مشكلة كوادر أم شفافية عند حكومة النظام
وزارات بمواقع إلكترونية معطّلة ومكاتب إعلامية لا تعمل ولا تُعلم
عنب بلدي – جنى العيسى
أعلن رئيس حكومة النظام السوري، حسين عرنوس، مطلع كانون الأول الحالي، عن قرار يقضي بتشكيل “لجنة دعم إعلامي” برئاسة معاون وزير الإعلام لشؤون التطوير الإعلامي، وعضوية عدد من معاوني الوزراء في الحكومة.
مهام اللجنة، حسبما نشر موقع “المشهد أونلاين“، في 2 من كانون الأول الحالي، تشير إلى محاولة زيادة فرض السيطرة على وسائل الإعلام الحكومية والمحلية، واعتبار تلك اللجنة “مصدرًا أساسيًا” للأخبار والمعلومات، ومشرفًا على عمل المكاتب الإعلامية في جميع الوزارات، على أن تعمل اللجنة مع تلك المكاتب وتضمن تحديث المواقع الإلكترونية الخاصة بكل وزارة.
كما يقع على عاتق اللجنة الجديدة، العمل على “تهيئة الرأي العام”، والمقصود به تهيئة جميع المواطنين عند صدور قرارات ترتبط بظروفهم المعيشية، عبر التمهيد والترويج المسبق من قبل وسائل الإعلام.
وخلال السنوات الماضية، اقتصر عمل المكاتب الإعلامية لمعظم وزارات حكومة النظام، على نشر البيانات والأخبار عبر صفحات الوزارة في “فيس بوك” فقط، إلا أن مواقعها الإلكترونية الرسمية مُعطلة، بأغلبيتها، منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات.
وبالمقارنة مع مواقع رسمية أخرى مرتبطة بالنظام، لا يبدو الأمر أن سبب تعطل مواقع الوزارات يعود لنقص في الكوادر، في ظل وجود المواقع التي تُحدّث بياناتها وأخبارها بشكل مستمر وآني، كموقع “سوق دمشق للأوراق المالية” و”مصرف سوريا المركزي”.
لماذا لا تهتم الوزارات بمواقعها الإلكترونية
يعتبر الموقع الإلكتروني لأي وزارة حول العالم، المصدر الأول الذي يُعتمد لتأكيد أو نفي معلومة تتعلق بعمل وقرارات الوزارة.
وفي سوريا، يقتصر عمل معظم المكاتب الإعلامية التابعة للوزارات في حكومة النظام، على نشر بياناتها وأخبارها عبر حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي، منتقية ما تنشره دون أسس واضحة، إذ من الممكن أن تنقل قرارًا صدر قبل عشرة أيام، وبعد أن تكون قد تناقلته صفحات محلية بصيغة “تسريب” مجتزأ.
وقد تكتفي المكاتب الإعلامية في الوزارات بنقل ما نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، دون أي توضيحات، بلغة قرارات ومصطلحات تخصصية قد لا يفهم الجمهور المقصد الحقيقي منها.
المستشار السابق لوزير التعليم العالي، الدكتور أحمد الحسين، اعتبر أن الإنترنت، والمواقع الإلكترونية الرسمية المُفعّلة، تعني الوصول إلى المعلومة الواضحة والشفافية العالية، “وهما أبعد ما يكونان عن حالة المؤسسات الرسمية التابعة للنظام منذ سنوات”.
ويرى الدكتور أحمد الحسين، في حديث إلى عنب بلدي، أن سبب عدم اهتمام معظم الوزارات بمواقعها الإلكترونية، هو تعمّدها إخفاء المعلومات، معتبرًا أن المكاتب الإعلامية فيها تفهم بأن “الإعلام هو المديح الدائم ووسيلة للكذب على الناس”.
ولا يعتقد المستشار السابق لوزير التعليم العالي، أن تكون مشكلة مواقع الوزارات المتوقفة منذ سنوات، تعود إلى نقص الكوادر المختصة بهذا الشأن، لأن الحديث عن الإعلام الإلكتروني والتفاعلي في سوريا بدأ منذ أكثر من 20 سنة، بحسب قوله.
ووفقًا للدكتور الحسين، فإن النظام يُركّز في عمله المؤسساتي اليوم على “ترقيع أوهامه وأحلامه بالسيطرة على سوريا”، الأمر الذي لا يتيح له الوقت الكافي للعمل بشفافية والشعور بالمسؤولية تجاه الناس، “فهو بسلوكه هذا صار لا يهتم بالبحث عن حلول، وإنما يعمل على إدارة الأزمات وقذفها نحو الأمام فقط”.
وأضاف الدكتور الحسين أن النظام استغل حدث “الثورة السورية” عام 2011، لخلق حالة إضافية من “عدم الشفافية، والسرية” التي كان مسؤولو الدولة ومؤسساتها يتعاملون وفقًا لها.
وأوضح أن العديد من الخطط والقرارات التي كانت تناقَش في مرحلة تسلّمه منصبه السابق خلال عامي 2007 و2009، كانت تسعى لتخصيص دوائر خاصة للإشراف على عمل الموقع الإلكتروني للوزارة.
وحول المواقع الرسمية المُفعّلة والتي تحدّث بياناتها بشكل آني، رجّح الدكتور الحسين أن يكون السبب في ذلك هو أن العاملين عليها مطلوب منهم “التفاعل مع الجمهور” من جهة، وكذلك “محاولة تصديرها (المواقع) لفكرة (البلد بخير)” من جهة ثانية، بحسب رأيه.
ماذا عن ثقة الجمهور بالوزارة
يترك اهتمام الوزارات في نشر بياناتها وأخبارها بنفسها، انعكاسًا في تعزيز ثقة الجمهور بها أو التقليل منها، إذ تصل في مرحلة ما إلى “انعدامها”.
ويرى الدكتور الحسين في الحالة السورية نموذجًا مختلفًا، إذ يعتبر أن النظام لا ينتظر ثقة الشعب أساسًا، وبالمقابل، فإن الشعب وبعد عشر سنوات مما رآه في سوريا من قتل وظلم وافتراء، فقد الثقة بالنظام أيضًا، فوصل الناس إلى حالة لا يثقون فيها بالمعلومة الصادرة عن مؤسسات النظام، مدركين بأن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المرتبطة بالنظام وسيلة إضافية للغش والكذب.
وزراء “لا يملكون ما يقولون”
انتقد الإعلامي المُقيم في دمشق باسل محرز، قبل أيام في برنامج “المختار” الذي يُبث على إذاعة “المدينة إف إم”، عدم تعاون المكاتب الإعلامية لوزارات حكومة النظام مع وسائل الإعلام الموالية.
وفي حلقة البرنامج التي عُنونت بـ”المكاتب الصحفية في بعض الوزارات.. صحفيون أم بوابون“، قال الإعلامي باسل محرز، إن لكل وزارة في حكومة النظام مكتبًا صحفيًا يجلس فيه “من لم يجدوا له عملًا في الوزارة، ليس لديه أي مهمة إدارية أخرى، ولا ضرورة بأن يكون له أي علاقة بالإعلام أو لديه الخبرة الكافية للتعاطي مع وسائل الإعلام”.
كما انتقد محرز ردود فعل ثلاثة من وزراء حكومة النظام (لم يسمِّهم)، عند تواصله معهم حول ملفات تهم الشارع السوري، وتلقيه إجابة من الوزراء تفيد بأنهم “لا يملكون ما يقولونه للإعلام”.
وعلّق محرز على رد الوزراء هذا، بأنه “أمر معيب”، معتبرًا أنهم لو أرادوا التحدث فقط عما يفعلونه في الوزارة، فهم بحاجة إلى ما لا يقل عن ساعتين للكلام في هذا الموضوع، إلا إذا كانوا لا يعملون فعلًا، فهنا الحق لهم بعدم الحديث، حسب الإعلامي محرز.
وكانت سوريا احتلت المرتبة قبل الأخيرة، برصيد 14 نقطة، في تقرير لمنظمة “الشفافية الدولية” لعام 2020.
وللعام الرابع على التوالي، احتلت سوريا المرتبة قبل الأخيرة في قائمة التقرير السنوي لمؤشرات “مدركات الفساد” الذي تصدره المنظمة، والذي يرصد حالتي الشفافية والفساد في 180 دولة حول العالم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :