منع البضائع التركية.. معركة في التصريحات والـخاسر “فقراء الحال”

  • 2015/11/16
  • 4:47 م

سامر عثمان

أثار قرار مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، منع القطاع الخاص استيراد البضائع التركية، أسوة بما فعله النظام مع القطاع العام والمشترك، عاصفة في التصريحات المتناقضة تنوعت بين النفي والتأكيد، وبين الترحيب وعدم التعليق.

البداية مع النظام

حكومة النظام عممت خلال أيلول الماضي على جميع الوزارات والجهات العامة والقطاع المشترك، منع استيراد أو شراء أي مواد أو بضائع أوتجهيزات ذات منشأ تركي.

وطلبت حينها الحكومة عدم قبول العروض التي تتضمن مواد أو بضائع أو تجهيزات يدخل في تركيبها أي مكون تركي، وذلك في المناقصات أو طلبات العروض وغيرها التي تُجرى لتأمين حاجة هذه الجهات.

بلاغ الحكومة، أتى عقب فسخ وزير النقل في حكومة النظام، غزوان رفعت خيربك، عقد متعهد الإطعام في مؤسسة الطيران العربية السورية، بسبب تقديم المتعهد للأطعمة التركية كوجبات للمسافرين عبر الخطوط الجوية السورية، الأمر الذي رفضه المسافرون “كون ذلك يساهم في دعم المنتج التركي على حساب المنتج الوطني”، بحسب صحفٍ موالية للنظام آنذاك.

الحكومة التركية تعزز المعارضة

وكانت الحكومة التركية سبقت النظام، منتصف آب الماضي، بقرارها القاضي بإدخال البضائع السورية إلى أراضيها لإعادة التبادل التجاري لكن عن طريق الحكومة السورية المؤقتة، بهدف دعمها اقتصاديًا.

وحددت البضائع والسلع السورية التي ستدخل الأراضي التركية، وعلى رأسها القطن والقمح والزيتون، على أن تتسع القائمة لاحقًا لتطال منتجات زراعية وصناعية أخرى، شريطة موافقة الحكومة السورية المؤقتة التي ستعتمد تركيا خاتمها فقط، وكل سلعة لا تحمل أوراق الحكومة المؤقتة، لن يسمح لها بدخول الأراضي التركية.

إعلام النظام يفضح حكومته

صحيفة الوطن المقربة من النظام ذكرت في 26 تشرين الأول، أن قيمة مستوردات سوريا من تركيا خلال الأشهر التسعة من العام الجاري تجاوزت 54 مليار ليرة سورية، وذلك وفقًا لبيانات صادرة عن مديرية الجمارك.

وأضافت الصحيفة أن قيمة الصادرات السورية بلغت 8.9 مليار ليرة، لتحتل تركيا المرتبة الرابعة بين الدول التي تصدر وتستورد من سوريا، منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية الربع الثالث منه.

وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، همام الجزائري، برر في اليوم ذاته الأرقام بأنه تم استيرادها قبل صدور تعميم الحكومة بمنع استيراد البضائع التركية من قبل القطاع العام والمشترك، ووقتها لم يكن يوجد ما يمنع الاستيراد من تركيا.

لكن يجب أن نوضح هنا بأن الحصة الأكبر من المستوردات في تلك الفترة كانت للقطاع العام، وجزء مهم منها كان عن طريق الخط الائتماني الإيراني، حيث تم استجرار المواد الغذائية كالزيوت والسمون وغيرها من السلع التركية المنشأ.

واعتبر الوزير حينها أنه لا يوجد أي مشكلة بالرقم المتعلق بالصادرات إلى تركيا، فكلما ارتفع كان أفضل بعملية التصدير التي تعني البيع وإدخال القطع الأجنبي للخزينة وهو المطلوب لتحسين الواقع الاقتصادي، بحسب تعبيره.

القطاع الخاص “ضحية”

مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، منع بقرار صادر عنه يوم 1 تشرين الثاني، القطاع الخاص من استيراد أو شراء أو قبول أي عرض يتضمن أي مواد أو بضائع أو تجهيزات ذات منشأ تركي.

وجاء هذا القرار، تعبيرًا عن توجه الحكومة بعد صدور قرارها بمنع استيراد البضائع ذات منشأ تركي، إلا أن بعض التجار أعلنوا عدم الترحيب به.

القرار أثار موجة استياء بين التجار، ليسارع رئيس غرفة تجارة دمشق غسان قلاع لنفيه، بالقول إن “الغرفة لا تمتلك صلاحيات لمنع استيراد أي سلعة”، موضحًا أن دورها يقتصر فقط على التقدم باقتراحات للجهات الرسمية حول التجارة الخارجية.

ويمكن تفسير كلام قلاع بعدم رضا التجار على القانون، الذي روجت له وسائل إعلام النظام بأنه قرار صادر عن الغرفة، ما اعتبره محللون اقتصاديون محاولة من النظام للظهور بأنه مع مصلحة التاجر والمواطن لتأمين السلع من أي جهة كانت.

وزير اقتصاد النظام: “ما دخلنا”

همام الجزائري ألمح لوجود نية بمنع القطاع الخاص من استيراد البضائع التركية، وقال قبل أسبوع من صدور القرار، إن حكومته لا تمانع من استيراد القطاع الخاص للبضائع التركية، وإن استيرادها يوفر القطع الأجنبي لخزينة الدولة.

وأضاف في أحد الاجتماعات أن الاقتصاد شيء والسياسة شيء آخر، في إشارة منه إلى موافقته على الاستيراد من تركيا.

من المتضرر؟

إذا تم إضافة القطاع الخاص لقائمة الممنوعين من استيراد المواد التركية، فإن الخاسر الكبير، بحسب محللين اقتصاديين، سيكون المنشآت الصغيرة التي تستورد مكونات إنتاجها من تركيا، وهي غير قادرة على استجرارها من أماكن أخرى.

واعتبر نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة السابق، نزار قباني، أن هذا الإجراء سيخلق صعوبات وعراقيل كثيرة أمام الشركات الصناعية والورش الصغيرة، مضيفًا أن هناك معامل كثيرة ستتأثر بمثل هذا الإجراء، لاعتماد عدد كبير منها على المواد الأولية القادمة من تركيا.

أخيرًا

إذا عدنا لأرقام التبادل التجاري بين سوريا وتركيا قبل انطلاق الثورة السورية، نجد أنه وصل إلى عتبة 3 مليارات دولار عام 2010.

وبحسب مكتب الإحصاء التركي ارتفعت الصادرات التركية إلى سوريا من 1.02 مليار دولار عام 2013 إلى مستوى 1.80 مليار دولار عام 2014، وهذا الأداء هو الأفضل بالنسبة للصادرات التركية إلى سوريا منذ انطلاق الثورة.

وبعد بدء الثورة ووقوف تركيا إلى جانبها، أصدر الأسد مرسومًا تشريعيًا بفرض رسم بنسبة 30% على كل المواد والبضائع ذات المنشأ والمصدر التركي المستوردة إلى سوريا.

مقالات متعلقة

اقتصاد

المزيد من اقتصاد