادئ وأهداف الترتيبات الأمنية، وبناء عليه في 27 حزيران 1995، تم الاجتماع الثاني بين الشهابي وامنون شاحاك رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد. وفشلت أيضًا للأسباب السابقة نفسها ثم توقفت المفاوضات بشكل كامل نتيجة مقتل إسحاق رابين على يد متطرف يهودي.
عناقيد الغضب
في مطلع شباط 1996 حدثت عدة عمليات للمقاومة داخل فلسطين ولبنان، وهو ما أعاد التوتر بين إسرائيل وسوريا، وأوقف المفاوضات من جديد بتوجيه من بيريز ليستمر التوتر بين إسرائيل والمقاومة حتى أطلقت إسرائيل عملية كبرى أسمتها عناقيد الغضب في نيسان 1996، والتي ارتكبت فيها مجزرة قانا، وهو ما شكل ضغطًا كبيرًا على إسرائيل، وانتهت هذه العملية بما يعرف تفاهم نيسان.
نتنياهو بعد بيريز
جرت انتخابات مبكرة في إسرائيل فاز بها بينيامين نتنياهو، الذي يعد من أكثر الإسرائيليين تشددًا، ولذلك لم تسعَ حكومته إلى السلام مع أي طرف، لاسيما مع الطرف السوري، ولكن نتنياهو حاول التواصل مع حافظ الأسد عن طريق قناة غير رسمية هي رونالدو لادور، وهو رجل أعمال أمريكي يهودي وصديق مقرب لنتنياهو، وقد جاءت هذه القناة من طرف وليد المعلم الذي كان بحكم إقامته الطويلة في الولايات المتحدة قد نسج علاقات جيدة مع اليهود الأمريكيين القريبين من إسرائيل، ولكن هذه القناة لم تثمر عن شيء يذكر.
إيهود باراك بعد نتنياهو
في ضوء اتصالات كلينتون مع الأسد وتدخل الوسطاء، وتسلم باراك لرئاسة الحكومة من بينيامين نتنياهو، قرر الأسد الدخول الحذر في مفاوضات على مستوى كبار الخبراء مع إسرائيل، تولاها رياض داوودي واوري ساغي من الطرف الإسرائيلي في محاولة للتوصل إلى اتفاق لاستئناف المفاوضات المتوقفة منذ شباط 96، استمرت هذه المفاوضات لمدة ستة أيام من 15 حتى 21 أيلول 1999 بشكل غير مباشر عبر الوسط الأمريكي وتخللتها جلسة واحدة مباشرة.
وقد ناقشت هذه الجلسات قضايا الخلاف الخمس التالية: الانسحاب، مضمون السلام، مضمون الترتيبات الأمنية، الجدول الزمني وعلاقته بالانسحاب، والعلاقات السليمة وتدرجها، وقد تعثر هذا الاجتماع كما هو كل اجتماع بسبب الحديث عن خط الرابع من حزيران 1967، حيث برزت قضية التعريفات المختلفة لما هو خط 67، إذ تعترف إسرائيل بخط 1923 الذي حددته فرنسا وبريطانيا عند تقاسم الأراضي فيما بينهما، والفرق بين الخطين ليس أكثر من 10 أمتار في الحقيقة، ولكن هذه المسافة الضئيلة تمنع سوريا من حدودها على بحيرة طبرية أكبر خزان للمياة العذبة في المنطقة.
بعد سلسلة لقاءات مع كلينتون واولبرايت (وزيرة الخارجية الأمريكية حينها)، تم في 15 و16 كانون الأول 1999 اجتماع بين باراك والشرع بحضور اولبرايت والوفدين السوري والإسرائيلي على مدى يوم ونصف في بلير هاوس، وفي هذا اللقاء ربط باراك حصول أي تقدم بالمفاوضات مع سوريا بإطلاق المحادثات مع لبنان أولًا.
في كانون الثاني 2000 عادت الوفود إلى شيبردزتاون القريبة من العاصمة واشنطن، واتُفق في بداية هذه الجلسات على أن تكون هناك أربع لجان: لجنة ترسيم الحدود، ولجنة المياه ولجنة الأمن ولجنة العلاقات السليمة، وقد حدث تقدم في كل اللجان نتيجة تنازل السوريين، ولكن تعنت باراك ورفضه أي اتفاق أفشل هذه المفاوضات فشلًا ذريعًا.
حاول كلينتون إعطاء المفاوضات فرصة أخيرة، فنظم لقاءً مع الأسد في آذار 2000، وقد كان آخر لقاء جمعه بالأسد قبل وفاته، ولكن الأسد لم يكن مهتمًا هذه المرة، فقد كان مشغولًا بترتيبات التوريث لصالح ابنه، وعليه فقد انهارت المفاوضات بين سوريا وإسرائيل.
من المهم الإشارة إلى أننا اعتمدنا في إعداد المادة النظرية على كتاب ” الرواية المفقودة” لفاروق الشرع وزير الخارجية السوري السابق، وكتاب “السلام المفقود” لدينيس روس مهندس المفاوضات الأمريكي بين الجانبين العربي والإسرائيلي، وكتاب ” مذكرات حرب أكتوبر” لسعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب الجيش المصري في حرب تشرين.
الإعلام البديل: إسرائيل عدو “مؤجل”
القصف الإسرائيلي.. كيف تناولته صحف الإعلام البديل؟….. تابع القراءة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :