حافلة البارسا تغوص في الرمال
عروة قنواتي
بعد مد وجزر في بحر القرار الكتالوني، وبعد أن وصلت حال النتائج للفريق الإسباني إلى مرحلة غير معقولة، أعلنت إدارة برشلونة عن إقالة المدرب الهولندي رونالد كومان من تدريب الفريق الأول، عقب الهزيمة من رايو فايكانو بهدف دون رد، مساء الأربعاء الماضي، ليدخل مشروع البناء في نادي برشلونة ضمن نفق جديد، وأي نفق؟
مضت حتى اليوم 11 جولة في الليجا الإسبانية، وانقضت مباريات الذهاب في مجموعات دوري أبطال أوروبا، وغالبًا ما كان مشجع نادي برشلونة في مثل هذا الوقت من كل موسم ينظر إلى أرقام، إن لم نقل فلكية فهي مميزة لناديه ولاعبيه، إذ يبحث المشجع عن أسمائهم بين ترتيب الهدافين، ما يجعله يحسب مسيرة الفريق في المسابقات بتواضع هذا المشجع وفهمه لكرة القدم، بعيدًا عن ظروف كرة القدم وعلم وتكتيك المستطيل الأخضر.
ما يجب التذكير به هنا أن تراكم بعض الأخطاء والتراخي في حسم أمور مهمة في النادي الكتالوني، خلال السنوات السابقة، ومنذ عهد السيد باروتوميو، ووجود ليونيل ميسي وأغلب نجوم الفريق حينها، جعل المصيبة تكبر والرهان يعلو على البناء، البناء وسط الخزائن الفارغة وقلة الحيلة الفنية والإدارية والتنظيمية وغياب المشروع، ونزيف اللاعبين النجوم ورحيلهم، وكارثة تلو الكارثة في مسألة الإصابات والغيابات.
الفريق خاض حتى اليوم 13 لقاء في المسابقتين، وبقيت له مباراة مؤجلة مع إشبيلية في الدوري ليلحق ببقية الفرق من ناحية المواجهات. سجل الفريق 16 هدفًا، منها 15 في الدوري وهدف وحيد في الشامبيونز، وتلقت شباكه 18 هدفًا، 11 منها في الدوري وسبعة في الشامبيونز.
لا وجود لاسم من برشلونة على مستوى ترتيب الهدافين من 1 إلى 5، إذ يبرز ممفيس ديباي كأبرز مسجل لبرشلونة بأربعة أهداف فقط حتى الآن.
خسر الفريق في مسابقة الدوري حتى الآن ثلاث مباريات أمام ريال مدريد وأتلتيكو مدريد ورايو فايكانو، ومباراتين في الشامبيونزليغ أمام بايرن ميونيخ وبنفيكا، وتعادل أمام قادش وبلباو وغرناطة في الليجا، ليحتل المركز التاسع على جدول الترتيب، ويلعب بشكل مترنح على فرصة المركز الثاني ضمن مجموعته في الشامبيونزليغ.
ماذا لو لم تكن هناك مرحلة بناء؟ مَن الذي يستطيع التأكيد بأن مشاركة الشباب ضمن التشكيل الرئيس للمباريات في أولويات عملية البناء؟ وإذا كانت الإدارة حتى الآن ترمي بالأوراق الاقتصادية في وجه الجماهير والصحافة، والصحافة كالعادة، وكما في كل مرة، تهاجم “بوقاحة” وبسبب ومن دون سبب، وإذا كانت الإدارة بلا مشروع ولا تثق كثيرًا بالمدرب الهولندي وتبقيه لعدم وجود البديل، والمدرب بلا خطة وبلا دعم وبلا شخصية في الأسابيع الأخيرة، واللاعبون بلا تركيز وبلا حذر في أغلب المباريات… فأين تكون وتظهر عملية البناء؟
لا أطلب هنا رحيل الإدارة ولا المدرب ولا تصريف اللاعبين… أنا هنا أشكّك بعملية البناء والتجديد في الفريق، وفي أروقة النادي، أشكّك بما يجري على أنه للظهور في المواسم المقبلة بصورة البطل العائد، أشكّك بوجود الثقة بين جميع أطراف الهيكل الكتالوني، إداريًا وتنظيميًا وفنيًا.
الجمهور في حالة انقسام، وفي كل خيبة أمل يتجهز للهجوم على الحلقة الأضعف، وهذا الدور أو هذا القميص في الفترة الحالية من نصيب الهولندي رونالد كومان، أكثر من البقرات المقدسة ومن لابورتا وفريقه.
ولكن الجمهور يبقى رغم انقسامه داعمًا للفريق، وبصرف النظر عن فهمه لكرة القدم بكل أجزائها أو بسطرين، يطالب بالنتائج وبتحسين الحالة الفنية، وغير قادر على الضغط والانقسام أكثر لمصلحة أو لضرر مسيرة الفريق.
رحيل ليونيل ميسي وبعض النجوم هدم جدارًا أساسيًا كان البارسا يحتمي خلفه في كل الفصول، وكشف الكثير من العيوب التي أثبتت أن مشروع البناء يحتاج إلى كثير من العمل والثقة والتعب، أكثر من الأسماء و”الكاريزما” والتاريخ وحضور الأساطير.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :