“يا خاي ما أقدر أطلع الله يخليك”، عبارة دعت من خلالها سيدة، عناصر الدفاع المدني السوري، لمساعدتها وإخراجها بعد أن وقعت في بئر جاف بعمق نحو 20 مترًا، في أحد مخيمات قرية يازيباغ العشوائية في اعزاز شمالي حلب.
رافقت عدسة الفريق أحد العناصر خلال عملية الإنقاذ، ووثقت مراحل إخراج السيدة من البئر، إلى أن نجحت المحاولة وأنقذ الفريق السيدة وقدم لها الإسعافات الأولية ثم نقلها إلى المستشفى في 30 من تشرين الثاني الماضي.
محاولة الإنقاذ الأخيرة، تعيد مشهد محاولة فريق الدفاع المدني إنقاذ طفل سقط في بئر ارتوازي في أثناء وجوده مع والده، ببلدة كفرروحين شمالي إدلب آذار الماضي، لمدة 55 ساعة وبمشاركة أكثر من 40 متطوعًا، لتنتهي هذه المحاولة بانتشال جثمانه الذي علق بين جدار البئر وإزميل حفارة الآبار التي كان يعمل والده عليها.
تتكرر حوادث السقوط في الآبار في الشمال السوري بسبب انتشار المكشوفة منها بشكل “كبير”، وعدم وجود إشارات تحذيرية تدل عليها، وعدم انتظام عملية حفر مثل هذه الآبار أو إغلاق المهجورة منها.
ومن الأمور المهمة جدًا والتي لا يمكن إغفالها وجود عدد كبير من النازحين في مخيمات عشوائية بمناطق زراعية تنتشر فيها الآبار المكشوفة، بحسب عضو المكتب الإعلامي للدفاع المدني السوري، فراس الخليفة.
ويمكن تفادي هذه الحوادث بإغلاق الآبار المكشوفة والمهجورة ووضع إشارات تحذيرية بالقرب منها لتلافي عبث الأطفال بالقرب منها وتحصين محيطها بحجارة تشير إلى خطر الوصول إليها، وفق ما قاله الخليفة في حديث إلى عنب بلدي.
تحديات في أثناء الإنقاذ
تصادف فرق الدفاع المدني خلال عمليات الإنقاذ من الآبار سواء التي تحوي مياه أو الجافة تحديات عديدة، منها صعوبة التعامل مع حالات السقوط في الآبار والتي غالبًا ما تكون ذات قطر ضيّق يجعل عملية الإنقاذ شبه مستحيلة، بالإضافة إلى صعوبة التجمع بسبب الخوف من استهداف قوات النظام وروسيا للمتطوعين أثناء عملهم وخاصة أن طائرات الاستطلاع لا تغادر سماء المنطقة الشمالية الغربية في سوريا.
وتوجد بعد الصعوب العملياتية تتعلق بانخفاض نسبة الأوكسجين مع الدخول في العمق، وتزداد صعوبة العمل في الحالات التي يكون فيها الشخص مغميًا عليه أو متوفيًا، ويصبح من الصعب إخراج الشخص من فتحة البئر الضيقة، بحسب ما أضافه الخليفة.
وأوضح الخليفة أن عمليات الانتشال بجميع أشكالها سواء من الآبار أو المسطحات المائية تُعد من مهمة فرق الإنقاذ وهي إحدى أهم مهمات الدفاع المدني.
وهذه الفرق مدربة بشكل جيد للتعامل مع جميع السيناريوهات المتوقعة، وهي مزودة بمعدات بسيطة خاصة للعمل من أهمها الحبال ومحطاتها والخلبة، وهي بزة يرتديها المتطوع وتكون مزودة بمعدات آمنة ومجهزة لحمل أوزان ثقيلة تساعد المتطوع على العمل بشكل مريح وآمن.
وأشار إلى أن المعدات المتوفرة تُعتبر معدات بدائية للتعامل مع هذه الحوادث، وخاصة أن هناك معدات متطورة جدًا كالأذرع الهيدروليكية التي من الممكن أن تدخل لأعماق كبيرة وتنتشل الشخص الذي سقط، إضافة لمعدات أخرى كالكميرات المزودة بمواصفات خاصة لمراقبة العالقين في الأبار.
واستجاب الدفاع المدني السوري منذ بداية 2021 حتى 2 من كانون الأول الحالي لـ15 حالة سقوط في الآبار، استطاع إنقاذ خمسة أشخاص بينهم ثلاثة أطفال وامرأة، فيما توفي عشرة أشخاص بينهم ثمانية أطفال.
ويلجأ مواطنون ومزارعون في الشمال السوري إلى حفر آبار خاصة بهم كبدائل لتأمين احتياجاتهم من مياه الشرب ومياه الري.
ويوصي فريق الدفاع المدني بإبلاغ الأهالي عن أي بئر أو خزان مياه مكشوف قد يؤدي إلى خطر على حياة أي من المدنيين، كما يوصي المزارعين بإحاطة الآبار الموجودة داخل أراضيهم بسياج يمنع الأطفال من الاقتراب منها.