عنب بلدي – حليم محمد
تقبل ربّات المنازل في درعا على صناعة مربى التفاح وتخزينه للشتاء المقبل، بعد ارتفاع أسعار المربيات الجاهزة في السوق المحلية، وانخفاض أسعار التفاح للعام الحالي مقارنة بالعام الماضي، كما أن لمربى التفاح نكهة يحبّذها أهالي المحافظة على موائدهم.
التفاح أوفر من القرع
بعد غسله بشكل جيد، تُقشّر “أم وسام”، من سكان مدينة طفس، التفاح وتضعه في قدر مليء بالماء، ثم تقطعه إلى مربعات صغيرة، ثم تصفّيه من الماء.
وبعد غسله، تضيف بعض النساء إلى التفاح مادة الكلس كي يحافظ على صلابة القطع، ثم يُغسل جيدًا بعد التكليس، بحسب ما شرحته “أم وسام” لعنب بلدي.
لكن السيدة الخمسينية لا تحبّذ تكليس التفاح ليحافظ على طبيعته وخلوه من المواد الكيميائية، وفق ما قالته.
ويحتاج كل كيلوغرام من التفاح إلى كمية قدرها 250 أو 300 غرام من السكّر الناعم، تُضاف قبل البدء بطهوه.
ويتطلب طهو التفاح نارًا هادئة لمدة قد تستمر لساعتين، وعند وصوله إلى درجة الغليان تُضاف إليه “عصرة” صغيرة من الليمون كي يتماسك، مع رشة قليلة من القرفة وحبة الطيب، بحسب “أم وسام”.
وتتمثل التكلفة الكبرى في صناعة المربى بسعر السكر إلى جانب تكاليف الطاقة (الغاز أو الكهرباء).
ويشهد سعر السكر ارتفاعًا ملحوظًا، إذ وصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى 2400 ليرة سورية، وهو ما دفع بعض الأسر للعزوف عن صنع المربيات.
إيمان محمد (30 عامًا)، من سكان بلدة المزيريب، قالت لعنب بلدي، إنها تفضّل التفاح لأنه حلو المذاق، ولا يحتاج إلى كميات كبيرة من السكر، أسوة ببقية المربيات كالتين والقرع.
ويبقى مربى التفاح المصنوع منزليًا الأشهى والأوفر اقتصاديًا للأسرة، بحسب إيمان، إذ لا يقل سعر كيلو المربى المُصنّع عن 5000 ليرة سورية في السوق المحلية (دولار ونصف).
ومع ذلك، فإن الصناعة منزليًا تكلّف اقتصاديًا بسبب ارتفاع أسعار الغاز، إذ وصل سعر الأسطوانة في السوق إلى 90 ألف ليرة (حوالي 25 دولارًا)، وتحتاج الأسرة إلى أسطوانة كل شهر بالحد الأدنى، في حين يمتد تاريخ التسلّم من خلال المخصصات الحكومية إلى فترة تتجاوز الثلاثة أشهر.
هذا الأمر دفع “أم وسام” إلى طهو المربى على الموقدة، لتوفير الغاز، فإذا أرادت طهوه على الغاز يصبح مكلفًا ولا جدوى من صناعته منزليًا رغم مذاقه اللذيذ، بحسب ما أوضحته.
وأصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري، قرارًا يقضي برفع أسعار أسطوانات الغاز المنزلي والصناعي، اعتبارًا من 2 من تشرين الثاني الحالي، وأصبح سعرها المدعوم 9700 ليرة بدل 3800 ليرة سورية.
وكانت الوزارة حددت، مطلع تشرين الثاني الحالي، سعر الأسطوانة خارج “البطاقة الذكية” بـ30 ألفًا و600 ليرة.
من أين يأتي التفاح
لم يكن الإقبال على صناعة مربى التفاح شائعًا العام الماضي، بحسب “أم وسام”، وذلك لارتفاع سعره، إذ بلغ سعر الكيلو الواحد 3000 ليرة سورية (حوالي دولار واحد)، بينما يتراوح سعر التفاح المخصص لصناعة المربى (الحبات الصغيرة والمضروبة بشكل خفيف) في العام الحالي بين 400 و500 ليرة.
ومصدر التفاح الذي يصل إلى درعا هو محافظة السويداء، لكنه يسلك طريقًا أطول قبل وصوله، إذ يبيع تجار السويداء التفاح إلى سوق “الهال” في دمشق، ومن بعدها يُنقل إلى درعا، ما يؤدي إلى ارتفاع سعره.
سعيد (30 عامًا) يعمل في سوق “هال” طفس، قال لعنب بلدي، “لو أن التفاح يأتي مباشرة من السويداء لانخفض سعره، ولكن حالات الخطف بين المحافظتين أثّرت على التجارة بينهما، إذ يخشى التاجر من درعا الذهاب إلى السويداء، وكذلك تاجر السويداء يخاف المجيء إلى درعا”.
وأضاف أن الحركة الطبيعية بين المحافظتين توفر في أجور النقل لقرب درعا من السويداء، كما تخفف من مضاربات التجار، أو ما يعرف بـ”الكومسيون”.
وقدّرت مديرية الزراعة في السويداء بشكل أولي إنتاج المحافظة من محصول التفاح للموسم الحالي بنحو 45 ألفًا و530 طنًا.