خدام ينصّب سيف الإسلام

  • 2021/11/28
  • 9:26 ص
خطيب بدلة

خطيب بدلة

خطيب بدلة

يأبى أهالي هذه البلاد، العربية، أو الإسلامية، أن تزول عنهم صفة التخلف. عندما يبدر عن أحدهم تصرف يوحي بأنهم متقدمون، أتخيلهم مندهشين، غاضبين، زعلانين، الدموع تترقرق في مآقيهم، ولا يهنأ لهم بال حتى يثبتوا للعالم أنهم متخلفون، وأن ذلك التصرف الحضاري الذي بدر عن أحدهم لم يكن سوى هفوة، تابوا عنها، والله تواب رحيم.

من الأمور التي تثبت تخلف بلادنا العظيم، الآن، أن سيف الإسلام، ابن معمر القذافي (ما غيره)، قد رشح نفسه لرئاسة ليبيا، دون خوف، أو خجل، أو حياء، فإذا فاز، وهذا في بلادنا المتخلفة وارد، ستقام مراسم لتنصيبه رئيسًا، كالمعتاد، وسنفترض، وقتها، أن يأتي مخرج بارع، ويعيدنا بالصورة إلى ما قبل الثورة، عندما كان العقيد معمر القذافي يصول ويجول على سروج خيله، ويجهز ابنه سيف الإسلام، (ما غيره)، لوراثة الحكم في تلك الجماهيرية التي يبلغ طول اسمها شبرًا، وحينما تحضره المنية، تهرع ثلة من المخابرات إلى باب مقر الرئاسة، وهم يهتفون: بالروح، بالدم، نفديك سيف الإسلام، ويقوم النائب (عبد الحليم خدام الليبي) بإعداد المراسيم التي ترفّع هذا الوريث إلى رتبة عقيد، وهي الرتبة التي لا يمكن تجاوزها في ليبيا، ويسلمه الجماهيرية الليبية من بابها إلى محرابها، ثم يسافر (خدام) إلى فرنسا ليدعي أنه معارض للتوريث وللوريث، وهكذا تُطوى، سينمائيًا على الأقل، 11 سنة من الثورة، والدماء، والصراع بين “الإخوان المسلمين” وخصومهم على السلطة، ويذهب الخطاطون، بعد ذلك، إلى الجدران العريضة التي كان القذافي الأب قد كتب عليها طز بأمريكا، فيمحونها، ويكتبون مكانها: كأنك يا أبو زيد، ما غزيت.

ولكي نزيد في طنبوري التخلف الخاص بنا نغمًا، قامت الآنسة رغد بنت صدام حسين (يا رغد ليش تبجين؟)، ما غيرها، بإرسال (أو: دَزّ) رسالة تهنئة إلى سيف الإسلام القذافي، متمنية له النجاح في الانتخابات، مؤملة أن يتمكن، رعاه الله، من إعادة ليبيا إلى وجهها الحقيقي.

تزامن ذلك كله مع العودة المظفرة للقائد المفدى الدكتور الركن رفعت الأسد إلى ربوع سوريا، قلعة الصمود والتصدي، بعدما شلحته الإمبريالية الفرنسية أمواله التي حصل عليها لقاء تخليه، في سنة 1983، عن قصف مدينة دمشق بالمدافع وراجمات الصواريخ، لكي يخلص السلطة من مغتصبها حافظ الأسد، ويعيدها، على حد تعبير رغد صدام إلى “وجهها الحقيقي”، بالإضافة إلى الـ200 مليون دولار التي تبرع بها لرفعت، يومذاك، قائدُ الأمة العربية الآخر معمر القذافي، والد مرشح الرئاسة الحالي سيف الإسلام، تحت شعار كسر الفتنة، والفتنة، كما تعلمون يا أحبتي، أشد من القتل.

على ذكر رفعت الأسد، أعلن، وأنا أخوكم، أن قرار نظام بشار الأسد الممانع بالموافقة على استقباله، كان قمة في الحكمة والوجاهة، فقد استقبلت سوريا، خلال السنوات الـ11 السابقة، ما لا يحسب الحاسب من الحثالات، من إيرانيين، وروس، وعناصر “حزب الله”، وحشود شعبية، وشيشان وأفغان وليبيين، وأوشكت أن تتحول إلى مكب قمامة، فهل ستضيق بهذا الخَرْفان المطرود من جنة الغرب، رفعت الأسد؟

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي