اختلف السينمائيون.. فحُلَّت اللجنة

  • 2021/11/14
  • 10:04 ص

المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق

نبيل محمد

إذا كنت متابعًا أو على الأقل قارئًا لأخبار الإنتاج السينمائي في الداخل السوري خلال السنوات الماضية، فإنك ببساطة قادر على تسمية الأعضاء الذين ستعيّنهم وزارة الثقافة السورية كلجنة قبول في المعهد العالي للسينما، الذي استُحدث مؤخرًا في دمشق، ستقول ببساطة إن اللجنة ستتضمن باسل الخطيب كونه عميد المعهد، والمخرجَين جود سعيد وعبد اللطيف عبد الحميد على اعتبار أنهما الأكثر إنتاجًا ونشاطًا ودعمًا من قبل المؤسسة العامة للسينما، كونهما الأكثر انتماء للمنظومة السياسية، والأقدر على التحدث بلسانها بلغة الفن السابع، وتسويق مفاهيمها ورسالتها… بناء على ذلك ومن وجهة نظر الدولة، مَن سيقيّم دارس السينما في سوريا أفضل من هذه الشخصيات؟ ومَن سيمنحك كمتقدّم للدراسة في المعهد شهادة امتلاك موهبة سوى محتكري الفن هؤلاء، الذين وإن تم قبولك في المعهد، وباستمرار الحال على حاله، لا سمح الله، ستوظّف موهبتك في ظلهم، أو في ظل أبنائهم بلا شك.

ليس غريبًا أن تتضمن اللجنة الخاصة بقبول الطلاب في قسم الإخراج والمعيّنة مؤخرًا هذه الأسماء، مضافًا إليها حازم زيدان (ابن الفنان أيمن زيدان)، وربى الحلبي (ممثلة سورية حضرت في أفلام سينمائية عدة سابقًا مع المخرجين المذكورين)، لكن الغريب هو ما تسرّب من أنباء في وسائل إعلامية داخل سوريا، تشي بوجود خلافات في اللجنة، تصاعدت بين أعضائها ما أدى إلى انسحاب جود سعيد وعبد اللطيف عبد الحميد منها، وهو ما أدى فيما بعد إلى حلّ اللجنة وتشكيل لجنة جديدة لم يتم بعد البوح بأسماء أعضائها.

في ظل التكتم المرافق لما حدث، والذي يبدو أنه لم يكن في الحسبان، يرفض أحد التصريح عن المشكلة بوضوح، وتبقى علاماتها غائبة بين سطور كلمات ذات دلالات عامة قالها جود سعيد بعد انسحابه، كأن يقول إنه لم يكن على دراية بأسماء بقية أعضاء اللجنة، وإنه في هذه المرحلة غير قادر على “تحمل مسؤولية دخول مجموعة من الطلاب إلى المعهد في ظل التركيبة الحالية”، وهو ما يعني أن المشكلة هي “التركيبة”، وببساطة يمكن تعرية ما يقوله سعيد وتجريده من لباس اللباقة ونطقه بطريقة أخرى، مثلًا: “من هي ربى الحلبي أو حتى حازم زيدان ليجلسا على طاولة تقييم واحدة مع جود سعيد وعبد اللطيف عبد الحميد؟!”. لعلّ هذه الجملة وردت بشكل أو بآخر قبل انسحاب العضوين أو بعده، ولا بد أن أحدًا همس بأن كون حازم زيدان ابن أيمن زيدان، لا يعني أنه قادر على تحمل مسؤولية كتلك، هو ممثل في النهاية وليس مخرجًا، أما ربى الحلبي فهي بالأمس عملت تحت إدارة جود سعيد في ثلاثة أفلام على الأقل، لا يمكن لممثلة شابّة مثلها أن يكون لها صوت مساوٍ لصوت المخرج في ترشيح أو رفض طالب لدراسة الإخراج. لا بد أن كل ذلك قيل مرارًا وعلى أكثر من لسان، لتشب نار الخلاف وتُحلَّ اللجنة.

لم يتوقّع باسل الخطيب، المخرج الأكثر إطلاقًا للرصاص في الأفلام خلال السنوات السابقة، والأكثر تمجيدًا للجيش السوري إلى درجة نال فيها رتبة عميد للمعهد العالي للسينما، أن ينسحب المخرجان اللذان يشاركانه أو ينافسانه في التمجيد من أولى مراحل عمل المعهد المنشود، أو أن تكون أولى عقبات العمل هي عدم اتفاق الأفراد الذين صنعوا معًا أفلامًا يصعب التفريق بين مشاهدها، وكانت شبه متطابقة بمغازيها ورسائلها وحكايتها، بل وعناوينها أحيانًا، صنعوا السينما التي يريدها النظام السوري معًا خلال ما يقرب من تسع سنوات دون أدنى محاولة للتميّز أو الخروج عن النص.

هناك عقبات إذن تواجه المعهد الذي سيخرّج مخرجي السينما السوريين في المستقبل، الذين ولسوء حظهم سيتعرّضون في المعهد للجنة قبول كهذه، وأساتذة أيضًا من اللجنة ذاتها أو ما شابه، ومحتوى سينمائي غير مختلف كثيرًا عن ذلك غالبًا، ذنبهم الوحيد أنهم يحبون السينما، ولم يُتح لهم السفر لدراستها في الخارج، فاضطروا لدراستها في واحدة من مقابرها، علّ يومًا يأتي فلا تبقى كذلك.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي