“وصمة” الدورة الشهرية تضاعف آلام النازحات في إدلب

  • 2021/11/14
  • 9:44 ص

دورة مياه في مخيم غشوائي شمالي إدلب- 14 تشرين الأول 2021 (عنب بلدي/هاديا المنصور)

عنب بلدي – هاديا منصور

تعتبر دورة الحيض أو ما يُعرف بـ”الطمث”، سلسلة من التغيرات التي يمر بها جسم المرأة كل شهر، وترافق هذه الفترة تغيرات جسمانية ونفسية تعيشها المرأة، غير أن الأمر يبدو أكثر تعقيدًا لدى النساء النازحات في مخيمات إدلب وشمال غربي سوريا، حيث ضعف الخدمات الطبية والأساسية، والخصوصية شبه معدومة.

وتعاني العديد من النساء والمراهقات من التعامل مع هذا التغيّر الشهري في حياتهن، ضمن مجتمع المخيمات الذي يعتبرها “وصمة” لطالما تحاول المرأة إخفاءها عن الجميع ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا.

لا مرافق عامة للاهتمام بالنظافة

علا (16 عامًا) إحدى قاطنات مخيم “الرحمة” في كللي، قالت بعد تردد وحرج وشعور بالخجل من التكلم في الموضوع، إن فترة الحيض تشكّل مشكلة لها كل شهر مع ضعف سبل العناية بالصحة والنظافة في أثناء الدورة الشهرية، جراء عدم توفر مرافق المياه والصرف الصحي الملائمة المراعية للجنس.

وتشكو علا آلام المغص التي ترافقها أول يومين، وأكثر “ما يحز في نفسها” عدم قدرتها على البوح بما تشعر به من آلام مرافقة لحدوث الحيض، حتى أمام عائلتها والمقربين إليها، نظرًا إلى “وصمة” الدورة الشهرية بالنسبة إلى المجتمع المحيط.

“أنا بحاجة إلى التحدث عما أشعر به خلال هذه الفترة من مضاعفات دون خوف من إسكاتي أو اعتبار الأمر معيبًا وغير طبيعي”، قالت الشابة لعنب بلدي.

موبوءات؟

لم تقتصر المعاناة في هذه الفترة على حياة المراهقات واليافعات، وإنما طالت النساء الأكبر سنًا، ممن يشعرن بالتوتر كلما خرجن لقصد المرافق الصحية البعيدة عن خيمتهن، وما يسببه الأمر لهن من حرج دائم.

علياء (28 عامًا)، تشكو آلام الطمث بشكل شهري منذ أن كانت في سن المراهقة، ولم تنتهِ تلك الآلام بعد الزواج وإنجاب الأطفال، كما أنها تعاني من الدورة الشهرية الغزيرة، لدرجة أنها لا تجد فوطًا ملائمة، وكثيرًا ما تظهر آثارها على ملابسها ما يسبب لها حرجًا في الخروج من خيمتها هذه المدة.

“ألبس الملابس السوداء كلما خرجت من الخيمة خوفًا من وجود تسرب، وما يسببه من فضائح وغمز ولمز من قبل قاطني المخيم الذين يستنكرون الأمر، وتنبذ المرأة التي تظهر عليها تلك الأعراض وكأنها موبوءة”، قالت علياء لعنب بلدي.

وأضافت الشابة، “نحن بحاجة فعلية للتوعية في المخيمات، وتثقيف قاطنيها أن الدورة الشهرية للمرأة ليست وصمة عار بل هي أمر طبيعي، وعلى الجميع تفهّم الأمر، وعدم التسبب في إحراج النساء أكثر مما يسببه لهن السكن في المخيم وبُعد دورات المياه، وقلة الخدمات والرعاية من حرج مضاعف”.

كيف تُعالَج الآلام؟

تحدثت الطبيبة النسائية لمى الشامي (39 عامًا) لعنب بلدي، عن التغيرات الجسدية والنفسية التي تطرأ على المرأة في مرحلة الحيض، والتي من أهمها آلام في الظهر، وصداع، وإعياء ودوار.

وأضافت أن هذه الأعراض ترافقها عادة أعراض نفسية، تتمثل في اضطرابات النوم والاكتئاب والشعور بالحزن.

وفسرت الطبيبة حدوث هذه التغيرات بالهبوط المفاجئ في مستويات البروجسترون والأستروجين، مشيرة إلى زوالها خلال عدة أيام بعد نزول الحيض وعودة الهرمونات إلى الارتفاع مجددًا.

ونصحت الشامي الفتيات والنساء بالحرص على تناول غذاء صحي، والتقليل من تناول الملح والكافيين، وتناول الأغذية الغنية بالكالسيوم، واستخدام بعض المسكّنات ما يساعد على تخفيف الانقباضات، وتغيير الفوط الصحية كل ثلاث ساعات، مع الكمادات الدافئة على البطن وممارسة المشي للتخفيف من الضغوطات النفسية.

لا بد من حد للوصمة

من جهتها، شددت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) على ضرورة التعريف بالحيض، وخلق مساحات آمنة للحديث عن الموضوع وتبادل المعرفة، الذي يعتبر جانبًا مهمًا لتمكين الفتيات والنساء وبناء احترام الذات لديهن، ووضع حد لوصمة العار التي ترافق الدورة الشهرية.

وتحدثت المنظمة عن عدم وجود مرفق أساسي لغسل اليدين لدى ثلاث من كل عشر عائلات، مع ارتفاع أعداد النازحين ممن يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في المنطقة، وممن لا يتمكنون من الحصول على المرافق الصحية والإمدادات الكافية التي تمكّن الإناث من الاعتناء بالصحة في أثناء الدورة الشهرية.

ودعت المنظمة الحكومات والجهات الفاعلة في التنمية ومنظمات المجتمع المدني للتفكير في دمج احتياجات ما أسمته “وصمة الدورة الشهرية والنظافة” في خطط التأهب التي يضعونها، وعدم إهمال هذا الجانب المهم.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع