سرطان المريء.. الرجال يصابون أكثر من النساء بثلاثة أضعاف

  • 2021/11/14
  • 10:59 ص
سرطان المريء

د. أكرم خولاني

على الرغم من أن سرطان المريء قليل الحدوث، ونادرًا ما نسمع به، فإن من الضروري التعريف بهذا المرض، إذ إن بعض أعراضه شائعة بحالات مرضية سليمة في المريء، والأعراض الواضحة لا تظهر إلا في المراحل المتأخرة من المرض، وهذا ما يؤخر التشخيص ويجعل فرص الشفاء قليلة.

ما سرطان المريء

المريء هو المجرى الذي ينقل الطعام والشراب من البلعوم إلى المعدة، ويحدث ورم المريء عندما تتحول الخلايا الطبيعية المكونة لجدار المري إلى خلايا غير طبيعية تنمو بشكل خارج عن السيطرة.

وتكون معظم أورام المريء سرطانية خبيثة، فحوالي 10% منها تتكون من ورم عضلي أملس حميد غير سرطاني يحدث على حساب العضلات الملساء المشكّلة لجدار المري، والـ90% الباقية هي أورام سرطانية خبيثة تحدث في الخلايا المبطنة للمري، والتي تقسم إلى خلايا حرشفية وخلايا غدية عنبية مفرزة للمخاط.

ويمكن أن يحدث السرطان في أي جزء من المريء، وعادة ما يظهر سرطان الخلايا الحرشفية في الثلثين العلويين للمريء، بينما يظهر السرطان الغدي العنيبي في الثلث الأسفل منه، ويميل سرطان المريء للانتقال بشكل خاص إلى العقد اللمفاوية، ولاحقًا ينتشر عبر مجرى الدم، ومن ثم بشكل خاص إلى الرئتين والكبد والعظام، إلا أن المصاب لا يصل إلى هذه المرحلة.

وسرطان المريء هو نوع نادر نسبيًا من مرض السرطان، وهو سادس أكثر أسباب الموت نتيجة السرطان شيوعًا على مستوى العالم، وتختلف معدلات الإصابة به باختلاف المواقع الجغرافية، فهو يشكّل في الدول الصناعية الغربية 2% من حالات السرطان، بينما يظهر بشكل أكبر في إفريقيا وآسيا وفي دول الكاريبي.

يصاب الرجال أكثر بثلاثة أضعاف من النساء، وغالبًا ما يظهر المرض في العقدين السادس أو السابع من الحياة.

ما أسباب حدوث سرطان المريء؟

يحدث سرطان المريء عند حدوث طفرات في الحمض النووي لخلايا المريء تجعل هذه الخلايا تنقسم بشكل خارج عن السيطرة، وتكون الخلايا الشاذة المتراكمة ورمًا يمكنه النمو وغزو الأعضاء القريبة والانتشار إلى بقية أجزاء الجسم، ورغم أن سبب حدوث هذه الطفرات غير معروف بشكل مؤكد، فإن هناك مجموعة عوامل يمكن أن تزيد احتمال الإصابة، وهي:

1- عوامل وراثية: تزداد احتمالية حدوث المرض لدى من عند عائلتهم تاريخ إصابة بسرطان المريء.

2- عوامل مرتبطة بسرطان الخلايا الحرشفية، وتشمل:

  • التدخين، يزيد التدخين احتمالية المرض بعشرة أضعاف.
  • تناول مشروبات ساخنة على درجة حرارة عالية، فقد تؤذي هذه المشروبات الطبقة المخاطية المبطنة للأمعاء بشكل حراري.
  • الإصابة بمرض في المريء، مثل تعذر الارتخاء المريئي، أو تضيق في المريء بسبب مادة كاوية، وهذه الأمراض قد تسهم في ظهور أعراض سرطان المريء بشكل أسرع.
  • التعرض للإشعاعات، وتشاهد عادة بعد العلاج الشعاعي لأورام المنصف.

عوامل أخرى، ومنها:

  • استهلاك الكحول.
  • المواد الغذائية الحاوية على النتريت (اللحوم المجففة).
  • النظام الغذائي الفقير بالخضراوات والفواكه.
  • الإصابة بالتهاب المعدة الضموري.
  • التعرض لاضطرابات أخرى تؤدي إلى ضمور معوي مثل الداء الزلاقي.

3- عوامل مرتبطة بالسرطان الغدي، أبرزها:

  • داء الارتجاع المعدي المريئي (القلس المعدي)، ويعني عودة الحمض بشكل متكرر من المعدة إلى المريء، ما يؤدي إلى خلل تنسج في أسفل المريء يسمى “مري باريت”، وتتغير الخلايا إلى خلايا سرطانية على المدى البعيد.
  • السمنة، وتزيد احتمالية حدوث سرطان المريء الغدي بأربعة أضعاف.
  • المتلازمة الاستقلابية.

ما أعراض الإصابة بسرطان المريء؟

لا تكون أعراض سرطان المريء ظاهرة بشكل واضح إلا في مراحل متأخرة، لذا يجب على الأشخاص إجراء فحوصات في حال الإحساس بوجود أي أعراض يمكن أن تهدد صحة المريء.

وقد تشمل الأعراض ما يأتي:

  • عسرة البلع (صعوبة البلع): أول الأعراض التي تظهر، تبدأ عسرة البلع مع الأطعمة القاسية كاللحوم والخضار ويكون بلع الطعام الطري والسوائل في البداية طبيعيًا، ومع تطور المرض وازدياد حجم الورم تمتد صعوبة البلع لتشمل السوائل والأطعمة الليّنة والطرية.
  • ألم في البلع: يحدث هذا العرض تقريبًا عند 20% من المرضى، ويكون شبيهًا بالحرقة وشديدًا.
  • نقصان في الوزن: يحدث نقصان الوزن بسبب التغيرات في النظام الغذائي للتأقلم مع صعوبة البلع وألم البلع، أو بسبب فقدان الشهية الناتج عن الورم.
  • اضطرابات في الجهاز الهضمي: حيث يظهر تفاقم الشعور بالحرقة وعسر الهضم، والشعور بضغط أو ألم في الصدر.
  • فقر الدم: قد يسبب سرطان المريء فقرًا في الدم الناتج عن نقصان الحديد.
  • قلس اللعاب أو الطعام: وهذا يعني تحرك هذه المواد إلى الأعلى بدلًا من الأسفل.
  • بحة في الصوت: بحيث يتغير الصوت نتيجة وجود الورم قرب الأحبال الصوتية.
  • الكحة المزمنة: نتيجة القلس.

كيف يتم التشخيص؟

أفضل الطرق لتشخيص المرض هي بالتنظير العلوي عن طريق الفم، حيث يمكن رؤية الورم بشكل مباشر وأخذ خزعات من المناطق المصابة وفحصها مخبريًا، وتؤكد الخزعة التشخيص في أكثر من 90% من الحالات، وتزداد دقة التشخيص بزيادة عدد العينات المأخوذة.

كما يمكن استخدام عدة فحوصات شعاعية للمساعدة في تشخيص المرض وتحديد مدى تغلغل الورم وانتشاره، من أهم تلك التقنيات: التصوير الطبقي المحوري، واللقمة الباريتية التي يجرى فيها تصوير بالأشعة السينية بعد ابتلاع سائل يحوي على الباريوم، واختبار حركية المريء لاستبيان تضرر عضلات المريء بسبب السرطان، وتنظير القصبات.

ما طرق العلاج؟

يشمل العلاج ناحيتين، الأولى هي علاج المضاعفات الناجمة عن الورم، والثانية هي علاج السرطان ذاته.

لذلك فإن أولى خطوات العلاج هي التأكد من أن المريض يحصل على كفايته من المواد الغذائية، ففي حال كان لدى المريض انسداد بالمريء أو كان يشكو من صعوبة البلع يتم وضع قالب داخل المريء للتأكد من أنه سالك، وبعض المرضى قد يحتاجون إلى تفميم المعدة بحيث يتم إدخال الطعام إليها مباشرة دون الحاجة إلى المرور عبر المريء.

وأما بالنسبة لعلاج السرطان فهناك عدة علاجات ممكنة، ويعتمد اختيار الطريقة العلاجية الأنسب على نوع الخلايا الموجودة في السرطان، ومرحلة السرطان، وصحة المريض بشكل عام، وهي:

  1. الجراحة: تعد الجراحة من أفضل طرق العلاج في حال كانت هناك إمكانية لإزالة الورم بشكل كامل، لكن عادة ما تكون نسبة الشفاء الكامل 20- 25%، وعادة ما يتم استئصال الورم وحافة الأنسجة السليمة حوله في حالة الأورام الصغيرة جدًا والسطحية، وقد يتم استئصال جزء من المريء (استئصال المري) والعقد اللمفاوية المجاورة ثم يتم سحب المعدة للأعلى ووصلها بالمريء المتبقي، وقد يتم استئصال جزء من المريء والجزء العلوي من المعدة (استئصال المريء والمعدة) والعقد اللمفية القريبة ووضع بديل للمريء من المعدة أو من أجزاء من الأمعاء أو القولون.
  2. العلاج الكيماوي: يتم استخدام العلاج الكيماوي لقتل الخلايا السرطانية، ويمكن استخدام الأدوية بشكل فموي أو وريدي قبل الجراحة أو بعدها، كما يتم استخدام العلاج الكيماوي بمفرده في الحالات المتقدمة أو المنتشرة للتخفيف من أعراض المرض.
  3. العلاج الإشعاعي: يتم استخدام حزمة من الموجات الإشعاعية التي تعمل على قتل الخلايا السرطانية، وغالبًا ما يتم الجمع بين العلاج الإشعاعي والكيماوي للأشخاص المصابين بسرطان المريء، وتُستخدم هذه العلاجات عادة قبل الجراحة أو أحيانًا بعد الجراحة، كما يستخدم العلاج الإشعاعي أيضًا للتخفيف من مضاعفات سرطان المريء المتقدم، كما في حالة نمو الورم بشكل كبير بما يكفي لمنع الطعام من المرور إلى المعدة.
  4. العلاج الدوائي الموجه (الاستهدافي): تركز العلاجات الدوائية الاستهدافية على نقاط ضعف محددة موجودة داخل الخلايا السرطانية، ما يؤدي إلى قتل هذه الخلايا دون التأثير على الخلايا المجاورة السليمة.
  5. العلاج المناعي: هو علاج دوائي يساعد الجهاز المناعي على محاربة الخلايا السرطانية، وذلك لأن الخلايا السرطانية تعمل على إفراز بروتينات تضعف عمل الجهاز المناعي وتزيد من صعوبة تعرفه عليها كخلايا خطيرة.

ما احتمالات الشفاء؟

تكمن صعوبات سرطان المريء في أن معظم الأعراض تظهر متأخرة، إذ إن 90% من الأورام يتم اكتشافها في المراحل المتقدمة، فكلما كان تشخيص سرطان المريء مبكرًا كان الإنذار أفضل، وإن العلاج مع احتمالات الشفاء الجيدة يكون ممكنًا فقط طالما لا توجد نقائل سرطانية في العقد اللمفية أو في أعضاء أخرى.

إن متوسط الحياة دون جراحة هو أقل من عام واحد.

حوالي 40% من أورام المريء يمكن تقييمها أنها قابلة للجراحة ويتم التعامل معها أنها قابلة للشفاء، ويبلغ معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات لهؤلاء المرضى حوالي 10- 20%.

بالمقابل، فإن الأورام غير القابلة للجراحة لأنها متقدمة أو لأنها في الثلث العلوي للمريء، عادة ما تخضع للعلاج الشعاعي والكيماوي ما ينتج عنه بنسبة 30% بقاء على قيد الحياة لمدة ثلاث سنوات.

مقالات متعلقة

  1. نسميه وجع "رأس المعدة".. الألم البطني الشرسوفي
  2. القرحة الهضمية.. اعتقادات خاطئة تجاوزها الطب
  3. يصيب الرجال ضعف النساء.. ماذا نعرف عن سرطان الكبد
  4. عرض مزعج.. لكنه لا يشير إلى حالة صحية خطيرة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية