هل سيسود حكم العسكر من جديد؟! «لقاء مع أحد قادة كتيبة شهداء داريا»
جريدة عنب بلدي – العدد 45 – الأحد – 30-12-2012
منذ أشهر والحديث عن قرب سقوط نظام الأسد في ازدياد. ويتزايد في الوقت نفسه حديث الدول الغربية والمجتمع الدولي عن مخاوف من الفوضى ما بعد سقوط النظام، وعن نشوب حرب أهلية في سوريا، وحول السلاح المتدفق إلى سوريا ومصيره بعد سقوط النظام وكيف سيتم استخدامه والسيطرة عليه. ويكثر في الوقت نفسه الحديث -غالبًا على القنوات الفضائية وصفحات التواصل الاجتماعي- عن توحيد الكتائب والألوية التي تحارب النظام السوري. إلّا أن ما يبدو جليًا على الأرض هو وجود عشرات -وربما مئات- الفصائل والتنظيمات المحلية الصغيرة في مناطق مختلفة من سوريا، والتي لا توجد دلائل على تنسيق جهودها وأعمالها، أو على جهود حقيقية من قبل المعارضة الخارجية لتوحيد هذه المجموعات المسلحة.
كل ذلك أثار الكثير من التساؤلات وربما المخاوف لدى الكثير من السوريين حول الدور الذي يمكن للجيش الحر أن يلعبه بعد إسقاط نظام الأسد، لاسيما في ظل مناداة بعض التنظيمات المسلحة بإقامة دولة الخلافة الإسلامية أو سواها من أشكال الدولة في سوريا. فهل سينتقل الشعب السوري من حكم العسكر «الأسدي» إلى حكم العسكر «الحر»؟ وهل ستبقى عقدة «الجنرال» ملازمة للحاكم في سوريا؟
في محاولة لإيجاد إجابات على هذه الأسئلة وغيرها، كان لـ «عنب بلدي» لقاء مع أحد قادة كتيبة شهداء داريا (والذي ستتم الإشارة إليه باسم «أبو النور» لضرورات أمنية)، والتي تضم في صفوفها معظم عناصر الجيش الحر في داريا. كما كان لها لقاءات مع عدد من قادة المجموعات العاملة في داريا وغير المنضوية تحت راية كتيبة شهداء داريا.
لم نكن نتخيل أنفسنا نحمل السلاح
«آخر ما كنت أتوقعه في حياتي أن أحمل سلاحًا» بهذه الكلمات بدأ أبو النور حديثه، فهو وعناصر كتيبته أناس عاديون، كانوا يمارسون حياتهم المدنية ولهم أسرهم وأعمالهم، ولم يكن للسلاح يومًا مكان في حساباتهم، كما يقول. «منذ بداية الثورة السورية شاركنا في المظاهرات السلمية… إلا أن وحشية النظام والعنف الذي مارسه ضد الشعب دفعنا للتفكير بحمل السلاح، لأننا أيقنا أنه من المستحيل أن نُسقط النظام من خلال المظاهرات السلمية» يتابع أبو النور حديثه. في حين قال أحد قادة المجموعات الأخرى أنه وجميع عناصر مجموعته قد أقسموا على تسليم سلاحهم عند سقوط النظام، وبأنهم يريدون أن يعودوا لحياتهم الطبيعية.
مصير السلاح بعد إسقاط النظام
سألنا القائد في كتيبة شهداء داريا عما يفكر به لمرحلة ما بعد سقوط النظام، وهل سيستمر بالعمل المسلح أم أنه سيسلم سلاحه ويعود لحياته وعمله السابق، فكان كلامه واضحًا: «لن أسلم سلاحي بعد سقوط النظام، لأن هدفنا ليس فقط إسقاط النظام، بل هدفنا هو تحرير المسجد الأقصى ونشر دين الإسلام، إلا أنني أقسمت، وأقسم كل من انضم لكتيبتي، أنه بعد سقوط النظام لن نحمل السلاح إلا تحت قوانين الدولة الجديدة وفي ظلها، جميعنا يحلم أن يكون أحد عناصر جيشها». وأضاف أبو النور قائلاً: «يجب ألا نكرر الخطأ الذي ارتكبناه وارتكبه أباؤنا من قبلنا حين تركوا الجيش والمؤسسة العسكرية لمن هم ليسوا أهلًا لها، وسلموا المناصب العسكرية للّصوص…. لن يحكمنا أحد كـ (آل الأسد) مرة أخرى».
مجموعات أخرى من الجيش الحر في المعضمية وكفرسوسة أكدت أنها لن تسلم سلاحها حتى تتم محاكمة كل المجرمين في سوريا، مطالبين بتشكيل محاكم محلية لمحاكمة كل المجرمين، وذلك لعدم ثقتهم بمحاكم النظام القديم، وعند حدوث ذلك «سنسلم سلاحنا أو ننضم لجيش الحكومة الجديدة»، قال أحد قادة هذه المجموعات.
أخطاء الجيش الحر
ومحاولات تشويه صورته
وحول أخطاء الجيش الحر والحديث المتزايد عنها وموقفه ممن يهاجم الجيش الحر، قال أبو النور: «لا ألوم أحدًا ممن هاجم الجيش الحر في أعقاب المجزرة -مجزرة شهر آب التي راح ضحيتها أكثر من 700 شهيد من أبناء المدينة- فقد كانت لديه الكثير من الأخطاء». ومن النقاط التي ذكرها قائد الكتيبة في حديثه أن «هناك الكثير من الأشخاص يدعون أنهم من الجيش الحر، والحقيقة أنهم ليسوا كذلك، بل إنهم يحاولون تشويه سمعته… إلا أنه الآن ومع أحداث الحملة الأخيرة على داريا، يجب أن تكون صورة الجيش الحر قد اتضحت للجميع و تبين الصالح من الطالح منهم».
الجيش الحر وشكل الدولة المقبلة
عن علاقته بجبهة النصرة ورأيه بها، قال أبو النور: «لا أنكر بأنهم جماعة يمتلكون تنظيمًا رائعًا وخبرات عسكرية كبيرة، وأتمنى لو كان الجيش الحر مثلهم لاسيما في حسن تنظيمهم. نحن متفقون معهم على الهدف وهو إسقاط النظام، ولكننا نختلف معهم على موضوع بناء الخلافة الإسلامية، فجبهة النصرة تريد أن تفرض الإسلام على سوريا بعد سقوط النظام فورًا، في حين نرى نحن بأن الخلافة الإسلامية لا تُبنى هكذا وإنما تسبقها مراحل كثيرة قبل بنائها، وقد نكون بحاجة لسنوات لنبني أنفسنا ومن ثم لنبني الخلافة الإسلامية». ويبدو أن عددًا آخر من قادة كتائب وتشكيلات الجيش الحر تشاركه هذا الرأي، إذ أن قائد لواء التوحيد عبد القادر الصالح كان قد أكد مؤخرًا أنه «لن يفرض أحدٌ شكل الدولة بالقوة، وأن الدولة التي ستكون عليها البلاد هي دولة يُنفى فيها حكم العسكر، حيث سيكون الحكم للثوار المدنيين» وشدد قائد لواء التوحيد قائلاً: «لن يستطيع أحدٌ أن يفرض شكل الحكم على الشعب، فالشعب الذي وقف في وجه بشار الأسد لن يعجز عن الوقوف بوجه أي حاكم آخر.»
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :