كشفت صحيفة “إندبندنت” التركية أن ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، سيزور تركيا للقاء الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
ونقلت الصحيفة عن مصادر إماراتية قولها، إن من المتوقع أن يصل محمد بن زايد إلى تركيا صباح اليوم، الاثنين 15 من تشرين الثاني، لإجراء محادثات مع أردوغان.
في حين توقعت مصادر في أنقرة أن يكون ابن زايد قد وصل والتقى بالرئيس أردوغان، مشيرة إلى أن برنامج الزيارة يمتد لأسبوع، دون أن تحدد موعدًا معيّنًا ورسميًا لها، وفق الصحيفة.
بالمقابل، نشرت وكالة الأنباء العالمية “رويترز” نقلًا عن مسؤولين تركيين أن ولي عهد أبو ظبي سيزور تركيا في 24 من تشرين الثاني الحالي.
وينوي ولي عهد أبو ظبي في زيارته مناقشة قضايا عدة، خصوصًا في مجالي الاقتصاد والعلاقات الثنائية بين البلدين، ومن أبرز البنود التي ستتم مناقشتها فتح طريق تجاري بين تركيا والإمارات يمر عبر إيران من أجل اختصار مدة الرحلات التجارية، وفق صحيفة “إندبندنت”.
وتعتبر هذه الزيارة الأولى منذ عشر سنوات تقريبًا، إذ أجرى محمد بن زايد آخر زيارة رسمية إلى تركيا في شباط عام 2012، أعقبتها سنوات من الخلاف، إذ وقف البلدان على طرفي نقيض من قضايا إقليمية عدة، كما شهدت العلاقات التركية- الإماراتية توترًا متصاعدًا خلال السنوات الماضية.
حرب تصريحات بين البلدين
بدأت بوادر الأزمة بشكلها العلني، بين الجانبين التركي والإماراتي، حين أعاد وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، ثم المستشار الدبلوماسي لحاكم أبو ظبي، أنور قرقاش، في كانون الأول 2017، نشر تغريدة عبر “تويتر”، تتهم العثمانيين بالإجرام والسرقة، ورد الرئيس التركي، بأن “بعض المسؤولين في الدول العربية يهدفون من خلال معاداتهم لتركيا إلى التستر على جهلهم وعجزهم وحتى خيانتهم”، على حد تعبيره.
واستمرت هذه التصريحات المتبادلة دون أن تنخفض حدتها، وكان من أبرزها ما جاء على لسان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، في لقاء مع قناة “الجزيرة“، في تموز 2020، أن “حكومة أبو ظبي قامت بأعمال ضارة في ليبيا وسوريا، ونحن نسجل كل ما تفعل، وستتم محاسبتها في الزمان والمكان المناسبين”.
واعتبر قرقاش أن تصريح أكار يمثل “سقوطًا جديدًا لدبلوماسية بلاده”، واصفًا إياه بـ”الاستفزازي”.
الثورة السورية قضية خلاف
تقف تركيا والإمارات على طرفي نقيض بخصوص الثورة السورية، التي دعمتها أنقرة منذ انطلاقة حراكها الشعبي المطالب بإسقاط النظام، وتستضيف أكثر من 3.6 مليون لاجئ سوري على أراضيها، بينما تقيم أبو ظبي علاقات طبيعية مع النظام السوري منذ افتتاح سفارتها رسميًا في دمشق، في كانون الأول 2018.
وفي آب 2017، اتهمت الإمارات العربية المتحدة تركيا بـ”السلوك الاستعماري والتنافسي”، عن طريق “محاولة الحد من سيادة الدولة السورية”، من خلال وجودها العسكري في سوريا.
في حين تشهد العلاقات الإماراتية- السورية حالة طبيعية تجلت مؤخرًا في العديد من الاتصالات والزيارات.
إذ أجرى ولي عهد أبو ظبي اتصالًا هاتفيًا برئيس النظام، بشار الأسد، في آذار 2020، لبحث مستجدات وتداعيات انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، بحسب الإعلام الرسمي.
وفي 20 من تشرين الأول الماضي جرى اتصال بين رئيس النظام السوري ومحمد بن زايد، حول “العلاقات الثنائية بين البلدين، ومجالات التعاون الثنائي والجهود المشتركة لتوسيعها”، بحسب ما نقله موقع “رئاسة الجمهورية”.
وفي 9 من تشرين الثاني الحالي، استقبل الأسد وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، برفقة وفد رفيع المستوى، في العاصمة دمشق، في أول زيارة من نوعها منذ عام 2011.
ووصل ابن زايد إلى دمشق برفقة وزير الدولة الإماراتي، خليفة شاهين، ورئيس الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ بمرتبة وزير، علي محمد حماد الشامسي، لتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات.
وفي 11 من تشرين الثاني الحالي، وصل وزير الاقتصاد في حكومة النظام السوري، سامر خليل، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، برفقة معاون وزير الخارجية، أيمن سوسان، ووفد اقتصادي سوري مؤلف من رجال أعمال سوريين، والهدف تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين وطرح الفرص الاستثمارية في سوريا، وخاصة في قطاع الطاقة والعديد من الصناعات التي يوجد اهتمام إماراتي بها.
ليبيا وحصار قطر
تدعم أنقرة حكومة “الوفاق” المعترف بها دوليًا في ليبيا، ضد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي تدعمه حكومة أبو ظبي، رغم مشاركتها في التحالف الغربي الذي أسقط حكم القذافي.
وأسهمت أنقرة عبر الطائرات المسيّرة التركية (طائرات من دون طيار) في قلب موازين المعارك بعد تدميرها منظومة “بانتسير إس 1” الروسية، وسيطرة حكومة “الوفاق” على قاعدة “الوطية” الجوية، التي كانت تشكّل أحد أبرز المواقع الاستراتيجية في مشروع حفتر المتمثل بالدخول إلى العاصمة طرابلس.
كما انتقدت تركيا الدور الإماراتي في ليبيا، وقال وزير خارجيتها، في أيار 2020، “إذا كنت تسأل من الذي يزعزع استقرار هذه المنطقة، من الذي يجلب الفوضى، فسنقول أبو ظبي دون تردد”.
وخلال حصار قطر الذي فرضته كل من السعودية والبحرين ومصر والإمارات، في حزيران 2017، وانتهى رسميًا في كانون الثاني الماضي، بتوقيع “بيان العلا”، وقفت أنقرة إلى جانب الدوحة، ما أسفر عن تعزيز العلاقات بين الجانبين التركي والقطري، وزيادة الشرخ في العلاقة مع الإمارات.
واتخذت أنقرة منذ بداية الحصار موقفًا داعمًا لقطر، وتجلى ذلك بإمدادها بالمواد الغذائية عبر جسر جوي، بالإضافة إلى الوجود العسكري التركي في قطر، متمثلًا بقاعدة عسكرية أُقيمت في تشرين الأول 2015، في إطار محاولة الإسهام بالسلام الإقليمي، كما تقول أنقرة.
تقارب تركي- إماراتي
تأتي هذه الزيارة في تقارب شهدته العلاقات التركية- الإماراتية مؤخرًا، إذ صرّح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في آب الماضي، عقب لقائه مستشار الأمن الوطني الإماراتي، طحنون بن زايد، أن الإمارات ستجري قريبًا استثمارات كبيرة في تركيا، وأن أنقرة عقدت مع إدارة أبو ظبي خلال الأشهر الماضية مجموعة من اللقاءات، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية.
وكان الرئيس التركي تحدث تعقيبًا على الخلاف التركي- الإماراتي، “مثل هذه التقلبات يمكن أن تحصل وحصلت بين الدول، وهنا أيضًا حدثت بعض المواقف المماثلة”، كما بحث مع ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، في اتصال هاتفي، تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأشارت وكالة أنباء الإمارات (وام) إلى أن الزعيمين ناقشا خلال اتصالهما، “العلاقات الثنائية والسبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما الصديقين”.
أعلن السفير التركي لدى أبو ظبي، توجاي تونشير، عن حقبة جديدة في العلاقات بين تركيا والإمارات العربية المتحدة، مشيدًا بنمو حركة التجارة بين البلدين.
ونقلت وكالة “وام”، في 21 من تشرين الأول الماضي، عن تونشير قوله، إن مشاركة بلاده في معرض “إكسبو 2020 دبي”، “تجسّد حقبة جديدة من التعاون وتعزيز العلاقات مع دولة الإمارات”.
كما لفت تونشير إلى أن حجم التجارة بين تركيا والإمارات بلغ 8.5 مليار دولار، مشيرًا إلى أن الأشهر الستة الأولى من العام الحالي شهدت نموًا في حركة التجارة يقارب الـ100%.
–