ماذا يعني التقنين؟
عندما يعاني أي شخص من انخفاض دخله ولديه الكثير من
الأعباء والمصاريف المالية، فإنه يلجأ إلى ضغط نفقاته
والإقتصار على الحاجيات الأساسية والضرورية، وكذلك الأمر
بالنسبة للدول، فمثلاً قامت معظم الدول الأوروبية بسبب
الأزمات الإقتصادية التي يمر بها العالم إلى تخفيض إنفاقها
الحكومي بسبب نقص الموارد المالية، وأكبر مثال على ذلك
اليونان. فسوريا إذن ليست ببعيدة عن حاجتها إلى التقنين
بسبب تفاقم الأوضاع السياسية والإقتصادية الداخلية،
بالإضافة إلى الحصار الإقتصادي المفروض عليها.
لماذا التقنين؟
نتيجة شح الموارد المالية للحكومة والنقص الحاد في إنتاج
مادة الفيول )بسبب العقوبات على إنتاج النفط( المستخدمة
بشكل رئيسي في إنتاج الطاقة في سوريا، فقد أجبرت الحكومة
السورية على اللجوء إلى ضغط نفقاتها من خلال عملية تقنيين
الكهرباء التي تصل إلى نحو 18 ساعة تقريباً في بعض
المناطق من ريف دمشق وغيرها!!.
إذن يعجز نظامٌ يدعي الإصلاح عن تأمين أبسط متطلبات الحياة
)الكهرباء مثلاً( في وقت هو أحوج ما يكون فيه لإرضاء الشعب
الثائر الذي انتفض من أجل كرامته!.
وإليكم مبرراته كما عهدناها دائماً كمن يغطي الشمس بالغربال:
حسب مصدر في كهرباء ريف دمشق: «هناك مجموعة عنفات
موجودة في الصيانة الدورية، وكان من المفترض الانتهاء منها
وهي السبب الأكبر وراء التقنين لساعات إضافية عن البرنامج
المعلن، لافتاً إلى أن تأخر صيانة العنفات اضطر الشركة
لوضعها في الخدمة قبل انتهاء عمليات الصيانة الدورية،
مضيفاً: «إن الشركة تسعى حالياً لوضع العنفتين المتبقيتين
بالخدمة لتؤمنان 400 ميغا واط تقريباً »
كذبت الحكومة ولو صدقت!!
دلائل اقتصادية وسياسية خلف التقنين
من بوادر الإفلاس المالي للحكومة بعد مضي قرابة عام على
إطلاق شعار «الشعب السوري ما بينذل »
• قطاع السياحة
قطاع السياحة يكاد يكون معدوماً، وهو يعتبر من أهم موارد
القطع الأجنبي. )لقد وصلت موارد سوريا من السياحة في نهاية
٢٠١٠ قبل بدء الاحتجاجات إلى مبلغ 9.4 مليارات دولار، أي ما
يشكل نسبة 23 % من مجموع إيرادات الدولة بالعملة الصعبة(.
• عائدات الحكومة
تراجعت عائدات الحكومة من النفط بسبب الحصار الاقتصادي
المفروض من دول الإتحاد الأوروبي على حظر شراء النفط
السوري. فالحكومة السورية تعتمد عليه كمورد أساسي لتمويل
موازنتها )حيث يبلغ حق الدولة من نفطها قرابة 63.6 مليار
ليرة ومن الإيرادات النفطية حوالي 277 مليار ليرة سورية
وكمصدر أساسي للنقد الأجنبي حيث تبلغ نسبة الصادرات
النفطية 45 % من إجمالي الصادرات الناجمة عن تصدير حوالي
نصف إنتاجها وتتركز في معظمها على النفط والفيول الخام(.
أي أن ذلك أدى فقدان الحكومة إلى 15 مليون دولار يومياً.
أبرز مؤشرات التدهور
– تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.4 % في عام الثورة
2011 ، بينما كانت نسبة النمو 3.2 % عام 2010 .
– تراجع ودائع البنوك بنسبة 30 % الى 346 مليار ليرة سورية
عام ٢٠١١
– تراجع سعر صرف الليرة السورية إلى 80 ليرة مقابل الدولار
)بتارخ 4- 3- 2012 ( في السوق السوداء مع نقص كبير في
عرض الدولار في السوقين الرسمي والسوداء.
– كما انخفضت احتياطيات سوريا من العملة الأجنبية ب 28 %
إلى 14 مليار دولار بنهاية عام 2011 ، مقارنة ب 19.5 مليار
دولار قبل الاضطرابات.
– ارتفاع مؤشر التخضم إلى 4.4 % عام 2010 ، وإلى 6.6 % في
نهاية عام 2011 . علماً بأن بعض السلع قد ارتفعت أسعارها
إلى أكثر من 60 % مما يجعل ارتفاع الأسعار أو التضخم إلى أكثر
من 6.6 %.
للأسباب المذكورة أعلاه، تراجعت إيرادات الخزينة العامة
بالإضافة إلى امتناع عدد كبير من المواطنين عن تسديد
الضرائب والرسوم تعبيراً عن رفض القمع والقتل الممارس من
النظام واستجابة لدعوات من نشطاء الحراك السلمي السوري
تحت عنوان حملة )لن ندفع ثمن الرصاص( وحملة )خبي قرشك
الأبيض ليسقط نظامك الأسود (.
ماهي التوقعات الاقتصادية للعام الحالي 2012 ؟
حسب صحيفة الإيكونوميست فإن الاقتصاد السوري سيتراجع
بحدود 6% لهذا العام بالإضافة إلى أن عجز الموازنة سيرتفع إلى
%10.8 عام 2016 .
تراجعت الإيرادات الضريبية والعامة إلى جانب النقص الحاد
في موارد القطع الأجنبي جراء توقف عائدات السياحة وقطاع
النفط، لذلك فإن النظام سيلجأ إلى طباعة الكثير من الأوراق
النقدية بدون رصيد، وهذا إجراء اعتاد النظام على القيام به
على مدى عقود طويلة.. لكن اليوم ومع الأزمة المالية والنقدية
التي تعصف بالاقتصاد السوري إلى جانب الأزمة السياسية
وتورط الحكومة بقتل الشعب السوري، فإنه من الممكن أن ؤدي
طباعة أوراق نقدية جديدة أو استخدام أوراق نقدية قديمة تم
سحبها سابقاً من التداول إلى تراجع حاد بقيمة العملة السورية
وتفاقم الأسعار وارتفاع خرافي بالأسعار.