يواجه ملايين السوريين في مختلف أنحاء البلاد أزمة خطيرة ناجمة عن عدم توفر كميات كافية من المياه الصالحة للشرب، ما أدى لانعدام الأمن الغذائي، وتراجع سبل العيش، ودفع المزيد للهجرة بحثًا عن حياة أفضل.
وتوقّع تقرير نشره موقع “صوت أمريكا“، السبت 20 من تشرين الثاني، أن يضطر المزيد من السوريين إلى الهجرة بعد سنوات قضوها في ظل الحرب، بسبب الجفاف الحاصل، وتفشي البطالة وقلة المساعدات الإنسانية.
وقال الباحث في معهد “وودز” للبيئة بجامعة “ستانفورد” ومدير مبادرة “المياه العذبة” العالمية، ستيفن جوريليك، إن خطورة الوضع في سوريا تُعزى بدرجة كبيرة إلى تأثير التغير المناخي في المنطقة.
ويدير جوريليك برنامجًا يهدف إلى زيادة إمدادات المياه العذبة في البلدان المهددة بتغير المناخ، مثل الأردن، وأشار إلى أن نتائج عمله في الأردن قد تستخدم لتقييم ندرة المياه في دول الشرق الأوسط الأخرى، مثل سوريا.
وبيّن أن موجات الجفاف تحدث بانتظام في سوريا، وغيرها من بلدان المنطقة المعروفة بمناخها شبه الجاف بشكل طبيعي، لكن الأمور تفاقمت بسبب التغيرات المناخية الأخيرة.
وسوف تشهد العديد من دول الشرق الأوسط توترات قد تمتد لفترات طويلة من الزمن نتيجة قلة المياه، وفق ما أكد جوريليك.
عقبة أمام عودة الحياة لطبيعتها
المتحدثة باسم المكتب الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، رولا أمين، أشارت من جانبها إلى أن محطات معالجة المياه والصرف الصحي، الضرورية للحفاظ على إمدادات المياه الصالحة للاستهلاك البشري، معطلة في سوريا بنسبة 50%.
وأوضحت أن الوضع الحالي يختلف بشكل جذري عن عام 2011، إذ كان ما يزيد عن 90% من السكان يحصلون على المياه الصالحة للشرب.
وتُشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما لا يقل عن 12.4 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي وسيزداد هذا الرقم، إلى جانب معدلات سوء التغذية، سوءًا مع الجفاف.
وقالت أمين بهذا الصدد، “لا مفر من أن تزداد الأزمة سوءًا، ونتوقع أنها ستؤدي إلى نزوح، وتضعف قدرة السكان على الاستمرار في معيشتهم”.
ولفتت أمين إلى أن أزمة المياه سوف تكون عقبة أخرى في طريق عودة السوريين إلى حياتهم الطبيعية بعد عقد من الصراع.
وأكدت على وجود حاجة ماسة إلى حلول مستدامة وطويلة الأجل تلبي الاحتياجات المتزايدة لسوريا، عبر الاستثمار في المشاريع التي من شأنها أن تساعد في التخفيف من تأثير أزمة المياه، مبينة أن ذلك لا يحدث في غضون شهر أو ثلاثة أشهر.
وخلصت أمين إلى أن السوريين “باتوا يشعرون بالضيق والتعب، بسبب تفشي البطالة وقلة المساعدات الإنسانية، وهذا لايترك أمامهم سوى خيارات قليلة للنجاة، وبالتالي فإن الكثير منهم سوف يسعى إلى الهجرة والخروج من البلاد”.
وتهدف خطة الأمم المتحدة الحالية لمعالجة أزمة المياه لضمان حصول 3.4 مليون شخص على المياه الصالحة للشرب، من خلال إعادة تأهيل محطات وإمدادات المياه وتحسين معالجة المياه.
كما تعمل المنظمة الأممية على معالجة انعدام الأمن الغذائي، وزيادة الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، وذلك عبر تعاون المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو).
وفي آب الماضي، حذرت منظمات إغاثة دولية، من أن ملايين الأشخاص في سوريا والعراق معرضون لخطر فقدان الوصول إلى المياه والكهرباء والغذاء، وسط ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات المياه بشكل قياسي، جراء قلة هطول الأمطار والجفاف.
وبحسب ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس” عن المنظمات، فالدولتان بحاجة إلى تحرك سريع لمكافحة النقص الحاد في المياه، كما سيؤدي الجفاف أيضًا إلى تعطيل إمدادات الكهرباء، إذ يؤثر انخفاض مستويات المياه على السدود، ما يؤثر بدوره على البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك المرافق الصحية.
وقالت المنظمات، إن حوالي 400 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية تواجه الجفاف، مضيفة أن سدين في شمالي سوريا يزوّدان ثلاثة ملايين شخص بالطاقة، يواجهان إغلاقًا وشيكًا.