المتفوق الأكثر تحرّرًا وقوّة.. ماذا نعرف عن “الجيل Z”
عنب بلدي – خالد الجرعتلي
يحمل واقعنا الحاضر مسميات أو صفات لكل فئة من المجتمع، إذ أصبح كل جيل لديه تسمية مميزة، ومجموعة من السمات النمطية الملازمة له.
غالبًا ما يُنظر إلى “جيل الألفية” على أنه جيل “أصحاب الحقوق”، الذي غيّر مفهوم المجتمع عن جوانب كثيرة انطلاقًا من الحريات الجنسية، ووصولًا إلى خروجه عن العادات والتقاليد في كثير من الأحيان، وغالبًا ما يكون هناك كثير من الالتباس فيما يتعلق بتصنيف الأجيال التي ينتمي إليها كل فرد عمليًا.
ويُعرف “الجيل Z” على أنه فئة عمرية معيّنة، يعرّفها البعض وفق طريقة تفكير معيّنة، بالنظر إلى أن هذه الفئة من المجتمعات هي الأكثر انفتاحًا.
ما هو “الجيل Z”
تشير هيئة الإحصاء الكندية (Statistics Canada) إلى أن “الجيل Z” يبدأ من مواليد عام 1993، إلا أنه من المعروف على نطاق واسع أن أبناء “الجيل Z” ولدوا عمومًا بين منتصف التسعينيات من القرن الماضي ومنتصف العقد الأول من الألفية الثالثة.
وفي هذا الإطار، وصف تقرير نشره مركز “بيو للأبحاث” (Pew Research Centre) هذا الجيل بالذات بأنه “ما بعد جيل الألفية”، وذكر أن أولئك الذين يندرجون في هذه الفئة ولدوا في العام 1996 وما بعده.
يُعتبر “الجيل Z” الذي نما خلال فترة نمو رقمي سريع، بمثابة جيل “بارع جدًا” في أمور التكنولوجيا والرقميات.
إضافة إلى أن أولاد هذا الجيل لاقوا اهتمامًا كبيرًا على وسائل الإعلام مؤخرًا، بسبب آرائهم القوية فيما يتعلق بالسياسة والأحداث الجارية، وخاصة في الولايات المتحدة.
ومن الشائع عن هذا الجيل، أن أفراده يسلكون مسارًا تعليميًا مختلفًا، ما يؤهله ليتفوق على سابقيه من الناحية التعليمية والثقافية، إذ إن أفراده أقل عرضة للتسرب من المدرسة، وأكثر عرضة للالتحاق بالجامعات، بحسب “Pew Research Centre”.
وأضاف مركز الأبحاث أن من بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عامًا، الذين تسربوا من المدرسة الثانوية في عام 2018، التحق 57% منهم في كلية مدتها سنتان أو أربع سنوات.
هذا بالمقارنة مع 52% بين “جيل الألفية” في عام 2003، و43% بين أعضاء “الجيل العاشر” في عام 1987.
الجيل الأكثر “تنوعًا”
يُعد “الجيل Z” أقل احتمالًا للهجرة من جيل الألفية، إذ قال مركز “بيو للأبحاث”، إن 6% من أبناء هذا الجيل ولدوا خارج الولايات المتحدة، مقارنة بـ7% من جيل الألفية في العمر نفسه.
لكن من المرجح أن يكون أحد الوالدين لـ22% على الأقل من أبناء الجيل مهاجرًا، مقارنة بـ14% من “جيل الألفية”، حتى مع تضاؤل تدفقات الهجرة إلى الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة.
واعتبر مركز “بيو للأبحاث” أن مهاجرين جددًا سينضمون إلى صفوف “الجيل Z” في السنوات المقبلة، ونتيجة لذلك من المتوقع أن يصبح هذا الجيل بأغلبيته من غير البيض بحلول عام 2026، وفقًا لتوقعات مكتب التعداد الأمريكي.
الجيل “المختلف”
كأول جيل اجتماعي نشأ مع إمكانية الوصول إلى الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية المحمولة منذ الصغر، أُطلق على أعضاء “الجيل Z” لقب “المواطنون الرقميون”، على الرغم من أنهم ليسوا بالضرورة متعلمين رقميًا.
ويميل أفراد “الجيل Z” في بعض الدول المتقدمة إلى التصرف بـ”حسن سلوك”، والامتناع عن تناول الطعام ونفورهم من المخاطرة، على عكس ما سبقهم من الأجيال.
كما يميل أفراده إلى العيش ببطء أكثر من أسلافهم عندما كانوا في سنهم، كما أشار البحث الذي نشره مركز “بيو للأبحاث”، إلى أن المراهقين من “الجيل Z” مهتمون أكثر من الأجيال الأكبر سنًا بالأداء الأكاديمي وفرص العمل.
على الصعيد العالمي، تقول دراسات المركز التي أُجريت على حوالي ألف مراهق في أمريكا، إن متوسط سن البلوغ بين الفتيات انخفض بشكل كبير مقارنة بالقرن الـ20، مع ما يترتب على ذلك من آثار على رفاهيتهن، ومستقبلهن.
إضافة إلى ذلك، لدى المراهقين والشباب في “الجيل Z” معدلات أعلى من الحساسية والوعي والتشخيص للصحة النفسية، وهم أكثر عرضة للحرمان من النوم.
في العديد من البلدان، لديهم فرصة أفضل لتشخيصهم وعلاجهم من الإعاقة الذهنية والاضطرابات النفسية من الأجيال الأكبر سنًا.
“جيل Z” السوري
يعتقد هادي (22 عامًا)، الذي يعتبر أحد أفراد “الجيل Z”، بالعديد من الآراء السياسية المخالفة لما تشهده الحرب السورية.
وعلى الرغم من عدم اطلاعه على مفهوم “الجيل Z”، أو ما الذي من الممكن أن تعنيه هذه الكلمة، فإنه عبّر خلال حديث إلى عنب بلدي عن أن الجيل الجديد الذي نشأ خلال ثورة المعلومات يعتبر “أكثر كفاءة لإدارة شؤون الدول على سبيل المثال لا الحصر”.
اعتبر هادي خلال حديثه أن “من غير المنطقي أن تحضر شخصًا تخرّج من فرع المعلومات في الجامعة عام 1985، ليدير مؤسسة تعتمد بعملها على قطاع المعلومات عام 2020، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن يكون هذا الشخص اكتسب خبرة خلال مسيرته المهنية الطويلة، إلا أن العالم تغيّر بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة الماضية، ما شكّل فجوة في المعلومات لدى الجيل الأكبر سنًا وخصوصًا في سوريا”.
وعلى جميع الأصعدة، يعتقد هادي أن هذا العصر بات عصر الشباب، وأصبح من المطلوب “خفض سن التقاعد”، للتخلص من العادات القديمة مع ما تحمله من “وساطات، ومحسوبيات، وعشائرية، وقبلية”.
وبينما يتحدث هادي عن آرائه السياسية وعن إمكانية إصلاح ما أُفسد من قبل الحكومة، وبعيدًا عن صحة أو خطأ ما يطرحه أبناء “الجيل Z”، يتحدث آخرون ممن قابلتهم عنب بلدي ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و25 عامًا، عن التغير المناخي، وأزمة الإسكان، وعمالة الأطفال، والعديد من الأزمات التي تعاني منها مجتمعاتنا في الوقت الحالي.
تصنيف الأجيال ليس جديدًا
يشار إلى الجيل الذي سبق “الجيل Z” بمصطلح “جيل الألفية”، ينتهي عند مواليد عام 2000، ومع أن خلافًا دائمًا ما يجري عند الحديث عن التصنيفات العمرية، إلا أن جميع التصنيفات لـ”جيل الألفية” تنتهي عند عام 2000.
ويطلَق على الجيل الذي شهد بداية ثورة المعلومات، لكنه عاش طفولته قبلها، اسم “جيل طفرة المواليد”، الذي يشير إلى الارتفاع الحاد في معدلات المواليد التي لوحظت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
ووصفت الكاتبة الأمريكية سيلفيا بورتر هذه الظاهرة المثيرة للاهتمام، بأنها “طفرة”، في عمود كتبته في العام 1951 بصحيفة “نيويورك بوست”.
وفي كتاب “توقعات عظيمة: أمريكا وجيل طفرة المواليد”، الذي نُشر في العام 1980، أكّد المؤلف لاندون جونز، أن سنوات ولادة أفراد هذا الجيل تمتد بين العامين 1943 و1960.
أما الجيل الذي سبق “طفرة المواليد” فهو “الجيل الصامت”، الذي يتميز أفراده بأنهم ولدوا بين منتصف أو أواخر العشرينيات وحتى أوائل الأربعينيات.
ويذكر تقرير صادر عن “مؤسسة القرار” (Resolution Foundation) حمل عنوان “عبر البلدان.. المقارنات الدولية للاتجاهات الدولية” (Cross Countries: International Comprises of International Trends)، أن من هم في “الجيل الصامت” ولدوا بين العامين 1926 و1945.
إضافة إلى العديد من المسميات التي تطلَق على الأجيال، مثل “الجيل الضائع”، و”الجيل الأعظم”، و”الجيل X”.
ما الذي نعنيه بكلمة جيل؟
عادة ما تُصنف مجموعة من الأفراد على أنها “جيل”، وقد يعتقد البعض أن هذا التصنيف غير مفيد أو أنه مجرد كلمة يشار بها إلى فئة عمرية معيّنة، إلا أنه أثبت فائدته في فهم الخبرات والظروف والثقافة، خلال حقب زمنية مختلفة.
ويُعرَّف الجيل بأنه مجموعة من الأشخاص الذين ولدوا في نفس الفترة الزمنية، والذين يتشاركون بعض تجارب الحياة، مثل الأحداث التاريخية الكبيرة ونمط الحياة وخبراتها.
ويطلَق مسمى “الجيل” على مرحلة التعاقب الطبيعية من أب إلى ابن، ويعرّف تقليديًا على أنه متوسط الفترة الزمنية بين ولادة الآباء وولادة أبنائهم.
وبينما لم تتفق المنظمات واختصاصيو علم الاجتماع على المدة الزمنية لمصطلح “الجيل”، إلا أنها تتراوح بين 23 و30 سنة (وهي الفترة التي يتحول فيها الابن إلى أب).
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :