أفرجت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، المسؤولة عن سجون في شمال شرقي سوريا تضم نحو عشرة آلاف رجل على صلة بتنظيم “الدولة الإسلامية”، عن سجناء مقابل أموال بموجب مخطط “مصالحة”، وفقًا لوثائق رسمية ومقابلات أجرتها صحيفة “الجارديان” البريطانية مع مقاتلَيْن أُفرج عنهما.
وقالت الصحيفة اليوم، الاثنين 22 من تشرين الثاني، إن نسخة من استمارة الإفراج تظهر أن الرجال السوريين المسجونين دون محاكمة يمكنهم دفع غرامة قدرها 8000 دولار أمريكي إلى قسم المالية في “قسد”، ليتم إطلاق سراحهم.
وكجزء من الصفقة، يوقع السجناء المفرَج عنهم بيانًا يتعهدون فيه بعدم الانضمام إلى أي تنظيمات مسلحة، وترك أجزاء من المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا الواقعة تحت سيطرة “قسد”.
وأضافت الصحيفة أن المقاتلَيْن، وكلاهما قاتل مع تنظيم “الدولة” حتى انهيار ما يسمى بـ”الخلافة” في آذار 2019، التقيا بزوجتيهما وأطفالهما الذين أُطلق سراحهم أيضًا من مخيم “الهول” الواقع تحت سيطرة “ٌقسد”، ثم سافرت العائلتان إلى محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام” وعبرتا الحدود إلى تركيا.
وأشارت إلى أن كلا الرجلين يعيش الآن “تحت أنظار السلطات في البلد الذي اتخذا فيه وطنهما الجديد، إذ يقول أحدهما إنه لم يقتنع أبدًا بأيديولوجية التنظيم، ويقول الآخر إنه انجذب في البداية إلى المكوّن الديني، لكنه لم يدرك أن الجماعة ستنمو لتصبح عنيفة جدًا”.
ولا يُعرف عدد الرجال “الذين تمكنوا من شراء حريتهم بهذه الطريقة”، بحسب الصحيفة، لكنّ الرجلَيْن المفرَج عنهما قدرا أن عشرة أشخاص على الأقل يعرفونهم منذ فترة وجودهم في سجن الحسكة قد غادروا بنفس الطريقة منذ تنفيذ مخطط “المصالحة” في عام 2019.
وبيّنت الصحيفة أن حوالي 8000 رجل سوري وعراقي متهمين بالانتماء إلى تنظيم “الدولة”، و2000 أجنبي آخر لم تتم إعادتهم إلى بلادهم الأصلية، محتجزون في ثلاثة سجون مكتظة تديرها “قسد” في شمال شرقي سوريا.
ودفعت “قسد” شركاءها الغربيين إلى إنشاء نظام محاكم معترف به دوليًا لتخفيف الضغط على سجونها، وفي بعض الأحيان توافق على صفقات مصالحة مع زعماء العشائر الذين يؤكدون أن السجناء ليسوا متطرفين وسيعودون إلى عائلاتهم، بحسب الصحيفة.
من جهته، نفى المتحدث باسم “قسد”، فرهاد شامي، لـ”الجارديان” أن تكون الوثيقة التي حصلت عليها، والتي قالت إن المفرَج عنهم وقعوا عليها، وثيقة رسمية، مشيرًا إلى أنه لا توجد مثل هذه الممارسة.
وقال “لقد سبق لـ(قسد) أن أطلقت سراح بعض السجناء الذين كانوا على صلة بتنظيم (الدولة) من خلال المصالحة العشائرية، لكن أيديهم لم تتلطخ بدماء المدنيين الأبرياء ولم يرتكبوا أي جرائم، كانوا إما موظفين في مكاتب يديرها التنظيم وإما أُجبروا على الانضمام إليه”.
وأضاف أن قوات الأمن تراقب الذين أُطلق سراحهم للتأكد من عدم محاولتهم العودة إلى تنظيم “الدولة”.
ورفض “التحالف الدولي” لمحاربة تنظيم “الدولة” وحليف “قسد” في المنطقة التعليق على تحقيق “الجارديان”، مشيرًا إلى أنه لا يسيطر على مرافق الاحتجاز أو مخيمات النازحين أو يديرها.
ولفتت الصحيفة إلى أن عمليات الإفراج تشكّل خطرًا أمنيًا كبيرًا داخل سوريا وخارجها، وتزيد من احتمالية عدم مواجهة الرجال الذين ارتكبوا جرائم جسيمة للعدالة الحقيقية.
وكان تنظيم “الدولة” وعد، منتصف كانون الثاني الماضي، عناصره المعتقلين في السجون بفك أسرهم.
واتهم التنظيم إدارات السجون التي يقبع بها عناصره بتعمد إهمالها طبيًا، إذ جاء في تسجيلات صادرة عنه أن هناك شكوكًا بإصابة 400 سجين بالسل، إصابة 65 منهم مؤكدة، وثمانية منهم مهددون بالوفاة، بينما سُجلت وفاة واحدة، في السجن الذي لم يذكر اسمه.
–