عنب بلدي – خالد الجرعتلي
شهد عام 2012 بداية انتشار ثقافة الألعاب لدى الشباب العرب على أنها مهنة يمكن أن يسلكها الفرد، حالها كحال أي اختصاص عمل آخر، الأمر الذي تسبب بانتشار العديد من منصات البث المباشر العربية وشركات تنظيم البطولات، مقابل جوائز مالية تكون كبيرة في بعض الأحيان.
الظاهرة دفعت ببعض الشباب والمراهقين لامتهان العمل بالألعاب، إذ تنتشر اليوم مجموعات من الشباب يشكّلون فرقًا في لعبة معيّنة، ويشاركون في البطولات المحلية والدولية التي تقام فيها، والتي تصل جوائزها المالية في بعض الأحيان إلى مئات آلاف الدولارات للفائزين بالمراكز الأولى، كما هي الحال مع فريق “SYD Gaming” الذي بلغ نهائيات بطولة لعبة “dota2″، ثم خسرها نهاية عام 2019.
ومن رواد هذا المجال من بنى خبرته في التعليق الصوتي على المباريات التي تقيمها شركات متخصصة في مجال ألعاب الفيديو، تُعرف باسم “E-SPORT”، وبات معلّقًا على المباريات الإلكترونية، ويعمل فيها موظفًا بأجور مالية تصل إلى آلاف الدولارات.
وباتت وسائل الربح المادي من هذه المهنة كثيرة وعديدة، ومنها ما يسير بتسهيل ودعم حكومي في بعض الدول العربية، ما حوّلها إلى مهنة حقيقية.
“ستريمينغ” مُربحة و”صعبة المنال”
ميزة البث المباشر هي إحدى أكثر وسائل الربح المادي من الألعاب، والتي تتيحها منصات التواصل الاجتماعي، وبدأت تنتشر عام 2019 في منصات مثل “فيس بوك” و”يوتيوب”، ومنها المنصات المستقلة كـ”تويتش”.
وهي عبارة عن عملية بث مباشر “ستريمينغ” لمنشئي المحتوى عبر هذه المنصات في أثناء لعبهم إحدى الألعاب الإلكترونية، والتي تشهد إقبالًا واسعًا في المجتمع العربي والسوري.
منشئ محتوى مثل “تربون” عبر “فيس بوك” له ملايين المتابعين، ووصلت مشاهداته على البث المباشر في أثناء مشاركته لعبة “pubg m” إلى أكثر من مئة ألف مشاهد حي.
وتعمل خاصية الربح المادي من “فيس بوك”، من خلال تبرعات المتابعين التي سجّلت أرقامًا قياسية في بعض الأحيان، إذ تبرع رجل أعمال خليجي لمنصة “G2G” بمبلغ 3000 دولار أمريكي خلال بثه المباشر للعبة فيديو.
كما حصل لاعب فرنسي، في أثناء بثه المباشر لإحدى ألعاب الـ”shooter” عبر “تويتش” على مبلغ تجاوز مئة ألف يورو.
الأمر الذي يجعل من أرباح التبرعات التي يجنيها منشئو محتوى الألعاب، أحد الأمور الرئيسة التي يطمح إليها اللاعب.
في الواقع السوري، يقتصر هوس الألعاب على ما هو مخصص للهواتف النقالة، كون خدمة الإنترنت لا تساعد في عمليات البث المباشر، كما أن أسعار أجهزة الكمبيوتر المرتفعة لا تشجع على خوض التجربة، بحسب ما قاله عمار، وهو أحد الذين حاولوا مرات عديدة إنشاء محتوى بث مباشر لكن كان للواقع السوري رأي آخر.
بيع جوائز الألعاب أشبه بـ”البورصة”
تعتبر عمليات بيع الجوائز التي قد يجنيها اللاعب مجانًا أو يشتريها داخل اللعبة، إحدى الوسائل التي يسلكها بعض اللاعبين لتحقيق أرباح إضافية، خصوصًا إذا تمكّن اللاعب من حيازة قطعة نادرة (كثياب مميزة، أو قصة شعر مميزة، أو ربما ألوان معيّنة لبعض الأسلحة في ألعاب القتال).
وتشهد منصة “ستيم” لبيع الألعاب رواجًا لعمليات تجارة الجوائز الإلكترونية، وهي المنصة الأشهر في العالم لبيع الألعاب، إذ تبيع “ستيم” قرابة 18% من الألعاب المُباعة حول العالم.
كرم (28 عامًا) وهو صاحب منصة للبث المباشر عبر العديد من مواقع الإلكترونية، منها “فيس بوك”، و”تويتش”، و”يوتيوب”، قال لعنب بلدي، إن عمليات الربح هذه أشبه بالبورصة، إذ يتعيّن عليك انتظار اختلاف سعر القطعة التي ربحتها بعد تجاوزك مرحلة معيّنة في لعبة معيّنة، لبيعها لأحد اللاعبين الآخرين الذين لم يتمكنوا من حيازتها عبر تحقيق مستوى معيّن.
ويمكن ربح هذه القطع المميزة داخل اللعبة، عن طريق فتح “صناديق الحظ” الموجودة في جميع الألعاب، أو عن طريق اجتياز مستويات ومراحل معيّنة.
ويجري عرض القطعة عبر حسابك في “ستيم” للتفاوض مع المشترين، وتبيعها لمن يدفع السعر الأعلى، بحسب كرم.
لكن ما يقيّد هذا النوع من الأرباح هو أنها لا تشمل جميع الألعاب، فهناك أنواع معيّنة من الألعاب تعطيك ميزة بيع جوائزك من داخل اللعبة.
غاية أم وسيلة للعيش
يعتقد يزن أن الأرباح المادية من الألعاب كانت في بادئ الأمر مجرد مكسب إضافي، إضافة إلى المتعة التي يحققها اللاعب من هواية يمارسها، لكن مع تردي الوضع المعيشي بالنسبة للسوريين، والوضع الاقتصادي السيئ الذي تعاني منه بعض الدول التي يوجد فيها لاجئون سوريون، بات الربح المادي هدفًا وغاية للعيش وكسب الرزق.
إذ يمكن لمن يبحث عن المكسب المادي من هذه المنصات والوسائل، أن يحقق مبالغ جيدة بفترة زمنية قصيرة.
ويعمل يزن مدير قسم لأحد المطاعم في فرنسا، إلا أنه يعود بعد انتهاء عمله إلى حاسوبه للخوض في منصات الألعاب التي تحقق الهدفين اللذين يقصدهما، وهما التسلية والمكسب المادي، الأمر الذي لا يمكن اعتباره مضيعة للوقت نوعًا ما، بحسب يزن.
ما “الرياضة الإلكترونية”
الرياضة الإلكترونية، أو “E-SPORT”، هي مفهوم صار منتشرًا بكثرة خلال السنوات القليلة الماضية، وتعتبر من أكثر أنواع الرياضات تكلفة، وتشهد مسابقات بجوائز مالية كبيرة تصل إلى ملايين الدولارات أحيانًا.
كما هي الحال في مسابقة لعبة “Dota 2”، التي أُقيمت تحت اسم “The International Dota Championship 2″، عام 2020، عندما قدمت اللجنة المنظمة ما يُعتبر أكبر مجموع جوائز في دورة تنافسية واحدة بتاريخ الرياضة الإلكترونية أو الاحترافية، إذ وصلت الجوائز إلى أكثر من 34 مليون دولار، بحسب موقع “DOTA” الرسمي.
وتعتبر ألعاب الـ“Shooter” (ألعاب إطلاق النار)، من أكثر الألعاب التي تحظى بالمشاهدات في العالم العربي، ومن أشهرها لعبة “PLAYER UNKNOWNS BATTLEGROUNDS” المشهورة باسم “ببجي”.
وبالنسبة إلى محترفي ألعاب الفيديو وإلى كثير من الهواة أيضًا، تمثّل الألعاب الإلكترونية كل حياتهم، بل يتحول الأمر إلى الإدمان، خاصة لدى من يقضي نحو 20 ساعة يوميًا في اللعب، ومنهم من يتخلى عن النوم والوجبات والدراسة.
ومع أن منظمة الصحة العالمية صنّفت الإدمان على ألعاب الفيديو كنوع من أنواع الاضطراب العقلي، في نسختها من دليل تصنيف الأمراض التي أصدرتها عام 2018، قال خبراء، إن تصنيف إدمان ممارسة ألعاب الفيديو اضطرابًا ذهنيًا “سابق لأوانه”، واعتمد على “ذعر أخلاقي”، بحسب شبكة “BBC“.
ووفقًا للمنظمة، فإن هذا الاضطراب يوصف بـ”ضعف السيطرة على الألعاب، وإعطاء أولوية متزايدة للعب الألعاب على الأنشطة الأخرى، إلى الحد الذي تنال فيه الألعاب الأسبقية على الاهتمامات الأخرى والأنشطة اليومية، واستمرار أو تصاعد اللعب رغم حدوث عواقب سلبية”.