مشفى الأمراض العقلية في حلب.. نداء استغاثة
زين جبيلي – حلب
في قلب حلب القديمة، وعلى خط الجبهة بين الجيشين الحر والنظامي، وفي ظل أوضاع معيشية قاسية تشهدها مدينة حلب منذ اندلاع معارك ضارية فيها في أواخر تموز، يقع مشفى الأمراض العقلية في منطقة قرلق بالقرب من باب الحديد، والتي تعدّ من نقاط التماس الساخنة. ويقبع المرضى المقيمون في هذا المشفى في أوضاع مأساوية ومزرية، فليس لديهم أدوية منذ أشهر بعد انقطاع الأطباء عن الذهاب إليهم وتوقف الدعم المادي لهم من مديرية الصحة، كما يعانون انقطاع الخدمات كحال باقي مناطق حلب، فلا كهرباء ولا تدفئة ولا حتى مياه صالحة للشرب، وبالكاد يصلهم ما يقتاتونه من الأهالي وسكان الحي، ولولا ذلك لماتوا جوعًا.
وقد حدثتنا السيدة أم رياض والتي كانت تقوم بزيارات دورية للمشفى لعيادة المرضى ولإيصال ما نقص من احتياجاتهم عن انعكاسات سوء الأوضاع الأمنية في المنطقة على المرضى في المشفى، إذ «توقفت عن الذهاب إلى المشفى مع بدء المعارك، فالطريق مليء بالقناصة، كما امتنع الطاقم الطبي والإداري عن عمله بسبب تردي الأحوال الأمنية في تلك المنطقة».
ونقلاً عن الناشط أبو مجد الذي يعمل في المجال الإغاثي وبعد أن قام مع مجموعة من المتطوعين وتحت حماية من الجيش الحر بإيصال بعض المساعدات الغذائية والطبية، وخاصة أن الغالبية من نزلاء المشفى من المصابين بالأمراض العقلية ويحتاجون بشكل دوري ومنظم لتناول أدوية محددة، قال: «إن طرق معالجة هؤلاء المرضى بعد توقف الإمدادات الطبية آلت إلى حجزهم ضمن غرفهم حتى تنتهي أعراض النوبة التي تصيبهم».
وقد حذر أبو مجد أن القادم أسوأ، فالمرضى لا يستر أجسامهم المرتجفة سوى أغطية رقيقة رغم البرد الشديد الذي يلف المكان، ومع انعدام أبسط مقومات الحياة الإنسانية فإنه يخشى أن لا يصمد العديد من المرضى وأن يحكم عليهم بالموت جوعًا أو بردًا.
هذا وقد أصيب المبنى عدة مرات بعدد من القذائف التي خلفت دمارًا واضحًا على أجزاء عديدة من المبنى.
وليس هذا المشفى من يعاني وحده، فكفالة الطفولة في منطقة المشهد ومشفى ابن خلدون للأمراض النفسية في منطقة الدويرينة الذي نال نصيبه أيضًا من قذائف جيش الأسد، أطلق القائمون عليهما نداءً لأهالي المرضى للحضور بسرعة من أجل استلام مرضاهم.
في هذه الظروف القاسية التي يصعب على إنسان عاقل سليم أن يواجهها ويخرج منها معافى جسديًا وذهنيًا، يقبع المرضى النفسيون والعقليون تحت أصوات القصف وفي عتمة مستمرة في ظل غياب كامل للدعم الطبي.. فهل سيعاني هؤلاء من نبذ المجتمع لهم مرتين، في فترة السلم وخلال الحرب.
إنهم أدعى ما يكونون وأحوج لتتكاتف الجهود لإنقاذ ما تبقى من إنسانيتهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :