د. أكرم خولاني
المرارة هي عضو من أعضاء الجهاز الهضمي، وهي عبارة عن كيس صغير، طوله حوالي 10 سم، له شكل الإجاصة، يقع في الجزء العلوي الأيمن من البطن تحت الكبد مباشرة، ويخزن في داخله جزء من العصارة الصفراوية التي ينتجها الكبد، وعند الأكل تتقلص المرارة فينتقل سائل الصفراء من كيس المرارة إلى الأمعاء الدقيقة، وهناك يساعد هذا السائل على تحليل الطعام وهضم الدهون، ويمكن أن تتعرض المرارة لبعض الأمراض، كالحصيات المرارية والتهاب المرارة وسرطان المرارة.
ومع أن سرطان المرارة نادر فإنه غالبًا ما يكون مميتًا بسبب تأخر التشخيص، لذا سنعرف بهذا المرض وأهم أعراضه وطرق تشخيصه وعلاجه.
ما سرطان المرارة
هو سرطان ينشأ عندما تبدأ بعض خلايا المرارة بالتضاعف بشكل لا يمكن السيطرة عليه نتيجة حدوث طفرة في حمضها النووي، وتستمر هذه الخلايا بالعيش لفترة أطول بكثير من الخلايا السليمة، ثم تتراكم الخلايا السرطانية مشكّلة ورمًا.
عادة ما يبدأ سرطان المرارة في الخلايا الغدية التي تبطن السطح الداخلي للمرارة، لذا يسمى بالسرطان الغُدي، ثم تبدأ الخلايا السرطانية بالانتشار من هذه الطبقة إلى بقية الطبقات، وفي حال لم يُشخّص المرض مبكرًا، قد تنتشر الخلايا السرطانية إلى أجزاء أخرى من الجسم وخاصة الكبد والمعدة والبنكرياس والاثني عشري.
سرطان المرارة غير شائع، وتبلغ نسبة حدوثه لدى النساء ضعفي نسبة حدوثه لدى الرجال، وتزداد احتمالية الإصابة به مع التقدم في العمر، إذ تعتبر الفئة العمرية بين 50 و60 عامًا هي الأكثر عُرضة لهذا النوع من السرطان.
عند اكتشاف سرطان المرارة في المراحل المبكرة فإن فرصة التعافي منه تكون جيدة جدًا، لكن يصعب اكتشافه حتى وصوله إلى مرحلة متقدمة، لأنه غالبًا لا يسبب أي مؤشرات أو أعراض محددة، كما أن الطبيعة الخفية نسبيًا للمرارة تجعل من السهل على سرطان المرارة أن ينمو من دون اكتشافه، وعندها تكون التنبؤات بخصوص سير المرض غالبًا سيئة جدًا.
ما أسباب سرطان المرارة؟
أسباب الإصابة بسرطان المرارة غير واضحة، ولكن هناك بعض العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة به، وأشهر هذه العوامل:
- الإصابة بالحصيات المرارية، فعلى الرغم من أن الأغلبية العظمى من المصابين بالحصيات المرارية لا يصابون بسرطان المرارة، فإن الأبحاث أظهرت أنه من بين خمسة أشخاص مصابين بسرطان المرارة، أربعة منهم لديهم حصى في المرارة.
- وجود حالات مرضية تصيب المرارة مثل: تكلس جدار المرارة (المرارة الخزفية)، أو التهاب المرارة المزمن، أو عيوب خلقية في القنوات الصفراوية، أو كيسة في القناة الصفراء، أو سلائل المرارة (التي هي نتوءات نسيجية غير سرطانية تشاهَد عند 5% من الناس).
- التهاب القنوات الصفراوية التي تصرف الصفراء من المرارة والكبد.
- البدانة، تسهم زيادة الوزن في زيادة احتمالية حدوث السرطان.
- الإصابة بالحمى التيفية.
- الجنس، فهو أكثر شيوعًا بين النساء.
- العمر، حيث تزداد احتمالية الإصابة مع التقدم بالعمر.
- تاريخ عائلي للمصابين بسرطان المرارة.
- بعض الممارسات غير الصحية، كالتدخين، أو العمل في بعض القطاعات الصناعية مثل صناعات المطاط، أو اتباع حمية غذائية غير صحية.
ما أعراض وعلامات الإصابة بسرطان المرارة؟
قد لا تظهر أي أعراض في بداية المرض، ثم تظهر بعض الأعراض التي تشبه التهاب المرارة، ومع تطور السرطان تظهر الأعراض التالية:
- الشعور بألم مزمن في البطن، لا يزول مع تناول العقاقير الطبية، وخاصة في الجزء العلوي الأيمن من البطن.
- الإصابة بحالات من القيء والغثيان.
- حدوث وهن جسدي.
- فقد شهية وبالتالي هبوط ملحوظ في الوزن.
- الإصابة بارتفاع درجة الحرارة والحمى.
- الإصابة باليرقان، وهو عبارة عن اصفرار في الجلد وبياض العينين مع حكة في الجلد واغمقاق لون البول.
- تكوّن تكتل وانتفاخ في البطن، وذلك نتيجة تضخم المرارة أو انتشار السرطان إلى الكبد.
كيف يمكن تشخيص الإصابة بسرطان المرارة؟
عند الاشتباه بوجود مشكلة مرضية في المرارة تُطلب الإجراءات التشخيصية التالية:
اختبارات الدم:
حيث قد تكشف اختبارات الدم عن وجود حالات العدوى، أو الإصابة باليرقان، أو التهاب البنكرياس، أو غيرها من المضاعفات التي يمكن أن تسبّبها الإصابة بسرطان المرارة.
تصوير المرارة:
ويشمل التصوير بـ”الأمواج فوق الصوتية” للكبد والمرارة والطرق الصفراوية، والتصوير “الطبقي المحوسب”، أو تصوير “الرنين المغناطيسي” للبطن والصدر والحوض، وقد يجرى “تنظير البطن”، ويتم من خلال هذه الإجراءات تشخيص الإصابة وتحديد مدى انتشار السرطان خارج المرارة، حيث يُشار إلى مراحل سرطان المرارة بالأرقام الرومانية التي تتراوح بين 0 و4، وتشير المراحل المبكرة إلى وجود سرطان داخل المرارة فقط، بينما تشير المراحل التالية إلى مرحلة متقدمة من السرطان، حيث يكون قد تطور ليشمل الأعضاء القريبة أو انتشر إلى مناطق أخرى من الجسم.
ما خيارات العلاج الممكنة؟
تعتمد خيارات علاج سرطان المرارة على مرحلة السرطان، وبالطبع فإن الهدف الأولي للعلاج هو إزالة سرطان المرارة، لذا فإن أكثر طرق العلاج نجاعة وشيوعًا في مراحل المرض المبكرة هي استئصال الحويصل الصفراوي جراحيًا في حال لم ينتشر خارج المرارة بعد، أو استئصال المرارة وأجزاء من الكبد والقنوات الصفراوية المحيطة بالمرارة في حال كان السرطان قد انتشر إلى الكبد، وقد يُوصَى بالمعالجة الكيميائية بعد الجراحة في حالة وجود خطر من بقاء خلايا سرطانية، ويمكن دمج المعالجة الإشعاعية في بعض الأحيان مع المعالجة الكيميائية بعد إجراء الجراحة لعلاج سرطان المرارة إذا تعذرت إزالة السرطان بشكل كامل.
ولكن عندما يكون المرض متقدمًا والجراحة ممكنة، قد تساعد العلاجات الكيميائية والشعاعية في السيطرة على انتشار المرض وإبقاء المريض مرتاحًا قدر الإمكان، وقد يتم اللجوء للعلاجات الدوائية الاستهدافية التي تركز على نقاط ضعف محددة موجودة داخل الخلايا السرطانية، ومن خلال تقييد نقاط الضعف هذه يمكن أن تتسبب العلاجات الدوائية الاستهدافية في قتل الخلايا السرطانية، وكذلك يمكن تجريب العلاج المناعي، وهو علاج دوائي يساعد جهاز المناعة على محاربة السرطان.
إلا أن مآل سرطان المرارة سيئ بشكل عام، وفرص الشفاء منه قليلة رغم العلاج، فأغلب المرضى يعيشون لبضعة أشهر فقط بعد تشخيص المرض، وحتى عند إجراء الجراحة فإن معظم المرضى يموتون خلال العام الأول بعدها.