وافق “الأمن العسكري” في درعا على انضمام عدد من عناصر “التسويات” في حوض اليرموك غربي درعا إلى صفوفه، وهم من الذين كانوا سابقًا ضمن صفوف “الفرقة الرابعة”، التي انسحبت كاملًا من درعا عقب انتهاء عمليات “التسوية” في المحافظة.
ونقلت شبكة “درعا 24” المحلية عن مصادر لم تسمِّها، أن جهاز “الأمن العسكري” وافق على قرابة 70 اسمًا من المجموعات المحلية التي يقودها باسم الجلماوي، المُلقب بـ“أبو كنان قصير”، والتي ينحدر معظم عناصرها من بلدة الشجرة ومحيطها في منطقة حوض اليرموك غربي درعا.
كما ضمّت القوائم أيضًا 30 اسمًا من مجموعة محلية يقودها صدام الطعاني، ومعظم عناصرها من بلدة سحم الجولان، كذلك شملت الأسماء عددًا قليلًا من أبناء بلدة حيط، بحسب الشبكة المحلية.
عناصر “التسوية” يبحثون عن حماية
بعد انسحاب “الفرقة الرابعة” من محافظة درعا، أصبح عناصر “التسوية” بين خيارين، إما الالتحاق بمقرات الفوج “666” في العاصمة دمشق، ومن ثم انتظار فرزهم إلى محافظات أُخرى، وهذا الأمر الذي يخالف شروط الالتحاق منذ البداية، التي تنص على حصر الخدمة في محافظة درعا، وإما الانشقاق عن قوات النظام، وهو الخيار الذي اختاره معظم عناصر “التسوية” عقب انسحاب “الفرقة”.
علي (23 عامًا)، وهو أحد الرافضين للالتحاق بالفوج “666” في دمشق، قال لعنب بلدي، إنه ومنذ التحاقه بمرتبات “الفرقة الرابعة” أُبلغ بأن خدمته ستنحصر في محافظة درعا، وهو ما حصل لمدة ثلاث سنوات.
واعتبر علي أن مدة خدمته العسكرية تُحسب من ضمن الخدمة الإلزامية في سوريا، وبعد رفض بعض من مقاتلي “التسوية” الالتحاق بمقر “الفرقة” في دمشق، أصبحوا منشقين عن قوات النظام وملاحَقين أمنيًا من قبل أجهزتها الأمنية.
وصارت جميع الخيارات التي يمكن لعلي أن يسلكها “صعبة”، بحسب وصفه، إذ يعجز المُقاتل عن دفع التكاليف المالية لخدمته العسكرية في دمشق، أو حتى خيار فرز هؤلاء المقاتلين إلى جبهات القتال في مناطق ومحافظات أخرى، إذ لا يملك عناصر “التسويات” قناعة في القتال إلى جانب النظام.
وأضاف علي أن العناصر يبحثون عن حماية شخصية من الملاحقة الأمنية أو الاعتقال، لذلك ربما يعمل عناصر “التسويات” على الالتحاق بملاك “الأمن العسكري”، لتأمين حماية أمنية لأنفسهم في ظل الحالة غير القانونية التي يعيشون فيها.
أحد الإعلاميين السابقين بفصائل المعارضة في منطقة حوض اليرموك شرقي درعا، قال لعنب بلدي، إن أمر الانتساب إلى “الأمن العسكري” مطروح حتى قبل مغادرة “الفرقة الرابعة” للمحافظة.
واعتبر أن النظام يتحكم بعناصر “التسوية”، بحسب ما تقتضيه مصلحته في المنطقة، إذ طُلب منهم سابقًا الانضمام إلى قوات النظام السوري عقب “تسوية 2018″، بينما تحول الأمر إلى موضوع أمني، يقتضي التحاق هؤلاء المقاتلين بـ”الأمن العسكري” في درعا.
وتعتبر منطقة حوض اليرموك محاذية للحدود مع الأردن من جهة، وتمتد حتى الحدود الإسرائيلية من جهة أُخرى، إذ كانت سابقًا معقلًا لتنظيم “الدولة الإسلامية” في درعا.
وانتسبت مجموعات “التسوية” إلى “الفرقة الرابعة” في نهاية عام 2018، وكان مقاتلوها يتمركزون في الريف الغربي للمحافظة، كما اتخذت قوات “الرابعة” من ضاحية درعا مركز قيادة لها، وكذلك اتخذت من معسكري “طلائع البعث” في زيزون، ومعسكر “الصاعقة” في المزيريب غربي درعا، مقري قيادة، بالإضافة إلى عشرات الحواجز التي أدارتها في ريف درعا الغربي.
وتزعّم القيادي السابق بفصائل المعارضة “أبو كنان قصير”، والقيادي صدام الطعاني، مجموعات “التسوية” في قرى حوض اليرموك.
“الفرقة الرابعة” سيطرت بفراغ عسكري
في مطلع تشرين الثاني الحالي، ومع انسحاب قسم كبير من قوات النظام العسكرية من المحافظة، ظهر توزيع جديد للنفوذ العسكري في درعا، إذ سيطر “الأمن العسكري” على الريف الغربي للمحافظة، مستغلًا الفراغ الذي شكّله انسحاب “الفرقة الرابعة” منها.
في حين سيطرت “المخابرات الجوية” على الريف الشرقي، بعد انسحاب حواجز تتبع لها من الريف الغربي، وحافظت قوات “أمن الدولة” على سيطرتها في الريف الشمالي، بينما انحسر نفوذ “اللواء الثامن” إلى سيطرته على مدينة بصرى وريفها، بعد سحب السلاح من مجموعات تتبع له خلال “التسوية” الأخيرة.
وفي نهاية 2018، كان من المفترض تشكيل مجموعات تتبع لـ”اللواء الثامن” في ريف درعا الغربي أسوة بالريف الشرقي، ولكن قياديي الريف الغربي رفضوا مشاركة النظام القتال شمال غربي سوريا، الأمر الذي أفشل مشروع امتداد “اللواء الثامن” للريف الغربي، بحسب ما نقله مراسل عنب بلدي عن مقاتلين سابقين في فصائل المعارضة بريف درعا الغربي.
وأفضى فشل الاتفاق بين فصائل الريف الغربي و”اللواء الثامن” إلى إفراغ الساحة من الفصائل العسكرية أو الأمنية التابعة للنظام أمام “الفرقة الرابعة” التي استقطبت ما يقارب ثلاثة آلاف عنصر من ريف درعا الغربي، وفرضت سيطرة على كامل مفاصله.
نفوذ ما بعد “التسوية”
انسحبت، في 4 من تشرين الثاني الحالي، أرتال تتبع لـ”الفرقة 15″ من مدينة درعا، وعادت إلى مواقعها في السويداء، وكذلك استبدلت قوات النظام عناصر تابعين للأمن السياسي بحواجز الجيش في معبر “نصيب”.
وأفاد مراسل عنب بلدي في درعا حينها، نقلًا عن قيادي سابق في المعارضة، أن ترتيبات جديدة تجري لنفوذ قوات النظام وتوزيع مناطق السيطرة، وسد الفراغ الذي خلّفه انسحاب “الفرقة الرابعة” من الريف الغربي.
وتغيرت بعدها خارطة نفوذ النظام السوري في المحافظة، إذ صار الريف الغربي يخضع لسيطرة “الأمن العسكري”، في حين يخضع الريف الشرقي لسيطرة “المخابرات الجوية”، بينما بقي الريف الشمالي تحت سيطرة “أمن الدولة”، بحسب القيادي.
وكان مقاتلو “التسويات” التابعين لـ”الفرقة الرابعة” تلقوا تبليغات، منذ نهاية أيلول الماضي، من قيادة “الفوج 666″ التابع لـ”الفرقة الرابعة” بضرورة الالتحاق بمركز قيادة الأخيرة في دمشق، مع نيّة “الفرقة” إخلاء جميع نقاطها العسكرية في المحافظة.
وتزامنت هذه التبليغات مع إخلاء النظام حواجزه الأمنية في مدينة درعا البلد، التي يرجع تشييدها إلى أكثر من سبع سنوات، رغم أن الحالة الأمنية للمحافظة بالنسبة إلى قوات النظام لا تعتبر مثالية لإخلاء الحواجز، خصوصًا مع استمرار عمليات الاغتيال ضد شخصيات محددة في المحافظة.
وأخلت قوات “الفرقة الرابعة”، في 28 من أيلول الماضي، جميع حواجزها العسكرية في قرى حوض اليرموك، إضافة إلى سرية “خراب الشحم” الواقعة على الطريق الحربي بين درعا البلد وتل شهاب، لتحل مكانها قوات حرس الحدود في السرية.
ما هي “تسويات” درعا
وشهدت محافظة درعا العديد من عمليات “التسوية” التي اقتصر بعضها على قرى معيّنة، لكن “تسوية” عام 2018 كانت شاملة لكل المحافظة بعد سيطرة قوات النظام مدعومة من روسيا على درعا عقب أعمال عسكرية استمرت نحو شهر، وانتهت في تموز 2018، إلا أنها لم تفضِ إلى السيطرة على كامل المحافظة، حيث بقي قسم كبير منها خارج نفوذ النظام، نسبيًا، حتى “تسوية” أيلول الماضي.
وجاءت “التسوية” الأخيرة، في 5 من أيلول الماضي، بعد اجتماع بين “اللجنة المركزية” الممثلة عن مدينة درعا البلد، مع نائب وزير الدفاع الروسي، أندريه كارتابولوف، عقب حملة عسكرية شنتها قوات النظام على مدينة درعا البلد استمرت لأكثر من شهرين.
وتتم عمليات “التسوية” عبر منح بطاقة عليها صورة حاملها الشخصية، ما يجعله غير مطلوب للأفرع الأمنية، ويستطيع التجول بموجبها حيث يشاء، ولكن السكان في درعا لا يثقون بهذه “التسويات”، لأن لكل فرع أمني قوانينه الخاصة، بحسب مراسل عنب بلدي في درعا.
كما يُعطى العسكري المنشق أمر مهمة صالحًا لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام “التسوية” على أن يلتحق مباشرة بقطعته العسكرية خلال هذه المدة.
وبحسب معلومات تحققت منها عنب بلدي، فإن خطوات “التسوية” تقتصر على بعض الأسئلة، منها: “هل فررت بسلاحك (في حال كان المطلوب فارًا من الجيش)؟ هل انضممت إلى فصائل المعارضة المسلحة، هل غادرت القطر بطريقة غير شرعية؟ هل تملك أي نوع من أنواع الأسلحة؟”.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد.
–